تمثل التسلية والترفيه وظيفة أساسية من وظائف وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية منها على حد سواء، ذلك بالطبع إلى جانب وظائف أخرى عديدة منها الإخبار أو الإنباء والتعليم والتثقيف وتكوين الرأى العام والرقابة.. إلخ، ومن ثم فقد كانت الصحف، كإحدى وسائل الإعلام ومنذ نشأتها، تهتم بنشر النكات والرسوم الكاريكاتورية التى تخفف من حدة القضايا المنشورة على صفحاتها من موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية متنوعة. اهتمت بعض الصحف بالجمع بين «التنكيت والتبكيت» كما يشير اسم الصحيفة الشهيرة التى أصدرها عبدالله النديم صحفى الثورة العرابية وخطيبها بمدينة القاهرة فى سنة 1881م، أى أنها صحف جمعت بين الجد والهزل واهتمت بمناقشة قضايا وموضوعات جادة بروح وأسلوب فيه دعابة وسخرية تخفيفا على القارئ. وحسب الدكتور شوقى ضيف (فى كتابه: الفكاهة فى مصر، القاهرة: دار المعارف سلسلة اقرأ، 1988م) فإن أول من بدأ هذا النوع من الصحف فى مصر هو يعقوب صنوع والذى أصدر صحيفته الهزلية (أبو نظارة) بالقاهرة فى سنة 1876م حيث استعان فيها باللغة العامية الدارجة والصور الكاريكاتورية وكان يهاجم من خلالها سياسة الخديو إسماعيل الذى أمر بإغلاق تلك الصحيفة فى سنة 1878م ولم يكتف بهذا بل نفاه من البلاد، فذهب صنوع إلى باريس فرنسا، ومن هناك عاود إصدار صحيفته وكان يتحايل من أجل إرسالها إلى مصر من خلال أسماء مستعارة حتى تصل إلى القراء منها (أبوصفارة أبوزمارة الحاوى). فهكذا ظهر نوع من الصحف يطلق عليها البعض: الصحافة الفكاهية والبعض يسميها الصحافة الساخرة والبعض يسميها الصحافة الهزلية إذ هى فى الغالب تجمع بين الجد والهزل. وليس هذا فحسب بل لقد عرف مجال الصحافة ظهور بعض الصحف التى تخصصت فقط فى مجال الكاريكاتير والتسلية والترفيه. وفى العصر الحديث فإن بعض الصحف، اليومية والأسبوعية، خصصت أبوابا أو صفحات وربما ملاحق كاملة لهذا الغرض. لغة المهنة ومن جانب آخر فإنه كثيرا ما كان أبناء المهنة الواحدة يمزحون ويتسامرون مع بعضهم من خلال السخرية من بعضهم البعض وذلك من باب التسلية والترفيه والرغبة فى الخروج من زحام العمل، لاسيما أن أبناء المهنة الواحدة تجمعهم الكثير من السمات والظروف المشتركة فى العمل كما أنهم غالبا ما يتكلمون لغة واحدة فى مفرداتها وكلماتها. الصحافة ولغة المهنة الصحفيون مثلهم مثل أى جماعة مهنية أخرى، كالأطباء والمهندسين والمحامين والمحاسبين والمدرسين وغيرهم من الصناع الحرفيين.. إلخ، تجمعهم بعض الصفات والسمات المشتركة، بالإضافة إلى أنهم يستخدمون الكثير من الكلمات المتشابهة بل والمفردات الواحدة فى عملهم، بل وقد تنعكس تلك المفردات على حياتهم خارج نطاق العمل فى البيت وبين الأسرة وفى النادى.. إلخ, نشرت جريدة (أسيوط)، وكانت جريدة سياسية أسبوعية جامعة أصدرها أمين خير الأسيوطى بمدينة أسيوط بصعيد مصر فى سنة 1930م، فى عددها الصادر بتاريخ 2 سبتمبر 1950م، أى منذ نحو ستين سنة، تحت عنوان «لغة المهنة: إذا تزوج الصحفى» تقول: إن أنجب طفلا قال زملاؤه: «لم يأت بجديد» وقالت زوجته: «البقية تأتى». وإن جاء طفله دميم الشكل كان «غلطة مطبعية».. وإن جاء شبيها به قيل إنه من «المترادفات», وإن كان العريس قصير القامة، زعموا أن رئيس التحرير هو الذى أمر «باختصاره» وإن كان طويلا قالوا إنه ولد على «حلقات متتابعة»..وإذا دخل نزاعا مع «حماته» أيقن الجميع أنها حاتجيب «خبره» حتما..وإذا كانت الزوجة غنية، يكون قد وفق إلى موضوع «دسم».. وإذا كانت فقيرة كانت «طبق الأصل» من حضرته.. وإذا دخل فى نزاع مع أهل زوجته غسلوه و«نشروه» فى ساحة المحاكم الشرعية، وإذا مرت حياته الزوجية بسلام قيل إنه يعيش «طبقا لما ذكرناه من قبل».. وإذا كان العريس دميم الخلقة والعروس حسناء قالوا إنها «مفارقة» طريفة، وإذا كان العكس قيل إنه بزواجه يؤدى خدمة للمجتمع. تعريفات فى عالم الصحافة وفى جريدة (أسيوط) أيضا فى عددها الصادر بتاريخ 6 مايو 1952م، وتحت عنوان «على الهامش» نشرت الجريدة تعريفات وأوصاف لبعض العناصر العاملة فى مهنة الصحافة، من باب الدعابة والمرح، وذلك على النحو التالى: الصحافة: تمثال عبده الناس وكفر الذين صنعوه. الأخبار: «مونولوج» يؤلفه المحرر وتلحنه المطبعة فيغنيه القارئ. باب الوفيات: باب الاجتماعيات للعالم الآخر. رئيس التحرير: ناظر مدرسة الإشاعات. المحرر: شخص كان قارئا. مصور الجريدة: الطفيلى الوحيد الذى يبتسم الناس فى حضرته. القارئ: مدمن أوراق يانصيب تخسر دائما. بائع الجرائد: «مانيكان» ناطق لأحدث الأخبار