عشرات الشهداء والجرحى في قصف مدرسة تؤوي نازحين بالنصيرات    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    نشرة منتصف اليوم.. كيروش ينعي رفعت ومرتضى منصور يتوعد وإخلاء سبيل نجم الأهلي ورسالة رونالدو    المشدد 3 سنوات للمتهم بتعاطي مواد مخدرة أثناء القيادة بالجيزة    صندوق التنمية الحضرية: رئيس الوزراء يعتبر تطوير القاهرة التاريخية "مشروع حياته"    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    محافظ القاهرة يتفقد أحياء بالمنطقة الجنوبية ويفتتح دار مناسبات بدار السلام    المحافظون الجدد يتحدثون ل«روزاليوسف»    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    إسرائيل تعاقب الفلسطينيين بسلب أرضهم    عدنان الفنجرى.. الأمين    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    بنك أبوظبى التجارى يمنح تسهيلا بمليار و450 مليون جنيه للشركة الدولية للاستثمار العقارى    البحث عن شاب غرق فى شاطئ بمنطقة أبو يوسف غرب الإسكندرية    قرار عاجل من النيابة بحق إمام عاشور في خناقة المول    رانيا المشاط.. الاقتصادية    13 شهيدا بقصف الاحتلال لمدرسة تؤوى نازحين فى النصيرات    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    النواب يقرر تعديل موعد جلسة بيان رئيس الوزراء عن برنامج الحكومة    اسعار السلع التموينية اليوم السبت فى سوهاج    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    بعد قليل من مسجد السيدة زينب.. «الأوقاف» تحتفل بالعام الهجري الجديد 1446ه    جنازة غريبة للمستشارة الإعلامية للقصر الجمهوري السوري وأقاربها يرفضون دفنها في مسقط رأسها    وزير التموين: نعمل على ضبط الأسعار بطرق مبتكرة ليصل الدعم للمستحقين    تعددت الأسباب والموت واحد يا ولدي.. رسالة مؤثرة من صلاح عبد الله بعد وفاة أحمد رفعت    عزة مصطفى: قناة الحياة بتقول أنا نمبر وان لها تاريخ عظيم ومشرف ووزن وثقل    دعاء رأس السنة الهجرية 1446 ه.. احرص عليه بداية من اليوم    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    انسداد في الشرايين.. جمال شعبان يكشف مفاجأة حول وفاة أحمد رفعت (فيديو)    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    قريتان للسياحة العلاجية والذكية أبرز مشروعات تخرج طلاب هندسة سوهاج    المركز المسيحي الإسلامي يُنظم ورشة للكتابة الصحفية    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    بعد نجاح فيلم السرب.. عمر عبدالحليم ينتهي من كتابة فيلم الغواصة    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    «إيمان» و«آيات» شقيقتان متطوعتان في «حياة كريمة»: «غيرت حياتنا وبنفيد غيرنا»    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    ستارمر: الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة خالد سعيد أو رفع كلفة التعذيب داخليًا وخارجيًا
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 07 - 2010

تعامل المجتمع المدنى بإيجابية وفاعلية مبهرة مع حادثة وفاة الشاب خالد سعيد والذى ثبت تعرضه للتعذيب من قبل بعض عناصر الشرطة فى مدينة الإسكندرية. فالوقفات الاحتجاجية والتظاهرات التى نظمتها مراكز الدفاع عن حقوق الإنسان وشبكات النشطاء كحركة شباب 6 أبريل وكذلك بيانات التنديد التى صدرت عن معظم أحزاب المعارضة أجبرت السلطات على إعادة التحقيق فى ملابسات وفاة سعيد ورتبت وضع الشرطيين المشتبه فى قيامهما بتعذيبه قبل الوفاة قيد الحبس الاحتياطى.
وأحسب أن إيجابية وفاعلية المجتمع المدنى هاتين تحملان العديد من الإيجابيات، على الرغم من تخوف البعض بأن استجابة السلطات لمطالب المجتمع المدنى لن يطول أمدها وستنتهى بتكتم سريع على نتائج التحقيق بمجرد انزواء الاهتمام الإعلامى بالحادثة وقناعة البعض الآخر بأن ممارسات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التى تتورط بها بصورة دورية بعض عناصر الشرطة المصرية ليست فى سبيلها إلى الزوال أو التراجع الحقيقى مادامت ولاية قانون الطوارئ مستمرة واستمر غياب رغبة نظام الحكم فى وقف التعذيب والانتهاكات.
فالمؤكد أن تفاعلات وتداعيات حادثة خالد سعيد أثبتت لقيادات وزارة الداخلية، وبمعزل عن أى اعتبارات إنسانية، أن الكلفة السياسية لتورط عناصر الشرطة فى ممارسات تعذيب وانتهاكات منظمة لحقوق الإنسان بدأت فى التصاعد إلى حدود غير مسبوقة تدعو إلى إعادة النظر فى جدوى التعذيب والانتهاكات وربما الحد منها. ومصدر تصاعد الكلفة السياسية هنا هو نجاح مراكز الدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من منظمات المجتمع المدنى، وبعد عمل تراكمى على مدى العقود الثلاثة الماضية وفى ظروف صعبة، فى تحويل التعذيب والانتهاكات إلى قضايا تشغل الرأى العام وتناقشها باهتمام النخب السياسية والفكرية والإعلامية.
اليوم لم يعد المصريون يتجاذبون أطراف الحديث عن شائعات تعذيب المعتقلين السياسيين فى أقسام الشرطة وفى السجون، بل باتوا يتبادلون تسجيلات صوتية ومرئية تظهر تورط بعض عناصر الشرطة فى تعذيب مواطنين، فى كثير من الأحيان لا علاقة لهم بالسياسة ومساراتها. اليوم أيضا، وبعد أن أصبحت التقارير الدورية لمراكز الدفاع عن حقوق الإنسان تتابع من قبل الإعلام ويشار إليها بالمهنية التى تستأهلها وبعد أن انضم المجلس القومى لحقوق الإنسان (المؤسس بمبادرة حكومية) إلى الركب بإصدار تقرير سنوى به من الحيادية والموضوعية الشىء الكثير، لم يعد بإمكان الداخلية أن تواصل نفيها «جملة وتفصيلا» لتورطها فى التعذيب والانتهاكات وانتقلت تدريجيا من موقع «النفى الدائم» إلى موقع «الاستجابة الجزئية» وبه انفتحت الداخلية على تنظيم دورات لعناصر الشرطة حول كيفية احترام حقوق الإنسان، وكذلك قبلت وهو الأهم التحقيق مع بعض العناصر المتورطة ووافقت على عقوبات حبس وسجن بحقهم.
إلا أن حادثة خالد سعيد لم تظهر فقط تصاعد الكلفة السياسية للتعذيب محليا فى مصر، بل دللت على حضور كلفة سلبية لا يستهان بها خارج الحدود المصرية. فما إن تزايد الاهتمام الحقوقى والإعلامى بالحادثة وتوالت المقالات والبيانات المنددة بها والمتهمة لعناصر الشرطة بالتسبب فى وفاة سعيد، حتى التقطت بعض الجهات الدولية الخيط وتحركت لمطالبة السلطات بإعادة التحقيق وضمان وقف ممارسات التعذيب فى مصر. الخارجية الأمريكية والبرلمان الأوروبى وسفراء دول الاتحاد الأوروبى فى القاهرة مثلت أبرز تلك الجهات الدولية وشكلت بياناتها العلنية مفاجأة غير متوقعة للسلطات. نعم اعتادت الحكومة المصرية على بعض الانتقادات المقبلة من العواصم الغربية لجهة أحكام قانون الطوارئ وأوضاع حقوق الإنسان المتردية والحياة السياسية المسيطر عليها سلطويا، إلا أن مجمل هذه الانتقادات صيغ فى لحظات حراك عام ارتبطت إما بمواسم الانتخابات أو بأحداث كبرى كالتمديد الأخير لقانون الطوارئ ولم تتعلق أبدا بحادثة، تظل على مأساويتها، فردية ولا خلفية سياسية لها.
تنديد الخارجية الأمريكية والجهات الأوروبية العلنى بوفاة سعيد ومطالبتهم بإعادة التحقيق فى ملابساتها، وهو ما دفع الخارجية المصرية لاستدعاء سفراء الاتحاد الأوروبى للاحتجاج بعصبية على ما اعتبرته تدخلا فى الشئون الداخلية، يشكل نقلة نوعية مهمة فى اهتمام الخارج بملفات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر. وينذر إن تواصل، وهذا بلا ريب مشروط بتواصل اهتمام المجتمع المدنى المحلى وعمله التراكمى فى هذا الصدد بتحول الخارج إلى عنصر ضغط إضافى على الحكومة المصرية يدفع لإعادة النظر فى التعذيب والانتهاكات.
أدرك جيدا أن ممارسات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان تحولت منذ عقود طويلة إلى مكون رئيس فى دولاب العمل اليومى لبعض عناصر الشرطة و«ثقافة» تعاملهم مع المواطنين، كما أعلم أن توافر إرادة سياسية واضحة فى دوائر الحكم العليا هى شرط مركزى لإيقاف تام للتعذيب والانتهاكات. على الرغم من ذلك، يظل رفع الكلفة السياسية للتعذيب داخليا وخارجيا، وهو ما دللت عليه وأسهمت به حادثة خالد سعيد، عنصرا مهما للضغط على الحكومة المصرية للعمل على ترشيد فعل عناصر الشرطة، إن بغل أيديهم جزئيا عن التعذيب أو بالاستجابة إلى مطالب المجتمع المدنى والجهات الدولية بمحاسبة بعض منتهكى حقوق الإنسان.
فتحية لمنظمات المجتمع المدنى والإعلام المستقل على اهتمامهم جميعا بحادثة خالد سعيد ولمراكز حقوق الإنسان على عملها التراكمى والشاق، فلولا العاملون ما أعادت السلطات التحقيق فى الحادثة ولا سمعنا أصوات التنديد القادمة من الخارج. ودعونا نأمل بأن تتمكن ذات القوى الوطنية والمواطنون الجسورون، ولهؤلاء فى بعض شهود حادثة سعيد قدوة حسنة، من الاستمرار فى رفع كلفة التعذيب والانتهاكات ومن توسيع نطاق فعلهم ليشمل مجابهة انتهاك الحريات المدنية وحقوق المواطنين السياسية؛ إن كان بتزوير الانتخابات والتلاعب فى نتائجها أو بقمع المعارضين وتعقبهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.