مازلت على قناعتى الشخصية بأن أولى حلقات مسلسل انهيار مصر زراعيا بدأت فى عصر وزير الزراعة الأسبق الدكتور يوسف والى، مع خالص احترامى وتقديرى للفلاح الفصيح الحاج محمد عبدالحميد صالح برغش الذى لايزال ممتلئا بالحنين إلى عصر يوسف والى. الحاج برغش لم يعجبه أننى شخصت حالته وحالة آلاف من الفلاحين غيره بأنها «حنين إلى زمن الفساد الجميل» كنوع من الفرار من قتامة وكآبة الزمن الحالى الذى بلغت فيه أحوالنا الزراعية من الانحطاط حدا جعل فلاحين يترحمون على وزير لاحقته اتهامات بإفساد الزراعة المصرية. وتعليقا على ما كتبت يوم الخميس الماضى جاءتنى هذه الرسالة من الحاج محمد برغش أنشرها كما جاءت بقلمه الرشيق الذى يتفوق مهنيا من وجهة نظرى على أقلام عديدة تعيث فى صحف مصر كتابة. الأستاذ وائل المحترم: كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعتكم أعيش أتم السعادة فأنا وما طرحت موضوع عمودكم المحترم الذى ننتظره كل يوم ولا نهمله وأكرر القسم لك أن الزراعة والفلاح والأرض والضرع والثروة الداجنة والمناحل أيتام بؤساء فى عصر انقطعت فيه صلات الرحم يبكون ويترحمون على أيام د.يوسف والى ولك الآتى: 1 تضاعفت عشرات المرات عمليات استصلاح الأراضى الصحراوية فى كل شبر من مصر فى عهده. 2 الأبحاث التى كانت على قدم وساق لزيادة الغلة الرأسية لكل أنواع الحبوب المصرية والخضراوات والفاكهة بأنواعها. 3 إدخال وتعظيم نظم الرى الحديثة بالرش والتنقيط. 4 مصر قبل مجىء د.يوسف والى كانت تستخدم 40 ألف طن من المبيدات الحشرية، وعندما جاء للوزارة خفضها إلى 4 آلاف طن فقط. 5 كانت مصر تستخدم نظام رش المبيدات الحشرية والفطرية بواسطة الطائرات المروحية فكان يضر الإنسان والحيوان والطير ويسمم ماء الترع والمساقى فألغى هذا النظام الذى يضر كل مصر. 6 لم يترك مكانا فى مصر إلا وداسته قدمه متفقدا أحوال الفلاح والزرع والحيوان والطير والمناحل سائلا عن الحال والشكوى واضعا لها الحل والقرار فى الحال فكان ملقبا بالوزير صاحب القرار. 7 لم يزدهر وينتشر ويرقى الإرشاد الزراعى إلا فى عهده ويكتب له أنه أول من عظم طرق المقاومة الحيوية للنبات ليقلل من استخدام المبيدات. 8 تبكيه غيطان القطن والقمح والفول والذرة وكل ما زرعت الحبوب من أرض مصر ويكفى ما فعله بفرق المقاومة للقضاء مقدما بطرق المقاومة اليدوية على كل أنواع الحشرات، فلكل رجل وامرأة فى مصر خاصة من أبناء الفلاحين ذكرى عطرة مع فرق المقاومة لأنها كانت تنمى بداخلهم التعامل مع أدوات تنمية الاقتصاد الوطنى والمساهمة فيه. مع خالص تمنياتى. وتعليقا على هذه المرافعة فإننى مازلت مندهشا من هذه النوبة من الحنين المفرط إلى أيام يوسف والى، غير أنى لا أستطيع التشكيك فى صدق كلمات الحاج برغش، كما لا يمكن لأحد أن يرى فيها سوى شهادة حق على كارثية الوضع الحالى. وما دام ذلك كذلك فإننى أتمنى أن تتولى أى جهة تهمها أوضاع الفلاح المصرى أن تدعو لمؤتمر قومى حول الزراعة المصرية على مدار الثلاثين عاما الماضية، وأهيب بكل مسئولى الزراعة السابقين والأكاديميين المتخصصين أن يدلوا بدلوهم فى الكارثة التى نعيشها ويطرحوا حلولا وأفكارا قد تصلح من أفسده الأشرار الذين بوروا الأرض وأفسدوا الزرع حتى صرنا نطرق أبواب الآخرين بحثا عن الخبز. أتمنى أن أسمع شهادة رجل بعلم وقيمة الدكتور أحمد جويلى وزير الزراعة والتموين الأسبق، وأن أتعرف على شهادة الوزير الذى تولى المسئولية بعد يوسف والى مباشرة وهو الدكتور أحمد الليثى الذى تم اقتلاعه من منصبه فى ظروف مريبة.