قال خبراء عسكريون فى لبنان إن خطاب حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الذى توعد فيه بحصار إسرائيل بحريا فى أى مواجهة قادمة تشير إلى حصول الحزب على صواريخ وأسلحة بحرية قادرة على إيقاع ضرر مباشر بالبحرية الإسرائيلية، وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة من الردع اللبنانى يعقد من الحسابات لدى قادة إسرائيل قبل شن حرب على لبنان. وهدد نصر الله أمام الآلاف من أنصاره فى احتفال نظمه حزبه فى الذكرى العاشرة للانسحاب الإسرائيلى من لبنان بقصف «كل السفن العسكرية والمدنية والتجارية المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية» فى البحر المتوسط، فى حال إقدام سلطات الاحتلال على حصار الشاطئ اللبنانى فى أى نزاع جديد محتمل. وقال متوجها إلى الإسرائيليين، «فى أى حرب مقبلة تريدون شنها على لبنان، إذا حاصرتم ساحلنا وشواطئنا وموانئنا، فإن كل السفن العسكرية والمدنية والتجارية التى تتجه إلى موانئ فلسطينالمحتلة على امتداد البحر الأبيض المتوسط ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة الإسلامية». وأضاف: «من الشمال إلى أقصى الجنوب، نحن قادرون على استهدافها وضربها وإصابتها إن شاء الله، ونحن مصممون على دخول هذا الميدان الجديد إذا حاصروا ساحلنا». وقال: «عندما سيشاهد العالم كيف ستدمر هذه السفن (...) لن يجرؤ أحد على التوجه إلى هناك»، مضيفا: « أنا أتحدث عن البحر المتوسط، لم نصل بعد إلى البحر الأحمر». وتابع: «العدو خائف وسنبقيه خائفا. أما أنتم فكونوا مطمئنين، فقد تغيرت الحسابات والمعادلات». وختم نصر الله بالقول: «الحرب المقبلة سنواجه وننتصر فيها ونغير وجه المنطقة إن شاء الله». وفى تصريح ل«الشروق» عبر الهاتف من بيروت قال الخبير العسكرى زياد قارقوطى إن خطاب نصر الله فرض معادلة جديدة فى الصراع، فلأول مرة يعلن حزب الله دخوله مرحلة المقاومة البحرية وهو يشير بشكل قاطع إلى حصول الحزب على نوعية جديدة من الصواريخ والعتاد البحرى. وأوضح بالقول: «إن استهداف سفن إسرائيلية فى المياه الإقليمية يحتاج صواريخ أرض سطح تزيد فى مداها على 150 كيلومترا، الأمر الذى يعنى أن حزب الله أصبح يمتلك تلك النوعية من الصواريخ». ورأى الخبير اللبنانى أن حزب الله قد يكون طور نوعا من الزوارق التى قد يكون حصل عليها من إيران لضرب البوارج الإسرائيلية التى قد تقترب من السواحل اللبنانية». وبتلك الإمكانية الجديدة يكون لدى حزب الله «عنصران من الردع وهما الردع البرى الذى تحقق فى حرب 2006 والردع البحرى الذى يؤسس لمرحلة المقاومة البحرية المسلحة جيدا ويساعد فى تحييد البحر المتوسط كمنطقة تميز لإسرائيل»، بحسب قارقوطى. لكن النقطة الأهم والأخطر التى لم ينتبه لها الكثيرون فى خطاب نصر الله بحسب قارقوطى هو قوله: «لم نتحدث عن البحر الأحمر بعد»، حيث يرى الخبير اللبنانى أن نصر الله أراد تمرير رسالة ضمنية بأن المقاومة فى لبنان اصبح لديها إمكانات تجعلها قادرة على القيام بعمليات فى البحر الأحمر وهى منطقة بعيدة عملياتيا وتخضع لسيطرة محكمة من الدول العربية المطلة عليه كمصر والأردن والسعودية». وأوضح قارقوطى أن السيناريو المطروح فى هذا الأمر «هو أن يكون حزب الله قد تمكن من الحصول على تسهيلات من دولة معينة فى البحر الأحمر وهى على الأرجح قد تكون أريتريا وذلك لما يربطها بعلاقات جيدة مع إيران». وقال قارقوطى: «إذا استطاع حزب الله أن يقوم بعمليات فدائية فى منطقة باب المندب ضد السفن التجارية والعسكرية الإسرائيلية التى تعبر المنطقة، فإنه بذلك قد يكون رفع التكلفة بشكل باهظ على إسرئيل فى أى عدوان قادم على لبنان». ومن جانبه، قال الخبير العسكرى اللبنانى الدكتور هشام جابر رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة ل«الشروق» إن التطورات الجديدة تبعد أكثر احتمال قيام إسرائيل بشن عدوان جديد على لبنان. وأوضح أن «القيادة الإسرائيلية تحلل حاليا خطاب نصر الله وتضع له احتمالات عديدة، الأمر الذى يعقد حساباتها العسكرية فى اتخاذ أى قرار بالحرب، خاصة أنها ستخشى تكبد خسائر فى البحر وهى تدرك الأثر السلبى الذى نتج عن ضرب إحدى بوارجها فى حرب 2006 وهى قطعا لا تريد تكراره». وقال جابر إن عام 2006، كان البحر منطقة حرة لإسرائيل لكن خطاب نصر الله يغير هذا الوضع، لأن العدو يعرف أن حزب الله لم يتحدث قط من فراغ». وكان مركز «جورج مارشال» الأوروبى للدراسات الأمنية قد نشر تقريرا سابقا عن تسليح حزب الله البحرى قال فيه إنه «عند الخاصرة البحرية لإسرائيل، يطور حزب الله قوته البحرية بمساعدة إيرانية، إذ تزود بزوارق صينية الصنع. حتى إن مصادر إسرائيلية تشير إلى أن الحزب أنشأ وحدة غواصات صغيرة، حيث باستطاعة عنصر واحد تشغيل الغواصة، فضلا عن تجهيز أرصفة تحت الماء لأهداف عسكرية، وهو يتلقى تدريبات على مهاجمة سواحل إسرائيل فى أى نزاع مستقبلى فى إيران». وفيما لا تلغى الدراسة عنصر المبالغة فى هذه الأنباء، غير أنها تشير إلى أن استخدام حزب الله للصواريخ البحرية المضادة للسفن فى حرب تموز 2006 كان «مفاجأة إستراتيجية»، وبالتالى لا يمكن استبعاد أى احتمال فيما يخص تطوير قدرات الحزب، وخاصة أن «أى هجوم إيرانى على إسرائيل سينطلق فى الوقت نفسه من لبنان وقطاع غزة، لذا من المؤكد أن طهران ترتب ميادين عمل حلفائها لهذا الخيار».