لم يعد هناك مجال الآن لأن يمر أحدهم من أمام البارات الموجودة فى وسط البلد، ويلقى عبارة من نوعية «حسبى الله ونعم الوكيل»، تلك العبارات يتلقاها بعض العاملين فى مجال تقديم الخمور أحيانا على مدى العام من الرافضين لفكرة تقديم الخمور فى كافتيريات أو بارات مخصصة، لكن شهر رمضان يوقف تقديم الخمور وتغلق فيه أغلب البارات أبوابها تماما. هذا الشهر بالنسبة لموريس مكارى مدير كافتيريا عرابى السياحى بمثابة إجازة سنوية يبتعد فيها عن الضغوط اليومية، التى كان يتعرض لها فى غير شهر رمضان، يقول موريس: «لا يوجد قرار رسمى بإيقاف خدمة تقديم الخمور، لكنه أصبح عرفا أن أغلق فى الأعياد الدينية مثل المولد النبوى ورأس السنة الهجرية وفى شهر رمضان». يستطيع موريس أن يتقبل فكرة إغلاق الكافتيريا، التى تعتمد على تقديم الخمور منعا لأى حساسية قد تصيب البعض فى هذه الفترة، فقد شهد المحل الذى افتتح فى عام 60 تطورات عديدة حتى ظل باقيا إلى الآن، لكن ما لا يقتنع به موريس هو مشكلة أخرى يذكرها قائلا: «الضرائب تحاسبنى على أساس أنى أعمل طوال أيام السنة بما فيها شهر رمضان الذى أتوقف فيه عن العمل، وأدفع أجور العاملين، وهذه المشكلة ليست إلا جزءا بسيطا فيما نتعرض له على مدى العام من زيارات لرجال شرطة الآداب بحثا عن ضبطية إلى جانب غيرها من زيارات موظفى الحى واعتراضاتهم على رفع أى إعلان عن الخمور.. كلها مشاكل نعيشها طوال العام، ونرتاح منها فى شهر رمضان». يعتقد موريس أن جميع مقدمى الخمور يمتنعون تماما فى رمضان سواء فى البارات أو الكافتيريات أو المطاعم، لكن على أرض الواقع فالوضع يبدو مختلفا، حيث يعرض موقع على الانترنت تحت عنوان (baladibar.com البار البلدى) حصرا وخريطة لجميع البارات والأماكن التى تقدم الخمور على مدى العام، لكن لم يفت مؤسسو الموقع أن يضعوا علامة مميزة على الأماكن، التى تقدم الخمور فى رمضان دون مشاكل، وحددت أربعة أماكن، اثنان منها أندية لجاليات أجنبية والمكانان الآخران يقعان داخل مطاعم ملحقة بفنادق، وتعتمد إمكانية تقديم الخمور للزائر المصرى أثناء رمضان على مدى علاقته بالمكان فى الأساس. خاصة الأماكن التى يرتادها الأجانب، بالعودة إلى موريس وغيره من البارات فلديهم مشكلة، وهى انحصار نشاطهم فى فكرة «البار» وتقديم الخمور، على عكس أماكن أخرى مثل مقهى الحرية ذى الطابع التاريخى فى منطقة وسط البلد، حيث يقدم المقهى الخمور بتصريح رسمى، لكنه يتوقف تماما عن تقديمها فى رمضان، وحتى فى ساعات النهار يحرص على نفس الإجراء، التى تحرص عليه بعض المقاهى فى مداراة زبائنها من أعين الصائمين، يقول محب نيقولا مدير مقهى الحرية: «أحاول فى بداية رمضان أن أغلق أبوابى على سبيل الراحة وتقليل النشاط، والعمل كمقهى تقليدى بقية الشهر». يذكر عدد من العاملين فى البارات أن نسبة الخسارة ليست بالحجم الضخم، لكن الجميع يتعامل معها على أنها إجازة سنوية، يقول وجدى الكردانى رئيس غرفة المنشآت السياحية إنه لا توجد توصيات أو قرارات مصاحبة لعمل البارات تفرض حجب نشاطها فى رمضان، ويضيف: «هذا الإجراء تتخذه المحال من نفسها تماشيا مع الروح العامة لرمضان، فحتى الملاهى الليلية تغلق أبوابها، وبعض المطاعم السياحية تغير فقراتها كى تقدم رقصات فلكلورية، لكن على جانب آخر، فالأمر غير محظور لمراعاة احتمالية وجود مجموعات سياحية فى هذه المطاعم أو الفنادق». أحد العاملين فى بار وسط البلد الشهيرة ذكر قبل بدء شهر رمضان بأيام أنها فرصة سنوية للهدوء والتأمل بعيدا عن الصخب، خاصة أن زبائن بارات وسط البلد لا يتغيرون كثيرا، هم نفس الزبائن يتنقلون بين عدد من البارات، لكن فى شهر رمضان ينقطعون غالبا.