طالب خبراء اقتصاديون الحكومة بالتراجع عن استبدال الدعم العينى ليكون نقديا فى ظل موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة التى أفقدت النقد قيمته الحقيقية، وذلك على هامش ورشة العمل التى أقامها مركز الدراسات الاقتصادية. «أسعار الغذاء زادت بنسبة كبيرة فى الفترة الأخيرة، وتضاعف سعر الطماطم وحدها عدة مرات فى بضعة أيام، فكيف يكون الحال إذا حصلت الأسر على نقود وليس على سلع فى مثل هذه الحالة» تقول كريمة كريم، أستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر، متوقعة ألا يلبى الدعم النقدى احتياجات الأسرة الأساسية فى ظل معدلات التضخم الحالية. بينما يساهم الدعم العينى فى توفير الغذاء لشريحة كبيرة من المواطنين بغض النظر عن بعض السلبيات التى تعوق منظومة توزيع هذا الدعم برأى كريم، مشيرة إلى أن الدراسات أكدت أن 80% من الخبز المدعم فى القاهرة تصل لمستحقيها.والتحول من الدعم العينى إلى النقدى يعنى التوقف عن منح المواطنين سلعا مدعومة بكميات معينة، حسب عدد أفراد الأسر، كما يحدث حاليا بالنسبة للسلع التموينية والخبز، فى مقابل أن تمنح الحكومة المواطنين مبالغا مالية محددة شهريا أو كل شهرين لمساندتهم فى تلبية احتياجاتهم. ويطرح أنور النقيب، الأستاذ الزائر فى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، والذى يعمل منسقا علميا فى وزارة التضامن الاجتماعى سيناريو لمخاطر العمل بالدعم النقدى فى ظل ازمات مثل أزمة اسعار القمح الأخيرة، «إذا ارتفع سعر القمح كما حدث الفترة الماضية على خلفية أزمة المناخ فى روسيا وذهب المواطن ليشترى خبزا، فوجد أن سعر الرغيف منه أصبح بجنيه بدلا من خمسة قروش، فكيف سيتصرف المواطن لتلبية احتياجات أسرته من هذه السلعة الأساسية؟». مؤكدا أن رؤيته تلك خاصة به ولا تعبر عن أى جهة يرتبط بعمل معها. وتشير سلوى العنترى، رئيس إدارة البحوث فى البنك الأهلى سابقا، إلى الدور المهم للدعم العينى فى توفير الغذاء للمصريين، مدللة على ذلك بدراسة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أكدت أن 40% من السعرات الحرارية التى يحصل عليها المصريون تأتى من السلع المدعمة، «فإلى أين ستصل هذه النسبة إذا تحولنا للدعم النقدى فى ظل ارتفاع الأسعار؟». وبالرغم من أن السلع التموينية توفر للمواطن 40% من السعرات الحرارية، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن 48% من الأطفال المصريين تحت ال8 سنوات من العمر يعانون مرض الأنيميا الذى ينتج عن سوء التغذية، التى تؤدى أيضا لزيادة ظاهرة التقزم بين الأطفال المصريين عن المعدلات العالمية بنسبة 15%، «فكيف سيكون هذا الوضع إذا تم التحول للدعم النقدى؟» أضافت العنترى. وتسعى الحكومة منذ عدة أشهر إلى إصلاح منظومة الدعم بسبب تسرب نسبة كبيرة من مخصصاته إلى من لا يستحقونه بحسب رؤيتها، وقد وصلت هذه النسبة إلى 39% وفقا لآخر الإحصائيات، وتعددت الاقتراحات ما بين الإبقاء على تقديم الدعم فى صورة سلع ومنتجات كما يحدث فى نظام البطاقات التموينية، والخبز البلدى، وبين إلغائه والاعتماد على الدعم النقدى، إضافة إلى اقتراح ثالث بالخلط بين النوعين. وقد بدأت الحكومة مؤخرا فى تطبيق تجريبى لبرنامج إضافى للدعم النقدى المشروط، مؤكدة أنه لا يلغى النظام القديم، إلا أن على مصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى أكد فى ورشة العمل أن هناك ضرورة لإصلاح النظام الحالى، «لأنه الوحيد الذى يعود إلى عهد الملك فؤاد، الذى لم يتغير رغم التطورات الكبيرة فى الحياة السياسية والاقتصادية المصرية».