«للمرة الأولى بعد 22 عاما أشعر بأن المركز أدى رسالته ولو تم إغلاقه يكفينى الحراك الذى أحدثه ابن خلدون فى المجتمع المدنى» هكذا رد الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، على شكوى العاملين من تراجع دور المركز، الذى كان أول مكان يقصده إبراهيم فى اليوم التالى لزيارته بعد ثلاث سنوات فى المنفى الاختيارى بالولايات المتحدةالأمريكية، أمس الأول. بدا لقاء إبراهيم بالعاملين بالمركز حميميا، واحتفى العاملون به وبزوجته الدكتورة بربارة التى لم تفارقه منذ وصوله إلى القاهرة، وفرضت عليه ما يشبه الحصار الصارم لمنعه من الحديث للصحفيين، وبدا واضحا أنها تخشى من أن تتسبب تصريحاته فى مشاكل له مع النظام، ورغم هذا التقيناه فى المركز، ولم تسمح لنا د. بربارة بأكثر من 10 دقائق معه للحوار. وخلال الحوار القصير، أكد إبراهيم أن الشعب المصرى لن يقبل بالتوريث، وأنه على النظام أن يختار نائبا للرئيس ويجرى انتخابات داخلية فى الحزب الوطنى لاختيار مرشح للرئاسة إذا لم يترشح الرئيس مبارك، مشددا على أن جماعة الإخوان المسلمين ليست قوة داعمة للديمقراطية فى مصر وأنها فى ظل وضعها الحالى تدعم النظام، وامتدح إبراهيم تجربة حزب الوفد، وقال إنه يأمل فى أن يصبح الدورى السياسى العام مثل دورى كرة القدم فيه أكثر من فريق ينافس. دخلت مطار القاهرة بسلاسة، البعض قال إن هناك صفقة تمت لعودتك فما ردك على هذا؟ لا توجد صفقة، وقد سألت المدام (زوجته) فقالت لى إنها لم تتصل بأحد، ولم ترتب شيئا، واضح أن النظام أراد أن تمر العملية بسلاسة وفى هذا له الشكر، كل ما يهمنى العودة لوطنى كأى مواطن، حتى لو قمت بنشاط عام، طالما كان سلميا وفى نطاق القانون، والمفروض أن يرحب بى أو يتم التسامح، هذا ما حدث حتى الآن وأرجو أن يستمر. هل هذا يعنى أنك ستخفف من حدة انتقادك للنظام فى بعض الموضوعات؟ لا ، لم أكن أبدا حادا فى انتقاداتى، أنا أنتقد النظام المصرى كما انتقد النظام الأمريكى كرجل مثقف وداعية للديمقراطية. أنا أقيم الحكام سواء المصريين أو العرب أو الغربيين طبقا لمسطرة الديمقراطية، وليس فيها حدة أو افتراء على أحد، وعندما يكون التقييم سلبيا نقول الأسانيد التى لدينا لهذا التقييم. من ستلتقى خلال زيارتك؟ هناك بعض الشخصيات طلبت الزيارة، مثل الدكتور سيد البدوى، والدكتور يحيى الجمل، وأربعة آخرين لا أذكرهم الآن، وكانوا يريدون زيارتى فى المركز لكن المدام قالت الزيارات فى البيت وبلغناهم ونرحب بهم. ما رأيك فيما يحدث داخل حزب الوفد؟ الديمقراطية داخل الأحزاب هى ديمرقراطية لكل مصر، ونرجو أن ما حدث فى الوفد يصبح قدوة للأحزاب الأخرى، خاصة الحزب الوطنى، لأنه الحزب الحاكم والمسيطر وحزب الأغلبية. بعض الآراء تقول إن النظام يساهم فى تحسين صورة الوفد وتصويره على أنه منافس للحزب الوطنى ليلعب دور المحلل للتوريث، فما رأيك؟ قد يرغب النظام فى ذلك، لكننى أعتقد أنه سيكون هناك دائما ثلاث قوى رئيسية متنافسة فى الساحة، الحزب الوطنى والإخوان وحزب الوفد، ومنافسين أصغر، الدورى السياسى العام، مثله مثل دورى الكرة، بدلا من أن تكون الساحة للأهلى والزمالك فقط، تتسع للأهلى والزمالك والإسماعيلى، أعتقد أنها منافسة صحية ولابد من تشجيعها وأرجو أن يدخل حزب الغد وحزب الجبهة الديمقراطية المنافسة بدلا من اقتصارها على قوتين فقط، هما الوطنى والإخوان، فيصبح فيها الوفد والغد والتجمع. أنت تفترض وجود منافسة؟ أنا أتمنى أن تكون هناك منافسة، من مصلحة الحزب الوطنى ومن مصلحة الإخوان أن يكون هناك منافسة. ما تفسيرك لمن يقبل خوض اللعبة قبل تعديل قواعدها؟ الاشتراك فى لعبة معروفة النتائج مسبقا والقبول بتلك النتائج فيه إضفاء شرعية على هذه اللعبة. ما أطالب به هو أن تكون قواعد اللعبة واضحة مع وجود منافسة سياسية حقيقية، المنافسة تستدعى إجراء تعديلات فى بعض القوانين واللوائح والممارسات. التعديلات المطلوبة معروفة وقد أعلن الدكتور البرادعى عنها فى مطالبه السبعة للتغيير، وأنا أؤيدها تماما وأعتقد أنه لو استجاب النظام لهذه المطالب فسيكون فيه خير عميم للحزب الوطنى ولمصر ولقضية الديمقراطية. ورأيى ان إمكانيات الحزب الوطنى فى الفوز، فوز شريف، موجودة، وانما سيفوز مثلا ب55 الى 60% وهذا أفضل من الفوز ب80% من المقاعد فى انتخابات مطعون فى شرعيتها. فى ظل عدم استجابة النظام للمطالب فما الموقف الذى تتخذه الأحزاب؟ أنا رأيى انها تقاطع، أو تمارس عصيانا مدنيا كنوع من أنواع الضغط، وكتبت قبل ذلك سائلا البرادعى ما إذا كانت لديه الخطة (ب)، حتى ما إذا تم رفض ما يطالب به يكون جاهزا لقيادة حملة شعبية للعصيان المدنى ومازلت أكرر هذا الطلب. ما تقييمك لتجربة البرادعى؟ حتى الآن التجربة إيجابية ومن الممكن أن تكون أكثر إيجابية لو تواجد أكثر فى مصر ولو نزل الشارع أكثر و طرح الخطة باء فى حالة عدم تنفيذ المطالب السبعة. هل ترى أن سيناريو التوريث يقترب من التحقق؟ أنا ضده، وأعتقد أن معظم الشعب المصرى ضده، وأرجو ألا يتم. اذا كان النظام فيه شىء من العقلانية فينبغى ألا يمضى فى هذا الاتجاه، وأن يكون هناك نائب للرئيس وانتخابات داخلية فى الحزب الوطنى لاختيار مرشح للرئاسة إذا كان الرئيس مبارك لن يرشح نفسه. قلت من قبل إن الاخوان قوة داعمة للديمقراطية فهل مازلت تعتقد بذلك؟ حديث الإخوان عن الدولة المدنية حديث دائما فيه شئ من الميوعة، ولابد أن يكون الحديث واضحا. والنموذج التركى هو النموذج المطلوب اتباعه. ما النقاط التى تستشعر فيها الميوعة وما المطلوب منهم؟ النظام يجب أن يكون علمانيا يتم فيه المحافظة على الحقوق الدستورية لغير المسلمين بشكل واضح، بما فى ذلك الحق فى الترشيح للرئاسة وهو الأمر الذى مازال نقطة خلافية داخل الإخوان ولن يتم الاعتراف لهم بالشرعية ما لم يتم حسم هذه الأمور. هل مازال الاخوان قوة داعمة للديمقراطية؟ معرفش. ممكن يكونوا كذلك ودائما أتمنى. لو نفذوا ما أطلبه يصبحون قوة داعمة للديمقراطية. لكن فى الوضع الحالى هل يدعمون النظام أم الديمقراطية؟ يدعمون النظام. ما تعليقك على قرار تخفيض المعونة الأمريكية المخصصة للديمقراطية فى مصر من 25 مليون دولار الى 20 مليون دولار؟ هذا القرار جاء بناء على طلب مصر. إدارة أوباما لا تدعم الديمقراطية ولا أنشطة المجتمع المدنى، الحكومة الامريكية فى عهد الرئيس أوباما تحتاج النظام المصرى فى دعم عملية السلام، وواضح أن النظام المصرى يساوم على المساعدة فى مقابله ان تكف الادارة الأمريكية عن الحديث عن موضوع الديمقراطية وحقوق الانسان. هذا يعود بنا إلى ما كتبته فى أحد مقالاتك عن اشتياق القوى المطالبة بالديمقراطية لعهد بوش؟ إدارة أوباما تتعامل مع الاستبداديين العرب بشكل ودى جدا، على أمل مساعدتها فى السلام فتضحى بالديمقراطية من أجل السلام، وستكتشف بعد عامين أنها لن تطول السلام ولا الديمقراطية. هؤلاء المستبدون العرب فى الحكم منذ ثلاثين عاما ولم يتقدموا نحو السلام بوصة واحدة عما فعله الرئيس السادات، فما الذى سيجعلهم يفعلون ما لم يفعلوه طيلة ثلاثين عاما.