الطول لا يقل عن 190 سم. أجساد رياضية ممشوقة، وقمصان ضيقة تبرز العضلات النافرة بفخر. «إحنا داخلين على موسم انتخابات، وده موسم زحمة لينا». كان شندى يحيى شندى، رئيس مجلس شركة إدارة إحدى الشركات الخاصة لتوفير الحرس الشخصى قبل عدة أيام، يستقبل الضيوف من رجال الأعمال والمرشحين لعضوية مجلس الشعب، ومعه بعض أفراد الحرس الخاص. إنه حفل افتتاح الشركة الجديدة، واحدة من ثلاث شركات تعمل فى هذا المجال، فى الدور العلوى بعوامة خاصة بالعجوزة. ينشغل ثلاثة رجال أعمال خليجيين من زبائن الشركة بمناقشة أحوال المال والأعمال فى مصر، فى حين يتفرغ شندى لاستقبال ضيوفه القلائل أمام مدخل العوامة فى الدور الأرضى، حيث يجلس «البادى جاردز» يستمتعون بالشيشة والمشروبات والبوفيه المفتوح على شرفة نيلية. يقول شندى إن الشركة الجديدة تملك 3 مقار لتدريب الحرس الخاص، فى المنيل والمهندسين والبدرشين، وهناك «نستقبل الراغبين فى العمل بهذا المجال، ونشترط أن يمتلك المتقدم شهادة حسن سير وسلوك وصحيفة جنائية من وزارة الداخلية، وندربهم لمدة 6 أشهر على الأقل»، وقد تقل فترة التدريب لبعض المنضمين من ذوى الخبرات والتدريبات السابقة. يقطع شندى حديثه فجأة ليستقبل رجلا يدخل إلى العوامة مسرعا، «ده يبقى مرشح لمجلس الشعب من القاهرة»، يقولها شندى وهو يشير إلى أحد مساعديه ليصطحب الضيف إلى الدور العلوى. «بعد التدريب، البدنى الشاق على الفنون القتالية وحمل السلاح، يبدأ الحارس فى العمل لفترة بتأمين الأماكن المهمة والمناسبات، وبعد أن يكتسب خبرة مناسبة، يصبح مؤهلا لأن يكون حارسا شخصيا، ويحصل على زيادة كبيرة فى راتبه». يتحفظ شندى فى الحديث عن راتب الحارس الشخصى، وإن كان من المعروف أنه يبدأ من 6 آلاف جنيه كحد أدنى. «وفى الفترة الجاية مرشحو مجلس الشعب بيبقوا أكثر ناس محتاجين يأجروا حرسا خاصا لمنع حدوث المشاكل»، ويستعد شندى لتلبية طلبات هذا الموسم المهم بما يزيد على 400 حارس شخصى لمرشحى القاهرة والمحافظات، يقولها شندى وهو يشير بيده إلى طاولة تضم نحو 10 حراس. الاهتمام الشديد بالهندام سمة واضحة عند جميع الحرس، بين من يعتنى بشعره الطويل على شكل «ذيل حصان» يصل إلى منتصف ظهره، وآخر يزين عضلاته بوشم ذكورى خشن، وثالث يصفف شعره بكريم يجعله شديد الثبات واللمعان. إلا أن كل ذلك لا يمنع العين أن تتجاهل كل مظاهر الهندام والتزين لتنجذب لموضع ندبات وجروح قديمة فى الخد أو الرقبة أو الرأس. يؤكد شندى أن الحرس الشخصى يتعلم أيضا كيف يتعامل باحترام مع الجميع، وأن يظل صامتا أغلب الوقت «عمل الحارس الشخصى كله أسرار، والحارس الشخصى قليل الكلام». لا يهتم شندى بالانتماء السياسى للمرشحين ولا برامجهم الانتخابية فهو يوفر الحماية لمن يطلبها، لكنه لا يستطيع تأمين مرشحين متنافسين فى دائرة واحدة، «لو واحد على مقعد الفئات وواحد عمال من حزبين مختلفين ماشى، لكن متنافسين على مقعد واحد ما ينفعش». غالبية المرشحين يستأجرون أكثر من حارس واحد، ويزيد الطلب على الدوائر التى يزيد فيها أعمال الشغب، على حد قول شندى. «يعنى مثلا قصر النيل دائرة نزيهة، بيبقى عليها طلب أقل كثيرا من بولاق أو إمبابة»، التى يصفها شندى أنها مناطق شعبية وعشوائية تزيد فيها أعمال العنف، وتتميز بتزاحم المارة فى الشوارع على المرشحين رغبة فى الحديث إليهم ونقل طلباتهم الشخصية. يؤكد شندى أن الحرس الشخصى لا علاقة له بالدعاية الانتخابية أو تعليق اللافتات، مهمته الأساسية «منع المشاكل والخروج منها بأقل الخسائر» وحماية العضو نفسه. يزيد أن الحرس لا يجب أن يستخدم العنف أو القوة، لأن عقد الشركة مع المرشحين يقضى بأن تدفع الشركة مقابل شرط جزائى ضخم، إذا أثبتت تحقيقات رسمية تورط أفرادها فى أعمال شغب أو عنف، «وإحنا أكيد يهمنا اسم وسمعة الشركة». يشرف على الشركة اثنان من لواءات الشرطة المتقاعدين، طبقا لشندى، الذى يؤكد أن الشركة تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، والحرس يحصلون على السلاح الشخصى منها، «وأى مشكلة بتحصل أو أحداث عنف، نتصل بالشرطة فورا».