«علمت ألا مكافأة حقيقية إلا فى مصر».. هكذا عقب الكاتب الكبير محمد المنسى قنديل على سؤال القراء له حول رأيه فى جائزة البوكر التى ذهبت هذا العام للروائى السعودى عبده خال، بينما كان قنديل الأقرب إليها عن روايته الأحدث «يوم غائم فى البر الغربى» (دار الشروق 2009). وقال الكاتب خلال لقاء مفتوح جمعه بقرائه قبل أيام بمكتبة (أ) بالزمالك، إن شعوره بالخسارة تبدد إثر وصوله إلى مصر، بعدما رأى النجاح الذى حققته الرواية، وتعدد طبعاتها، مؤكدا أن مكافأته الحقيقية كانت فى احتفاء القراء بهذه الرواية. وأضاف الكاتب أنه بعد انسحاب الناقدة شيرين أبوالنجا، وما جرى من خلخلة وجدل حول الجائزة كانت خسارته أمرا متوقعا، موضحا أن القائمين على البوكر هذا العام كانت لهم حسابات أخرى. وتابع قنديل قائلا: «لم يتبق فى لجنة التحكيم سوى اثنين خليجيين وكاتبة تونسية «غلبانة»، ومحكِّم مستشرق مولع بالشرق ويريد اكتشافه عبر الرواية السعودية، لذا حسمت النتيجة لصالح خال». وهو ما أكدته بحسب قنديل تصريحات طالب الرفاعى رئيس لجنة التحكيم عقب إعلان النتيجة عندما قال: «حاولنا أن نلقى الضوء على الأدب الخليجى، لأن الأدب المصرى أخذ كفايته». وامتدادا للحديث عن الجوائز أكد صاحب «انكسار الروح» أن حديثه بشأن جائزة نوبل العام الماضى، وعدم استحقاق أى من الكتاب المصريين لها، لم يكن المقصود به الانتقاص من الأدب المصرى أو رموزه الحاليين. وإنما التأكيد على أن هذه الجائزة تحتاج من العمل والتفرغ ما لا يقدر عليه الأدباء المصريون الموزعون بين الكتابة واللهاث خلف لقمة العيش، رافضا اعتبار الأديب الليبى إبراهيم الكونى أو الجزائرى «واسينى الأعرج» أحق من الكتاب المصريين بالحصول عليها. من ناحية أخرى، فاجأ صاحب «قمر على سمرقند» قراءة بإعلانه التضامن بل والامتنان لقراصنة الأدب على الإنترنت، لأنهم يمنحون القراء فرصة الاطلاع على الكتب النادرة والغالية بلا مقابل. وقال قنديل إن الإنترنت قد أعاد الثقة مرة أخرى إلى الكلمة المكتوبة، فأصبحنا نمتلك كتبا لم نحلم يوما باقتنائها مثل كتب التراث العربى العالمى وغيرها. وأضاف أنه متفائل جدا بزيادة التعامل مع الإنترنت، و«ممتن» لأصحاب المواقع الإلكترونية الذين يقومون برفع الكتب على الإنترنت ليصل إليها الجميع ولا تصبح حكرا على أحد، مبررا رأيه بالفقر الذى يعانى منه المجتمع العربى، وأننا نصارع من أجل البقاء ومن أجل الحصول على المعرفة، لذلك لا يشغله كثيرا تلك الدعاوى التى تجرم هذا العمل. أيضا تطرق الحديث مع الكاتب الكبير إلى المسرح، الذى اعتبره قنديل فنا أصعب وله ضوابطه الصارمة، وتقنياته الخاصة، معتبرا أن الرواية باتت الفن الأقرب للتعبير عن اللحظة الراهنة بكل تعقيداتها وتركيبها. وفى السياق نفسه انتقد الكاتب الحالة التى وصلت إليها السينما المصرية، موضحا أنها ابتعدت كثيرا عن الأدب وأصبحت تعتمد على النسخ المشوهة للأفلام الأجنبية، بالإضافة إلى طغيان الطابع التجارى عليها. كما تحدث الكاتب عن تجربته فى الكتابة للطفل مشيرا إلى أنها بدأت بعد إنجابه طفلته الأولى «مريم» التى كان مضطرا لأن يروى لها يوميا حكاية جديدة قبل النوم ثم قام بتسجيل هذه الحكايات فى كتاب، ووصفها قنديل بأنها محاولة إحداث التوازن المفقود فى حياتنا التى يضغط عليها صراع دائم نعيشه فى حياة الكبار. جدير بالذكر أن هذا اللقاء الذى يعد الأول للكاتب عقب عودته مؤخرا من كندا، قد شهد حديثا مطولا حول السياسة، لخص خلاله الكاتب أزمة مصر فى أن: «حكام مصر كانوا دائما أقل من قدرها بكثير ولذلك يخرجون أسوأ ما فينا»، متذكرا حقبة الرئيس عبدالناصر التى قال إنها أثبتت أن الرضا والخنوع اللذين وسما هذه الفترة كان مصدرهما الأساليب البوليسية التى مورست على المصريين.