بركان مدينتى الذى قارب على الهدوء بعد قرار اللجنة المشكلة لبحث أزمتها عقب قرار البطلان من قبل القضاء الإدارى، سوف يجعل البنوك تعيد النظر فى التمويل الممنوح للاستثمار العقارى رغم جاذبيته خلال الفترة الماضية»، بتلك العبارة أوضح مصدر رفيع المستوى فى إدارة التمويل الشركات بأحد البنوك الكبرى، موقف البنوك من تمويل العقارى الفترة القادمة. وأضاف المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه، أن مشكلة مدينتى، «سوف تجعل البنوك تتحوط أكثر فى التمويل المقدم للاستثمار العقارى، وقد لا تستخدم الحد الأقصى المسموح به من محفظتها التمويلية والمقدر بنحو 5%، مع رفع حجم مخصصتها على العميل المنتظم التى تتراوح ما بين 1-3%، لتجعلها تصل إلى 10% لتفادى الأخطار». وتبعا لمصدر مشارك فى أحد القروض التى حصلت عليها طلعت مصطفى، فإن «عدم استقرار القوانين ووضوح الرؤية فى تلك الملفات، ترعش القرار الائتمانى، كما انه قد يؤخر صرف دفعات من قروض تم الاتفاق عليها». وأوضح المصدر أن البنوك بدأت بالفعل تراجع الضمانات المقدمة من قبل شركات الاستثمار العقارى، التى أخذت بموجبها، القروض التى طالبتها، خاصة القروض المشتركة، مع عدم وضوح على الموقف القانونى لتلك الشركات. كان من أبرز القروض التى تم ترتيبها فى الفترة الأخيرة للشركات العقارية، ما حصلت عليه شركات بالم هليز التى يثار الجدل بشأن بعض الأراضى التى حصلت عليها، مع إمكانية تكرار أزمة أرض مدينتى معها، فقد حصلت بالم هيلز على 500 مليون جنيه من بنك مصر، و567 مليون جنيه من التجارى الدولى وثمانية بنوك لأحد مشاريعها. وهو ما ينطبق على شركة السادس من أكتوبر «سوديك»، التى تسعى فى الوقت الحالى للحصول على قروض تصل إلى مليار جنيه، واقتربت من الحصول بالفعل على نحو 350 مليون جنيه منها بالفعل من خلال بنك الإسكندرية. كما اقتربت مجموعة طلعت مصطفى من الحصول على قرض، بقيمة 135 مليون دولار، من البنك الأهلى المتحد لتمويل صفقة الاستحواذ على كامل فندق الفورسيزونز القاهرة نايل بلازا، كما حصلت على تسهيلات ائتمانية من البنك الأهلى المصرى اقتربت من 560 مليون جنيه من إجمالى قروض مجموعة طلعت مصطفى المقدرة بنحو 2.5 مليار جنيه. وبحسب المصدر، قامت البنوك، خلال الأيام الماضية، بناء على توجهات البنك المركزى بحصر قروض الاستثمارى العقارى للوقوف على المشاكل التى قد تحمل صفات متشابهة مع أرض مدينتى، موضحا أن حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان عقد بيع أرض مدينتى هو الذى دفع المركزى لإصدار مثل هذه التوجيهات. من جانبه، اعتبر حسن غانم، المدير العام الأول ومسئول ائتمان الشركات ببنك باربيا مصر، أن التحرك الأخير وتشكيل لجنة للحل المشكلة قد يصلح جزءا من الصورة السلبية التى كانت موجودة عقب قرار البطلان من القضاء الإدارى، الذى أربك قرار المستثمرين لبعض الوقت، مشيرا إلى أن البنوك التى تقوم بالتمويل العقارى، الذى يعتبر تمويلا متوسط الأجل فى أغلبه، تحتاط فى قرار المنح بشكل عام، خاصة أن الأزمة المالية كان الجزء الأكبر منها فى القروض العقارية، وهو ما جعلها مبكرا تتفادى مشاكل ذلك النوع من التمويل. وحول التمويل المستقبلى للاستثمار العقارى قال غانم إنه من الصعوبة التنبؤ بما يحدث فى المستقبل، فى ظل ما يحدث من فتح لملفات الأراضى، لكثير من الشركات العقارية، «القواعد موجودة فى الائتمان، لكن الظرف الحالى، قد يجعل البنوك أكثر تحوطا» حسب غانم. لكن محمد النادى مساعد مدير إدارة الاستثمار بالمصرف العربى الدولى يؤكد أن الأثر السلبى لقضية مدينتى سوف ينعكس على التمويل المستقبلى للاستثمار العقارى، مشيرا إلى أن كثيرا من الشركات العقارية الكبرى، كانت تتغلب على الحدود المسموح بها للاقتراض من خلال الشركات المرتبطة معها، فالقانون يفرض عدم تجاوز اقتراض العميل الواحد عن 20% والشركات المرتبطة به 25% من القاعدة الرأسمالية للبنك. وبحسب متابعين للقروض المقدمة للاستثمار العقارى، يعد البنك الأهلى المصرى من أكثر البنوك التى تتحوط فى منح قروض عقارية، مما جعل البعض يجزم أن البنك لا يقدم هذا النوع من القروض، خاصة للشركات التى حصلت على الأرض بالتخصيص ومن أهمها «بالم هيلز» و«سوديك» و«مصر الجديدة للإسكان والتعمير» و«مدينة نصر للإسكان والتعمير»، وهو ما نفاه مسئول بالبنك، مؤكدا أن البنك مستمر فى منح وتوفير القروض اللازمة لتلك الشركات دون أى تغيير ولكن بشرط توافر الشروط المطلوبة لمنح الائتمان. وحول بيع البنوك مساهماتها فى شركات الاستثمار العقارى كجزء من تفادى مشاكل ذلك القطاع، تعد مساهمة بنك مصر فى مجموعة طلعت مصطفى من أهمها وتقترب من 2.5%، قال مصدر قريب من ذلك: التخارج لا يكون بتلك السهولة ولمجرد حدوث مشكلة، تلزمه دراسات وأسباب منطقية للبيع، كان آخر تخارج تم فى ذلك القطاع، ما قام به البنك الأهلى المصرى من بيع لحصته فى شركة الإسكندرية للإنشاء التابعة لمجموعة طلعت مصطفى قبل عامين بنحو مليار جنيه.