طالب طارق عزيز، أكثر نواب الرئيس العراقي السابق صدام حسين إخلاصا وقربا له، القوات الأمريكية بالبقاء في العراق، متهمًا الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه "سيتخلى عن العراق لحفنة من الذئاب" إذا ما انسحبت قواته منها، بينما تعاني العراق من العنف وعدم الاستقرار إلى الآن. وقال عزيز، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء العراقي، في أول مقابلة له مع صحيفة "الجارديان" البريطانية منذ سقوط بغداد منذ سبع سنوات: إن استمرار انسحاب القوات الأمريكية الآن معناه موت العراق. وأوضح عزيز أن العراق ضحية الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، ومن ثم ينبغي إصلاح كل الأخطاء التي ارتكبتها قبل الانسحاب، وإلا فستموت العراق نهائيا. تأتي تصريحات عزيز بعد أيام من إعلان الرئيس أوباما عن إنهاء قوات بلاده للعمليات القتالية في العراق بحلول نهاية أغسطس الجاري، وانسحاب الآلاف من قواته وترك العراق بشكل نهائي، الأمر الذي وصفه عزيز بقتل العراق، لأنهم سيتركونها أسوأ مما كانت عليه قبل الحرب بكثير. وأضاف عزيز أنه "على مدار ثلاثين عاما كان صدام يحاول بناء العراق، لكنها الآن مدمرة تماما، تعج بالمرضى والجوعى، ويموت مئات العراقيين كل يوم، بينما لا يجد الأحياء فيها أدنى المرافق التي تعينهم على الحياة". وأعرب عزيز عن تفاؤله في الماضي عندما تم انتخاب أوباما رئيسا للولايات المتحدة، لأنه ظن أنه سيقوم بتصحيح كل أخطاء سابقه جورج دبليو بوش، لكن أوباما أصبح "منافقا، يحاول أن يترك العراق للذئاب تنهشها"، حسبما قال عزيز. ورفض عزيز تماما أن ينتقد صدام حسين أو نظامه الحاكم السابق، مؤكدا أنه لن يستطيع أن يفعل ذلك في أقرب أصدقائه، كما أنه لن يستطيع أن ينتقد النظام وهو ما زال سجينا، "فالحكمة جزء من الحرية"، موضحا أنه سيكتب الحقيقة فقط عندما يصبح رجلا حرا. يشار إلى أن عزيز مسجون في معتقل صغير في بلدة الكاظمية شمال بغداد بعد أن سلمته القوات الأمريكية للسلطات العراقية منذ شهور. وعن صدام، قال عزيز إنه لم يكذب، ولم يغير الحقائق أو يتلاعب بها، معبرا عن احترامه وحبه العميق له، مؤكدا أن "التاريخ سيظل يذكر صدام حسين كرجل خدم بلده إلى النهاية". وأشار عزيز أنه لن يقبل أبدا ادعاءات الغرب أن صدام كان مخطئا، كما برر ذلك بأن ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا السابق، وجوردون براون أيضا أخطئوا في حق بلادهم، لكنهم لم يواجهوا أخطاءهم إلا بعد أن تركوا مناصبهم. واعترف عزيز أنه حاول إقناع صدام بعدم غزو الكويت عام 1991 لأن هذا سيؤدي بالعراق للدخول في حرب مع الولاياتالمتحدة في غضون سنوات، فضلا عن الحرب المجهدة مع إيران، لكن صدام رفض، ولم يكن أمام عزيز إلا أن يساند قرار صدام في النهاية وقتها، وقد كان ذلك قرار الأغلبية أيضا. وقال إنه حاول إقناع كل الأطراف في الأممالمتحدة وأمريكا بأن العراق لم يكن يمتلك أسلحة نووية، لكن بلا فائدة، فقد كانوا عازمين على فرض عقوبات على العراق، وكان بوش عازما على الحرب في كل الأحوال. وما عزز خطتهم هو موقف صدام الغامض الذي أصر عليه، وجعل كلا من بريطانيا وأمريكا متشككتين أكثر في وجود أسلحة دمار شامل في العراق. بعدها، حين تم القبض على صدام واستجوابه، اعترف أن هدفه الوحيد من هذا الموقف هو أن يستمر في إرباك إيران، وبالتالي تبقى الحرب معها دائما غير مؤكدة. وبرر عزيز موقف صدام السابق بأنه كان يحاول الحفاظ على كرامة العراق، و كان يحاول ألا يظهر العراق في موقف الضعيف أو المخطئ. واتهم عزيز في نهاية حواره كلا من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالكذب متعمدين على بلادهم والعالم، وأنهما يخدمان الصهيونية، وكانا يسعيان لتدمير العراق من أجل إسرائيل، وليس من أجل أمريكا وبريطانيا.