أكد خبراء فى الشأن السياسى أن تحركات جماعة الإخوان المسلمين للتنسيق مع القوى السياسية تهدف إلى رفع سقف التفاوض مع النظام للحصول على مكاسب فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، فيما دافعت الجماعة عن نفسها بالتأكيد أن هدفها من التحرك هو المساهمة فى تغيير الأوضاع السيئة التى وصلت إليها البلاد. وكانت الجماعة قد دعت عددا من ممثلى القوى السياسية والشخصيات العامة لاجتماع تشاورى يوم الثلاثاء الماضى، وانبثق عن المناقشات تشكيل 4 لجان ضغط لتحقيق ضمانات نزاهة الانتخابات.كما تبنت الجماعة حملة التوقيعات التى أطلقها الدكتور محمد البرادعى على بيان التغيير ذى المطالب السبعة. كما انضمت الجماعة قبل ذلك إلى الجمعية الوطنية للتغيير، التى تأسست بعودة البرادعى لمصر، وقبل ذلك شاركت فى تأسيس الحملة الوطنية ضد التوريث. لكن البعض، ومنهم الكاتب الصحفى صلاح عيسى، يرون أن تحالفات الإخوان عبر تاريخ الجماعة هى تحالفات انتهازية. ووصف عيسى الاجتماع الأخير الذى دعا إليه الإخوان بأنه «لعبة انتهازية صريحة» وأن الجماعة تسعى للدخول فى تحالفات أو التنسيق مع القوى السياسية لمحاولة ابتزاز النظام الحاكم، فالإخوان لديهم إحساس أن الحزب الوطنى لن يترك لهم فرصة للحصول على نفس العدد من المقاعد التى حصلوا عليها فى الانتخابات الماضية، وهم يلوحون بهذه التحالفات بحثا عن صفقة قد تدفع الحزب الوطنى أن يسمح لهم بوجود مؤثر بمجلس الشعب المقبل. وقال عيسى: «الإخوان لا يدخلون فى تحالفات، ولا فى جبهات، فهم يعتبرون أنفسهم مميزين عن بقية القوى السياسية، فكرتهم أنهم حزب الله، وحزب الله لا ينبغى التحالف مع حزب آخر».وأضاف «حياتهم السياسية مبنية على تحالفات انتهازية، هدفها الأساسى الاستفادة من الآخرين، لكى يتمكنوا من إتمام مشروعهم الذى هو ضد مشروعات الآخرين». وتابع «ما يجرى هى محاولات للظهور فى صورة أنهم قوة سياسية مدنية معترف بها، لهذا فهم حريصون أن يكونوا جزءا من كل المشروعات التى تبدو أنها جبهات أو تحالفات».ويستدعى عيسى تجربة اشتراك الإخوان فى الجبهة الوطنية للتغيير عام 2005 بقيادة الدكتور عزيز صدقى، ويقول «بمجرد أن بدأت الانتخابات، رفضوا أى شكل من أشكال التنسيق، أو مساعدة أى مرشحين من الأحزاب السياسية المعارضة، خاضوا الانتخابات فى كفر شكر بهدف إسقاط خالد محيى الدين، وتبادلوا الأصوات فى بعض الدوائر مع مرشح الحزب الوطنى». أما بخصوص دعم حملة البرادعى فهى تندرج أيضا فى إطار رفع سقف التفاوض مع النظام لزيادة مقاعدهم فى مجلس الشعب، كما يؤكد عيسى، ويرى أن الإخوان غير معنيين بانتخابات الرئاسة، فخطتهم فى المرحلة الحالية هى الحصول على المستوى الثانى، فشعار المرحلة الحالية هو المشاركة لا المغالبة، وعليه فهم حريصون على أن يصبح لهم وجود فى مجلس الشعب بنفس العدد أو يزيد قليلا، وتحركهم فى الفترة الحالية سواء مع البرادعى أو القوى السياسية الأخرى يهدف إلى مساومة الحكومة». وقال الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع: «الإخوان يشعرون بانحسار الضوء عنهم، ويحاولون جذب بعض الأضواء بالإيحاء للبرادعى ولبعض القوى السياسية أنهم قادرون على مساندتهم، والإيحاء للدولة بأنهم قادرون على تجميع قوى حولهم وهم يعرفون أن صوتهم لا يذهب إلا إليهم». واستبعد السعيد إمكانية التنسيق مع الإخوان قائلا «من حيث المبدأ نرفض وجود حزب على أساس دينى، وندرك جيدا أنهم (الإخوان) يتلاعبون بالتصريحات».مضيفا «نحن تذوقنا كل أكاذيب الإخوان على المدى التاريخى والحاضر، وعلى من يشككون فى ذلك أن يجربوا بأنفسهم». إلا أن الدكتور حسن نافعة، يختلف مع الطرح السابق ويرى أن الحديث عن انتهازية الإخوان وقيامهم بعقد صفقات من وراء ظهر من يتحالفون معهم، هو أمر يمكن أن يقال أيضا على كل القوة السياسية الأخرى.ووصف هذه الاتهامات بأنها «من أمراض النخبة التى عليها التوقف عن تبادل الاتهامات». ودافع نافعة عن الإخوان ضد الاتهامات التى توجه لهم بأنهم أفشلوا جبهة عزيز صدقى فى انتخابات 2005، وقال «كنت قريبا من الدكتور عزيز صدقى وكان يقول إن الإخوان هم أكثر من التزم فى الجبهة، بالرغم من أنه كان يختلف معهم فى الاتجاه.. فى هذه الانتخابات الإخوان كانوا جاهزين بمرشحيهم فى حين أن الأحزاب الأخرى لم تكن جاهزة». وقال نافعة «الذى ضرب جبهة 2005 وأضعفها هو حزب التجمع بشكل أساسى، وإلى حد ما نعمان جمعة، رئيس حزب الوفد آن ذاك، وليس الإخوان».وأضاف «تجربتى الشخصية مع الإخوان أنهم حين يعطون كلمة فإنهم يلتزمون بها». من جهته، دافع عصام العريان، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان، عن موقف الجماعة فى التحالفات التى دخلوا فيها مؤكدا أن عمل الإخوان مع القوى السياسية فى الوقت الحالى يستهدف الخروج بالبلد من الوضع المتردى الذى يلمسه الجميع، نافيا أن يكون الهدف من هذا العمل المشترك هو رفع سقف التفاوض للحصول على مكاسب خاصة. وقال العريان «النظام لا يتفاوض معنا. نحن نتفاوض فقط مع القوى المعارضة».وحول الاتهامات التى توجه للجماعة بعقد صفقة مع النظام فى انتخابات 2005 كما صرح مهدى عاكف مرشد الجماعة السابق فى تصريح صحفى العام الماضى، فى الوقت الذى كانت فيه الجماعة عضوا فى جبهة عزيز صدقى، قال العريان إن تصريحات المرشد السابق أسىء فهمها، فلم يكن هناك تفاوض مع النظام، وما حدث هو أن النظام قال إن الانتخابات الماضية لن يحدث فيها تدخلات أمنية سافرة، وطلبوا من الإخوان ألا يفسدوا هذا التوجه، لكنهم على أية حال (النظام) لم يلتزموا وحدثت تدخلات أمنية فى أواخر المراحل الانتخابية. وأكد العريان أن الإخوان أوفوا بما التزموا به فى الجبهة، مشيرا إلى أنه لم يكن مطلوبا من الجماعة أن تفسح الدائرة لخالد محيى الدين على اعتبار أن نجاحه كان مضمونا. وقال إن الإخوان تخلوا عن بعض الدوائر الأخرى كانت فرصهم فى النجاح فيها كبيرة. وقال عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، إن ما يقال عن الإخوان من انتهازية وتفاوض مع النظام يمكن أن ينسحب على بقية القوى السياسية الأخرى، مؤكدا أن هناك أزمة ثقة بين كل قوى المعارضة.وأشار الشوبكى إلى أنه من غير الوارد أن يتم تكوين جبهة بين القوى السياسية الحقيقية التى لديها ثقل انتخابى مثل الوفد والتجمع والإخوان، مشيرا إلى أن كلا من هذه القوى تستخدم التنسيق للحصول على مكاسب. واتفق الشوبكى فى أن عمل الإخوان مع القوى السياسية أو مع البرادعى يهدف إلى التفاوض للحصول على عدد أكبر من المقاعد فى المجلس المقبل.