أودعت محكمة جنايات القاهرة اليوم الأحد، برئاسة المستشار محمد رضا شوكت حيثيات حكمها الذي أصدرته منتصف شهر سبتمبر الماضي في قضية الكسب غير المشروع المتهم فيها المستشار بهيئة قضايا الدولة ومستشار وزير الزراعة الأسبق أحمد عبد الفتاح الذي عاقبته المحكمة بالسجن 3 سنوات وتغريمه 2 مليون و856 ألف و667 جنيها وإلزامه برد مبلغ 639 ألف و376 جنيها عن نفسه، وبصفته وليا طبيعيا على ولديه القاصرين محمد ومعتز، فيما قررت المحكمة إعفاء كل من زوجتيه كريمان عبد القادر وفاطمة حامد حسن من العقوبة. وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن أحمد عبد الفتاح عمل مستشارا قانونيا لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق لسنوات طويلة، واستطاع بما لديه من قدرة على التسلق والاحتواء أن أصبح محل ثقة مفرطة من وزير الزراعة الذي اطمأن إلى كفاءته وأسند إليه الإشراف العام على الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، حيث طفا المتهم على السطح وذاع صيته باعتباره صاحب المشورة والكلمة المسموعة والمسيطر على مجريات الأمور بوزارة الزراعة. وأكدت المحكمة أن المتهم اتخذ من سلطاته الوظيفية وما يخوله له مركزه الوظيفي من إمكانيات وسيلة للاجتراء على محارم القانون، فاستغل علاقته الوطيدة بكبار المسئولين في وزارة الزراعة، واعتاد تقاضي مبالغ مالية من بعض المتعاملين مع الوزارة مقابل إنهاء وحل منازعاتهم وتظلماتهم حول مساحات الأراضي المقدم بشأنها تلك التظلمات وإبداء الرأي فيها على نحو يحقق مآربهم ومصالحهم. وأغواه حب جمع المال على العبث بالقيم والاتجار بالوظيفة العامة فسارع إلى جمع المال الحرام بغير شبع؛ سعيا وراء كسب غير مشروع، حيث تضخمت ثروته وصارت له الملايين بما لا يتناسب مع موارده ودخله الطبيعي المشروع. وأوضحت المحكمة أن المتهم استغل علاقته الأسرية والعائلية بالمتهمة الثانية كريمان كامل عبد القادر راشد وقبل طلاقها من زوجها السابق ثم زواجه بها، وكذلك زوجته الأولى فاطمة حامد حسن بأن اشترى باسميهما عقارات وفتح حسابات بالبنوك وحصل منهما على توكيلين يخولان له حق السحب والإيداع والتصرف في تلك الحسابات بمفرده، وأودع بها مبالغ مالية فوافقتاه على ذلك بقصد إخفاء ما يحصل عليه من كسب غير مشروع. وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أنها وهي بصدد تقييم ثروة المتهم السائلة والعقارية التي لديه أو تلك التي أخفاها لدى زوجتيه.. فإن عملية تقديرها حددتها المحكمة على أساس القيمة الفعلية التي وقعت وقت اقتراف الجريمة وليس وقت ضبط الواقعة، مشيرة إلى أنها أخذت في هذا الشأن بطبيعة جريمة الكسب غير المشروع من أنها جريمة وقتية وليست مستمرة؛ حيث يجب الاعتداد بوقت التملك وليس وقت الضبط والفحص كما انتهت إلى ذلك تقارير جهاز الكسب غير المشروع، خاصة أن تضخم القيمة النقدية للعقار قد يكون مرده تقلبات السوق وما نشأ عن زيادة الأسعار، وذلك لدقة تحديد ما تحصل عليه من كسب غير مشروع. وذكرت المحكمة أنها أسقطت من دائرة الكسب الحرام الأموال السائلة بالبنوك الخاصة بحسابي كل من زوجتيه والتي تعاملا عليها بشخصيهما دون توكيل ل "أحمد عبد الفتاح" بالإيداع أو السحب أو التصرف. وأكدت المحكمة أنها لم تسند إلى المتهم أو زوجتيه ملكية أموال نشأت عن كسب غير مشروع إلا استنادا إلى أدلة جازمة تصل إلى حد اليقين، وأسقطت من دائرة الكسب الحرام كل مال نقدي سائل أو عقار محل شك أو تطرق إليه الاحتمال حتى لا يغتال الحكم الجنائي ثروات الآخرين التي تكسبوها كسبا مشروعا. وأشارت المحكمة إلى أنها لم تعول على المكاتبات الصادرة عن الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق، التي خاطب بها وزير العدل ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس هيئة قضايا الدولة والتي حررت بمناسبة انتهاء انتداب وإعارة المتهم بوزارة الزراعة، والتي أكد فيها الدكتور والي إقراره بكفاءة المستشار أحمد عبد الفتاح وأهليته وحسن أدائه لأعمال وظيفته، وصمم على استمراره بالعمل مستشارا له رغم انتهاء انتدابه رسميا لوزارة الزراعة بمعرفة هيئة قضايا الدولة؛ حيث استمر في عمله مستشارا قانونيا لوزارة الزراعة في غير سياج من الشرعية. وأكدت المحكمة أن التفاتها عن مكاتبات الوزير بشأن أهلية المتهم وأدائه إنما مرجعه أن مسألة نزاهته أو أهليته أو كفاءته أمر صدر بشأنه حكم بات، كشف عن اتجاره بالوظيفة العامة واعتدائه على محارم القانون بإدانته بالحصول على الرشوة. وأوضحت المحكمة أنها استشفت من تلك المكاتبات مدى الثقة المفرطة في المتهم، والتي كان من شأنها أن حملته على الاعتقاد أنه بمنأى عن المساءلة والملاحقة والعقاب، فسولت له نفسه الخروج على القانون والاتجار بالوظيفة العامة.