مجلس أمناء الحوار الوطني يتوجه بالشكر للرئيس السيسي لاهتمامه البالغ بالحوار    بالأسماء، ترشيحات نقابة الصحفيين لممثليها في عضوية الأعلى للإعلام والوطنية للصحافة    آخر فرصة للتقديم.. وظائف خالية بجامعة الفيوم (المستندات والشروط)    الأكاديمية العسكرية المصرية تحتفل بتخرج الدفعة الأولى (ب) من المعينين بالجهات القضائية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية    الكلية العسكرية التكنولوجية تستقبل وفدًا من جامعة العلوم للدفاع الوطنية الصينية    محافظ قنا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد    محافظ كفرالشيخ يشهد احتفالية الأوقاف بالعام الهجري الجديد    وزير التموين: نبحث تحويل الدعم العيني ل نقدي وتحديد الفئات المستحقة    محافظ كفر الشيخ يتفقد المشروعات التنموية والخدمية الجارى تنفيذها.. صور    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 7 يوليو 2024    سعر الفراخ البيضاء يتراجع وكرتونة البيض ترتفع بالأسواق اليوم الأحد 7 يوليو 2024    وزير التموين: التسعيرة الجبرية ليست حلا.. ونعمل على زيادة الدعم في الموازنة المقبلة    72 ألف متر مربع.. كل ما تريد معرفته عن ميناء الصيادين بسفاجا    اتحاد الصناعات: الحكومة السابقة بذلت جهودا في مناخ صعب ومشكلات كثيرة    عمرو موسى: مصر تتبنى القضية الفلسطينية منذ بدايتها    موعد مباراة هولندا ضد إنجلترا في نصف نهائي يورو 2024    سقوط شهداء ومصابين.. غارة إسرائيلية تستهدف عدة أحياء بغزة    استشهاد عنصر في حزب الله بغارة إسرائيلية على شرق لبنان    فاجعة تضرب الكرة المغربية.. غرق لاعبين بنادي اتحاد طنجة بعد انقلاب قاربهم    شاهد بالبث المباشر منتخب البرازيل اليوم.. مشاهدة منتخب البرازيل × الأوروجواي Twitter بث مباشر دون "تشفير" | كوبا أمريكا 2024    أحمد دياب يرد على شقيق أحمد رفعت ويكشف دور رابطة الأندية في أزمة اللاعب    نادر شوقي يفجر مفاجأة بشأن وفاة أحمد رفعت    يورو 2024| مواعيد مُباريات دور نصف النهائي لبطولة أمم أوروبا    عام واحد.. رئيس نادي مودرن سبورت يحدد مصير راتب أحمد رفعت بعد وفاته    الطبيب المعالج يكشف ملابسات وفاة أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    جمال علام: وفاة أحمد رفعت صادمة لجميع المنظومة.. وأجهزة صدمات القلب موجودة    وفاة مسن ضربه أبناء شقيقه بعصا على رأسه في الغربية    النيابة العامة تستدعي شيرين عبدالوهاب بسبب طليقها حسام حبيب    الذكرى السابعة ل«ملحمة البرث».. حين أفشل منسي ورجاله مخططات الإرهاب    رسميًا.. الحكومة تُحدد موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2024 في مصر (فيديو)    إصابة 16 شخصًا في انقلاب سيارة بأسوان    استدعاء شيرين عبدالوهاب للتحقيق في بلاغها ضد حسام حبيب بضربها    حظك اليوم برج القوس الأحد 7-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هشام ماجد وهنا الزاهد يعيدان فيلم «البحث عن فضيحة» برعاية تركي آل الشيخ    مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة.. صور    «اللي له حق عندي يسامحني».. تعليق نشوى مصطفى بعد نجاتها من حادث خطير بسيارتها    فضيحة تضرب أشهر ماركات الحقائب.. إطلالات مئات الآلاف سعرها لا يتجاوز ال3 آلاف جنيه    اليوم غرة محرم.. العام الهجري الجديد 1446    عاجل.. رئيس مودرن سبورت يكشف تفاصيل عقد أحمد رفعت وقيمة راتبه المستحق لأسرته    احذروا.. تناول هذه الإضافات في الآيس كريم قد يشكل خطراً على الصحة    طبيب اللاعب أحمد رفعت يكشف تفاصيل حالته الصحية قبل وفاته    تعرف على أبرز مطالب مواطني الإسكندرية من المحافظ الجديد    ضبط 3 بلطجية المتهمين بالتعدي على شاب في المرج    «الطرق والمستشفيات والتعليم والقمامة».. ملفات على طاولة محافظ المنوفية بعد تجديد الثقة    مقتل شخصين إثر قصف روسي على مبانٍ في خيرسون الأوكرانية    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو وصفقة مع "حماس"    صحيفة أمريكية: الإيرانيون ينتخبون أول رئيس إصلاحي منذ عقدين    سبّ وضرب في اللايف.. كواليس خناقة داخل مستشفى بأكتوبر    حدث بالفن| حسام حبيب يعتدي بالضرب على شيرين عبد الوهاب ونجوم الفن ينعون اللاعب أحمد رفعت    البحث ما زال مستمرا.. غرق قارب يقل 3 لاعبين من اتحاد طنجة المغربي    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التعليم تراجع نموذج أسئلة الكيمياء للثانوية    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    عماد حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسي    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بردون) يا شعراوى
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 07 - 2010

لعبت الظروف الاجتماعية الخاصة دورا كبيرا فى تحديد مصير السيدة هدى شعراوى التى ولدت بمدينة المنيا فى الثالث والعشرين من يونيو 1879، وتجسدت عبقريتها فى قدرتها على تجاوز مشاكلها وتحويلها إلى قضايا عامة حاولت حلها بالنسبة للمرأة المصرية عموما.
وقد بدأت مشاكل الطفلة هدى بالتفرقة فى المعاملة بينها وبين أخيها الأصغر، فحتى عندما تعرض كلا الطفلين للحمى كان الأطباء يجلسون إلى جوار أخيها ولا يمرون على غرفتها المجاورة، وعندما سألت الطفلة جدتها عن سر هذه التفرقة قالت لها إنه الولد الوحيد الذى عليه إعمار البيت، فأنت عندما تتزوجين ستذهبين إلى منزل الزوجية وتحملين اسم زوجك، أما هو فسيحمل اسم أبيه ويفتح بيته.
وتقول هدى إن «هذه التجربة المريرة قد زادتنى انكماشا وحقدا على من حولى»، لكنها لم تستسلم لها بل حاولت أن تثبت للجميع أنها الأفضل، فختمت القرآن وأجادت اللغة العربية فى التاسعة من عمرها، ثم انتقلت إلى تعلم التركية والفرنسية، وكانت تعطى أغلب وقتها للقراءة وتجعل العبيد يراقبون لها الطريق وهى تختلس الكتب من مكتبة أبيها الأرستقراطى محمد سلطان باشا رئيس أول مجلس نيابى فى مصر، الذى توفى وهى فى الخامسة من عمرها.
وبسبب هذه التجربة المريرة أسست هدى فى 16مارس عام 1923جمعية الاتحاد النسائى المصرى بهدف رفع مستوى المرأة الأدبى والاجتماعى لتصبح أهلا لمشاركة الرجل فى الحقوق والواجبات، بعد أن فجرت علاقتها بأخيها الأصغر سؤالها الأول: لماذا هو وليس أنا؟
وقد كانت والدة هدى قوية الشخصية، فهى التى اختارت لها زوجها على شعراوى باشا وأجبرتها على الزواج منه وهى فى الثالثة عشرة من عمرها على الرغم من أنه يكبرها بأربعين عاما، وأنه متزوج وله أربع بنات أكبر منها. ولم تعلم هدى بقرار زواجها إلا قبل نصف ساعة فقط من موعد عقد قرانها.
وقد كان على شعراوى ابن عمة هدى مسرفا فى المحافظة ولم يظفر بالتعليم، وهو من أعيان الصعيد وأحد قادة ثورة 1919، ونائب الخديو، وهو قبل كل هذا الوصى على العائلة وناظر أوقاف والدها.
وقد بلغت قوة شخصية أم هدى أنها قد اشترطت على زوج ابنتها المهيب فى عقد الزواج ألا يعود إلى زوجته الأولى أو يقترب منها، وعندما علمت الأم بعد فترة قصيرة أن زوجته الأولى قد حملت منه أحضرت زوج ابنتها وأجبرته على طلاقها، وظلت منفصلة عنه لمدة سبع سنوات كاملة، وهى أهم سنوات التكوين الفكرى فى حياة هدى شعراوى التى نادت نتيجة لهذه التجربة بعدم زواج المرأة قبل سن السادسة عشرة وتحقق لها ما أرادت عام 1923، كما نادت بسن قانون يمنع تعدد الزوجات إلا للضرورة.
على أن زواج هدى من على باشا شعراوى الذى عادت إليه مرة أخرى وأنجبت منه بثينة ومحمد لم يكن شرا مطلقا، فقد كان بوابة مشاركتها السياسية وتعرفها على العمل العام، حيث ضمها للجنة السيدات التى رأستها قرينة رياض باشا للتضامن مع تركيا فى حربها ضد اليونان عام 1895، وكانت أصغر مشاركة فعمرها فى ذلك الوقت كان ستة عشر عاما فقط، وساعدتها هذه الخبرة السياسية ومكانة زوجها على قيادة مظاهرات السيدات عام 1919، وعلى قيامها بتأسيس لجنة الوفد المركزية للسيدات والإشراف عليها.
لكل هذه الأسباب اكتسبت هدى شعراوى مكانة بارزة من الاحترام والتقدير، أجبرت بيرم التونسى سليط اللسان على أن يستثنيها فى زجله الذى يهاجم تخلف المرأة ويتهمها بجذب المجتمع إلى الوراء، فهى الأم والمربية وإذا كانت جاهلة تعتقد فى الخرافات فلن تنجب غير الحمير، حيث يقول:
وليه ولاد العرب فى الأرض منكوسه
طول عمرها والسبب إحسان ونفوسه
والله اللى قال ما كدب نسوانَّا موكوسه
حتى اللى متعلمين بردون يا شعراوى
جهل النسا بالعلوم خلانا أنتيكه
نفهم فى فن الهدوم رقعة وتشكيكه
وفى البلد عالعموم ما تلقى فابريكه
غير فابريكات الطحين فليحيا بدراوى
إن كانت أم الولد فى الزار بتتبخر
تجيب حمار للبلد فى القطن يتسخر
قبل الحمير يتجلد لو مل واتأخر
وسيد الشغالين هو الأروباوى
على أن بيرم التونسى بموضوعية شديدة قبل أن يصب غضبه على المرأة قد أرجع سر تخلفها فى بداية القصيدة إلى سطوة الرجل وقهره لها، لهذا فقد بدأ بتوبيخه أولا، حيث قال:
غلبت أقول للرجال خلُّوا المره حره
تخش رُخره المجال تفهم وتدَّرى
العاقلة بنت الحلال ما يضرهاش بره
لكن بتنصح فى مين؟ روس جامده سنطاوى
وإذا كنا نسمع اليوم فى فتاوى الفضائيات أن خروج المرأة بدون محرم مرفوض بدعوى تكريمها والمحافظة عليها، مما يغلق أمامها مرة أخرى أبواب العلم والعمل والمشاركة المجتمعية، فإننا نصبح مدينين أيضا باعتذار جماعى لتلك السيدة بوصفها رمزا للنضال من أجل تحرر المرأة، لكنه للأسف ليس اعتذار الاستثناء هذه المرة بل اعتذار المقصرين، ف(بردون) يا شعراوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.