التخطيط: 4.4% تراجع في الدين الخارجي لمصر إلى 160.6 مليار دولار خلال الربع الأول من 2024    أوكرانيا تحصل على دفعة مساعدات قيمتها 1.9 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي    بوليتيكو: ارتفاع مخاطر اندلاع حرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله    باحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات تكشف أهمية مؤتمر "القرن الأفريقي" بالقاهرة    عاجل.. تفاصيل اجتماع إدارة الزمالك لحسم موقف لقاء سيراميكا.. تطور جديد    تحذير من طقس الإسكندرية غدا.. رفع الرايات الحمراء على الشواطئ بسبب الأمواج    بورسعيد تستقبل غدا الدراما الاستعراضية الغنائية «نوستالجيا 80 90»    نصف مليون.. إيرادات فيلم "عصابة الماكس"    تباطئ معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2.22% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2023    فليك يطلب بقاء نجم برشلونة    "المصريين": ثورة 30 يونيو ستبقى علامة فارقة في تاريخ مصر    حماة الوطن: نجدد الدعم للقيادة السياسية في ذكرى ثورة 30 يونيو    على مساحة 165 مترًا.. رئيس هيئة النيابة الإدارية يفتتح النادي البحري فى الإسكندرية (صور)    ما هي الضوابط الأساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس؟    إصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارة ميكروباص بعمود إنارة ببنى سويف    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى نبروه المركزي (صور)    محمد مهنا: «4 أمور أعظم من الذنب» (فيديو)    أفضل دعاء السنة الهجرية الجديدة 1446 مكتوب    قائد القوات الجوية الإسرائيلية: سنقضى على حماس قريبا ومستعدون لحزب الله    لطيفة تطرح ثالث كليباتها «بتقول جرحتك».. «مفيش ممنوع» يتصدر التريند    يورو 2024.. توريس ينافس ديباى على أفضل هدف بالجولة الثالثة من المجموعات    انطلاق مباراة الإسماعيلي والمصري في الدوري    أيمن غنيم: سيناء شهدت ملحمتي التطهير والتطوير في عهد الرئيس السيسي    فيروس زيكا.. خطر يهدد الهند في صيف 2024 وينتقل إلى البشر عن طريق الاختلاط    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    مستشار الأمن القومى لنائبة الرئيس الأمريكى يؤكد أهمية وقف إطلاق النار فى غزة    «رحلة التميز النسائى»    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الصحة» تكشف أعراض الإجهاد الحراري    بائع يطعن صديقة بالغربية بسبب خلافات على بيع الملابس    هند صبري تشارك جمهورها بمشروعها الجديد "فرصة ثانية"    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    لتكرار تجربة أبوعلى.. اتجاه في الأهلي للبحث عن المواهب الفلسطينية    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    جهاز تنمية المشروعات يضخ تمويلات بقيمة 51.2 مليار جنيه خلال 10 سنوات    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    ضبط 103 مخالفات فى المخابز والأسواق خلال حملة تموينية بالدقهلية    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الدور المصري.. نقد فعتاب فنداء
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 06 - 2010

ما أن أبدأ في الحديث مع أصدقاء أو زملاء من العالم العربي عن مصر ودورها الإقليمي حتى يحاصرني سريعا انتقاد وعتاب. انتقاد يوجه لتراجع الدور المصري ومحدودية فاعليته إن في العراق أو لبنان أو اليمن أو الصومال، وجميعها ساحات صراع وتوتر رئيسية، وكذلك في الجوار المباشر لمصر في فلسطين والسودان.
وعتاب يأتي من محبي مصر ومقدري ماضي إسهامها الثقافي والفكري والسياسي في محيطها العربي، وهم يعتبون على الدولة المصرية لتخليها عن دورها القيادي، وعلى السياسيين وصناع الرأي لعدم الاهتمام الكافي بالقضايا الإقليمية والانكفاء على شئون الداخل المصري دون إدراك لارتباطها المباشر والعضوي بما يحدث في المحيط العربي.
خلال الأسبوع الماضي التقيت مجموعة من أساتذة العلوم السياسية اليمنيين ودار بيننا حديث حول التطورات المتلاحقة في اليمن والتحديات التي تواجهها الدولة في صراعها مع الحوثيين وتعاملها مع الحراك الانفصالي في الجنوب ونشاط تنظيم القاعدة ومعاناة اليمنيين في الشمال والجنوب من هذه التطورات ومساحات تأثير بعض الأطراف الإقليمية العربية وغير العربية على مجريات الأمور هناك.
وكرر الأساتذة اليمنيون على مسامعي أكثر من مرة أسفهم الشديد لمحدودية الدور المصري وقناعتهم بأن مصر التي بذلت الكثير في الستينيات لدعم الجمهورية اليمنية في الشمال وساهمت في تمدين وتحديث قطاعات حيوية في المجتمع كالتعليم الأساسي والعالي والمؤسسات الخدمية والرعاية الصحية وساندت الوحدة بين اليمن الشمالي والجنوبي في التسعينيات أضحت بمثابة الفاعل غير المؤثر في اليمن خاصة إذا ما قورنت بالعربية السعودية في المقام الأول وربما في المقام الثاني بدول كإيران وقطر.
ولم يكن أسف الزملاء من اليمن فقط بمثابة بكاء على أطلال الدور المصري المفتقد اليوم، بل نداء استغاثة لمصر التي مازالوا يرونها الطرف الإقليمي الوحيد المؤهل لدعم القيم المدنية والحديثة في اليمن ومساعدة الدولة على التعامل الشامل مع التحديات المطروحة عليها دون اعتماد أحادي على الأدوات العسكرية والأمنية.
جمعتني أيضا على مدار شهر أكتوبر الماضي وفي سياقات مختلفة سلسلة من اللقاءات مع أكاديميين وعسكريين عراقيين. وعلى الرغم من تنوع قراءاتهم للمشهد الداخلي في العراق ولفعل الأطراف الإقليمية والدولية، إلا أن نقطة اتفاق من التقيت من العراقيين كانت انتقاد ضعف الدور المصري والتشديد على خطورة ذلك على مستقبل العراق. قيل لي أكثر من مرة أن العراقيين ينظروا حولهم في الجوار المباشر ليجدوا أطرافا إقليمية إما طامعة أو متربصة أو متوجسة. فإيران إلى الشرق تعمل على استغلال الورقة العراقية في إدارة علاقتها مع الولايات المتحدة والغرب تماما كما توظف بقية أوراقها الإقليمية أن في لبنان أو فلسطين.
السعودية إلى الجنوب مازالت تتوجس من حكم الأغلبية الشيعية في العراق وأن جاء عن طريق صناديق الانتخابات ولا ترغب في الانفتاح على كل القوى السياسية الفاعلة وتختزل قراءتها للمشهد العراقي إلى مجموعة التحديات الأمنية الحاضرة اليوم وهي ذات تأثير إقليمي وقد تتطور إلى الأسوأ مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق. سورية إلى الغرب توترت علاقتها بالحكومة العراقية على خلفية اتهامات وجهت لدمشق بالتورط في أحداث عنف داخل العراق واقتناع المسئولين العراقيين – بغض النظر عن حدود الصواب والخطأ في هذا - بأن دمشق تتلاعب بأمن العراق لتوظيفه كورقة في إدارة علاقتها مع القوى الإقليمية والدولية.
تركيا إلى الشمال، مع إيجابية العلاقة بينها وبين الحكومة العراقية، تتربص دوما بالمنطقة الكردية مدفوعة بهواجس أمنها القومي وتسعى إلى امتلاك ما يكفي من مساحات الحركة والقدرات للتأثير على مجريات الأمور في العراق. ما يجمع إيران والسعودية وسورية وتركيا على اختلاف بل وتناقض مصالحها فيما خص العراق هو حضورها الفعال داخله وحوله ومن ثم احتكاكها المستمر إيجابا وسلبا بالقوى العراقية وبالأطراف الدولية المؤثرة وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
أما مصر، وهي لا أطماع لها في العراق تخيف أهله ولا توجس حقيقي لديها من تحولات العلاقة بين الشيعة والسنة والثنائية هذه غائبة عن المجتمع المصري ولا تتنافس معه اليوم على القيادة الإقليمية ومن ثم ينظر لها من مجمل القوى العراقية بإيجابية واضحة وبثقة في رغبتها دعم استقرار العراق وعودته إلى ساحة الفعل العربي الجماعي، فحضورها ودورها في العراق ضعيف إلى غائب ويكاد يقتصر على الدعوة إلى مؤتمرات إقليمية ودولية لا تنتج سياسيا الشيء الكثير.
وما قيل لي من الزملاء اليمنيين والعراقيين يتردد صداه بصياغات متنوعة في الأردن وبعض دول الخليج ولدى بعض القوى اللبنانية القريبة تاريخيا من مصر ويشكل مجتمعا وعن حق دعوة إلى الدولة المصرية لاستعادة دورها الفعال في محيطها العربي وللرأي العام في مصر إلى تجديد اهتمامه بالشأن الإقليمي وعدم الانكفاء على قضايا الداخل فقط.
بالقطع هناك بين الحكومات وحركات المقاومة العربية والأطراف الإقليمية من هو راغب في استمرار وضالع في استثمار محدودية الدور المصري، كما أنني لا أدعي أن جميع من يطالبون باستعادة هذا الدور يأملون في أو يقبلون بقيادة إقليمية مركزها القاهرة. إلا أن الثابت هو أن تضرر البعض في اليمن والعراق ولبنان وفي مجمل المحيط العربي من غياب دور مصري فعال حاضر بقوة هذه الأيام، ويقدم بالتالي إلى صناع السياسة الخارجية في مصر إن أرادوا فرصة واقعية للبحث في طرق وأدوات تنشيط/استعادة الدور وفي هذا مصلحة مصرية بامتياز.
علينا أن ننتبه في مصر إلى أن النداءات المتكررة لنا، دولة ورأي عام، للاهتمام بالمحيط العربي لن تتواصل إلى ما لا نهاية، خاصة أن شعر المنادون بأن مصر لا ترغب في الإنصات لهم أو لا تقدر على التجاوب الحقيقي معهم. علينا أيضا أن ندرك أن محبي مصر بين العرب ينتمون في الأغلب الأعم إلى أجيال باتت على وشك مغادرة ساحات الفعل السياسي والعام حاملة معها ما اختزنته ذاكرتها الجمعية عن ماضي دور مصر وعظيم تأثيرها في محيطها العربي، وتاركة المجال لقادمين جدد لا يعرفون عن مصر سوى دورها المحدود ورأيها العام المهموم فقط بقضاياها الداخلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.