توفي مساء اليوم الاثنين، الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر عن عمر يناهز 75 عاما إثر صراع طويل مع المرض. ولد عفيفي مطر في 30 مايو 1935 في قرية رملة الأنجب مركز أشمون بمحافظة المنوفية، واقترن اسمه بالتجريب الشعري، حيث اعتبر رأس حربة التجريب والتجديد في القصيدة العربية في ستينيات القرن الماضي، حيث أصدر ديوان(من دفتر الصمت)، سوريا، 1968. و(ملامح من الوجه الأمبيذوقليس) عن دار الآداب في بيروت 1969، وفيه رسّخ للاستخدام القوي للأساطير اليونانية خصوصا ما قبل عصر الفلاسفة مستعينا في ذلك بدراسته الفلسفية التي نال شهادتها في كلية الآداب بجامعة عين شمس 1959. بدأ مع ديوانه الثالث (الجوع والقمر)، اتحاد الكتاب دمشق، 1972. و(رسوم على قشرة الليل) القاهرة 1972، في الالتفات القوي للأسطورة الشعبية واستخدام حواديت الحواكير والحارات الشعبية في الريف المصري، خصوصا في الدلتا حيث ولد ثم عمل في قرى كفر الشيخ بأقصى شمال مصر لسنين طويلة. ويعتبر ديوانه (كتاب الأرض والدم) الصادر عن وزارة الثقافة في بغداد 1972 هو الالتفاتة القوية الأولى للتراث العربي، الذي استثمره مع الأساطير الشعبية جنبا إلى جنب، لكن ديوانه (شهادة البكاء في زمن الضحك) اعتبر علامة فارقة في التأريخ الحديث لمصر، حيث سجل فيه عفيفي شهادته الحزينة على زمن عبد الناصر ونكسة يونيو 1967 عندما استدعى قناع عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني، ليتحدث من خلاله، وليقارن بين حال الأمة العربية مع عدله وحالها مع القهر والظلم والديكتاتورية التي سادت البلاد العربية عموما في ذلك الوقت، وعلى وجه الخصوص مصر، وهو ما جعله سببا مباشرا لحدوث النكسة. ومع ديوانه السابع (يتحدث الطمي) القاهرة 1977، يعود عفيفي مطر إلى الأرض والحكايات الشعبية والأساطير التي اندثرت في الاستخدام الحديث وشكلت الوجدان الشعبي في الريف المصري. وكان ديوان (أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت) الصادر في بغداد 1986، هو التجلي الأعظم لمشروع عفيفي مطر الشعري والفكري في آن واحد، حيث استدعى فيه النص القرآني بلغته وتراكيبه، وعارض فيه نصوصا عربية قديمة من عصور متعددة، كما استخدم أقنعة متنوعة واستقدم شخصيات شكلت روح التراث العربي والفكر الإسلامي ليحاورها أو يستنطقها ويتحدث من خلالها، كما كان هذا الديوان هو التجلي اللغوي الأعظم لمشروعه الشعري، حيث استخدم لغة شديدة التركيب والثراء والتنوع فيما اعتبره نقاد كثيرون سقفا للمشروع الشعري. لكن عفيفي فاجأ الجميع قراء ونقادا في ديوانه التالي (رباعية الفرح) لندن 1990، حيث قدم لغة استعاد فيها صفاء لغته الشعرية الأولى التي قدمها في (من دفتر الصمت) مع عودة جديدة للفلسفة اليونانية، حيث بنى الديوان كله على أربع حركات مماثلة للعناصر الأربعة التي بدأ منها الكون – الماء، الهواء، النار، التراب- وذلك دون أن يتنازل عن مستوى التركيب الشعري الذي وصل إليه في صورته الكاملة كما في (أنت واحدها). حصل عفيفي على جوائز كثيرة تقديرا لشعره وشاعريته، مثل: - جائزة الدولة التقديرية 2005، سلطان العويس 1990. - جائزة الشعر المترجم من جامعة أركنساس بأمريكا 1996. وأنتج عنه فيلما تسجيليا أخرجه علي عفيفي بعنوان (رباعية الفرح)، كما دارت حوله رسائل جامعية عديدة درست جوانب متعددة في شعره الذي ترجم إلى لغات عدة.