يبدو أن آفة الأحزاب السياسية في مصر من انشقاقات وصراعات داخلية، قد طالت الجمعية الوطنية للتغيير، التي تأسست منذ 4 أشهر فقط برئاسة الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدد من الشخصيات السياسية والعامة. الجمعية الوطنية للتغيير التي بدت متماسكة طوال ال4 أشهر السابقة، دب الخلاف بين أعضائها وخاصة البارزين منهم، ووصل إلى حد تبادل الاتهامات بالتقصير ونقص الخبرة السياسية، ثم تلتها استقالات صدمت كل المتابعين خاصة أنها جاءت من أبرز الشخصيات داخل الجمعية. المسمار الأول في نعش استقرار الجمعية، دقه الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية والمنسق العام للجمعية، وذلك عندما أعلن استقالته من منصبه بالجمعية مرجعا ذلك إلى "عدم قدرة الأحزاب السياسية على تصفية خلافاتها وتوحيد صفوفها وإحداث الحد الأدنى من التغيير، وتزايد الصراعات بين الأحزاب والحركات المنضمة للجمعية". أسباب استقالة نافعة الأكثر وضوحا هي "افتقاد الجمعية جزءا كبيرا من وجودها في الشارع، نظرا للغياب المتكرر للدكتور محمد البرادعي لكثرة أسفاره خارج مصر". صدمة نافعة تلاها إعلان حمدي قنديل، المتحدث الإعلامي باسم الجمعية الوطنية للتغيير، التخلي عن منصبه موضحا أنه اتخذ هذا القرار منذ عودة المصريين الذين تم ترحيلهم من الكويت الشهر قبل الماضي بسبب تأييدهم للبرادعي. وقال قنديل: "أخليت مسئوليتي كمتحدث إعلامي للجمعية، لكنى لم أعلن عن استقالتي حينها حفاظا على تماسك الجمعية". وتماسك الجمعية، الذي تحدث عنه قنديل، بدأ في التلاشي، والبداية من الفيوم، ففي نفس اليوم الذي يزور فيه البرادعي محافظة الفيوم للقاء مؤيديه والاتصال بالمصريين بشكل مباشر، قرر فرع الجمعية الوطنية للتغيير في الفيوم، إغلاق مقره وتجميد نشاط الجمعية. وقال مسئولو الجمعية في الفيوم، عبر بيان تم توزيعه اليوم الجمعة: "نحترم أنفسنا كناشطين سياسيين وقيادات حزبية وشخصيات مستقلة ونحترم الكيان الذي ننتمي إليه (الجمعية الوطنية للتغيير) لذا رفضنا هذا الاستخفاف بعقولنا والاستهتار بأبسط قواعد العمل السياسي" في إشارة إلى تغيير برنامج زيارة البرادعي للفيوم في أخر لحظة، واستبدال خطة الزيارة التي وضعها فرع الجمعية بالفيوم بخطة بديلة وضعها مسئولو الحملة المستقلة لدعم ترشيح البرادعي في الفيوم. وأوضح البيان أن الخطة البديلة لزيارة البرادعي استبدلت مؤتمر الجمعية الوطنية بالفيوم، الذي كان مخططا له أن يجمع كل قوى وناشطي التغيير بالمحافظة، بمؤتمر "هزيل نرحب فيه بالبرادعي ونؤيده ونبايعه ولا نتكلم في السياسة أو عن الحزب الوطني بحسب تعبير المخططين للزيارة". رد فعل البرادعي جاء في بيان نشره موقعه الرسمي، قال فيه إن: "الجمعية الوطنية للتغيير التي حدث سوء فهم حولها ليست في الوقت الحالي تنظيمًا قياديًّا ذا هياكل ومؤسسات منتخبة، بل هي إطار شعبي واسع مفتوح لكل المصريين"، وأكد أيضا أنه سيتواصل مع الشعب مباشرة من خلال كل الوسائل الإعلامية المتاحة ووسائل الاتصال الإلكترونية وبالطبع من خلال اللقاءات المباشرة. وقال البرادعي ردا على ابتعاده عن الشارع المصري نتيجة سفره المتكرر لخارج: "سفري للخارج هو جزء من ارتباطات دولية تتعلق بمسئولياتي الدولية بقضايا الأمن والسلم الدوليين كحائز على جائزة نوبل للسلام، وهذا بالطبع لا يعني غيابي عما يحدث في مصر". هدوء لغة بيان البرادعي لم يستمر طويلا، حيث صرح لصحيفة القدس العربي، معلقا على استقالات أعضاء بارزين بالجمعية، أنهم ليسوا حزبا سياسيا، وليس لهم هيكل يعملون من خلاله والهدف منها التغيير وجعل الشعب يتحمل مسئولياته لذلك فإن من يريد أن يخرج منها فليخرج.