جاءت مطالبة الدول الكبرى ومن بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية للصين بضرورة زيادة قيمة عملتها؛ لتجسد القلق الذى اجتاح دوائر صناعة القرار بالغرب، بشأن احتمال لجوء الدول النامية ذات الاقتصاديات الصاعدة مثل البرازيل والهند وكوريا الجنوبية إلى تقليص قيمة عملتها من أجل المنافسة بالسوق الدولية. مطالبة وتزامنت مطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية للصين بإعادة النظر فى قيمة عملتها المتدنية مع طرح خطة من جانب بنك الاحتياط الفيدرالى الأمريكى بشأن تبنى حزمة من الإجراءات، للتخفيف من التداعيات الناجمة من تدنى قيمة اليوان الصيني، تركز على طبع المزيد من الدولارات؛ لتقليص قيمة العملة الأمريكية فى ضوء إخفاق المشاركين فى اجتماعات صندوق النقد الدولى بواشنطن فى التوصل إلى اتفاق لإعادة الاستقرار المالى والنقدى إلى العالم. وفى السياق ذاته، تسعى العديد من الدول، كاليابان والبرازيل إلى تقليص سعر صرف عملتها لدعم صادراتها بالأسواق الدولية ومواجهة المنافسة الشرسة من جانب الصين. ومن جانبها أوضحت دول نامية كبرى مثل البرازيل أن "حرب العملات" أضحت حقيقة واقعة لا ينبغى تجاهلها، مشددة على أن تلك الحرب ترجع إلى رغبة غالبية الدول فى التدخل لتقليص قيمة عملاتها، وهو ما تسبب فى تشويه نظام التداول الحر للعملات. تدني ومن ناحية أخرى، أعلنت البرازيل على لسان وزير ماليتها، جيدو مانتيجا، أن أزمة "حرب العملات" ترجع إلى تدنى معدلات النمو الاقتصادى والتوظيف بالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، متهما الطرفين بإسقاط الحوافز المالية وتجاهل الإجراءات الرامية إلى زيادة معدلات الإنفاق الإستهلاكي. وفى محاولة لنزع فتيل "حرب العملات" حذر كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولى أوليفر بلاندشارد مؤخرا من احتمال لجوء مجموعة كبيرة من الدول إلى خفض قيمة علمتها، حال إحجام الصين عن الاستجابة إلى الضغوط الدولية الرامية إلى زيادة قيمة اليوان. وأوضح المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى دومينيك شتراوس أن الصين– التى تلعب دورا متناميا داخل الصندوق- تقع عليها مسئولية تتعلق بإعادة تقييم سعر صرف عملتها لدعم استقرار أسواق المال الدولية. ورغم تحذير مسئولى صندوق النقد الدولى والخبراء من التداعيات السلبية التى ستنجم حال اندلاع حرب عملات دولية، فإن الصندوق أحجم عن تحديد الحلول الفعالة، لتجاوز المأزق الناجم من تدنى عملة الصين ومساعى عدد من الدول النامية لحذو النهج الصيني. تحليل وفى السياق ذاته، اقتصر دور صندوق النقد الدولى على تحليل أسعار الصرف للعملات الرئيسية وتأثير اقتصاديات الدول الكبرى على أسعار صرف العملات على المستوى الدولي، وهو ما أثار الشكوك بشأن قدرة الصندوق على تعزيز الاستقرار المالى والنقدى فى العالم، فى الوقت الذى أقر فيه المدير التنفيذى للصندوق بإخفاق المشاركين فى اجتماعات الصندوق الأخيرة فى تبنى قرار لاحتواء حالة عدم التوازن على الساحة الاقتصادية الدولية. وفى المقابل سعى صندوق النقد الدولى إلى التنصل من مسئوليته بشأن إخفاق المشاركين فى اجتماعات الصندوق بواشنطن- التى عقدت مؤخرا- فى التوصل إلى إجراء فعال لمواجهة حرب العملات على الصعيد العالمي، حيث أوضح مديره التنفيذى أوليفر شتراوس أن المشكلة تكمن فى عدم رغبة الدول المشاركة فى الاجتماعات فى تبنى قرار فعال لدعم الاستقرار المالى والنقدى فى العالم. وحذر الصندوق من التداعيات الخطيرة التى سوف تنجم عن الإجراءات المنفردة التى تتخذها الدول سواء الكبرى أو النامية لخفض قيمة عملتها، مشددا على أن أزمة حرب العملات"عالمية وليست محلية". استغلال ومن جانبها، استغلت الدول الأعضاء بصندوق النقد الدولي، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى واليابان الاجتماعات السنوية للصندوق للمطالبة بضرورة إيجاد حلول عملية للتداعيات السلبية الناجمة عن إحجام عدد من الدول وخاصة الصين عن زيادة قيمة عملتها. وفى ذلك الصدد، أوضح خبراء اقتصاديون دوليون، ومن بينهم جوزيف شتيجليتز- الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد- أن تفادى اندلاع" حرب العملات " يقع بشكل رئيسى على عائق الصين وليس صندوق النقد الدولي، مبدين شكوكهم بشأن استجابة بكين للضغوط الدولية الرامية إلى زيادة قيمة عملتها، حال إحجام الدول الكبرى عن اتخاذ خطوات مماثلة. وفى المقابل نفت الصين- على لسان رئيس بنكها المركزي- تسببها فى أية أزمات اقتصادية دولية، منوهة إلى أنها تبذل قصارى جهدها لدعم الاستقرار المالى والنقدى على المستوى الدولي. واتهمت بكين- التى كشفت النقاب عن حزمة من الإجراءات لدعم معدلات الطلب المحلى وخفض العجز التجارى مع الولاياتالمتحدة- واشنطن بالتسبب جزئيًا فى حالة عدم التوازن المالى بالسوق الدولية؛ نتيجة تقليصها لقيمة الدولار إلا أنها فى الوقت ذاته أوضحت أن تجاوز حالة عدم التوازن فى السوق المالية الدولية يستلزم زيادة معدلات النمو الاقتصادى والتوظيف بالولاياتالمتحدة.