بعد حالة من الترقب دامت خمسة أيام، أعلن الحزب الوطنى الديمقراطى عن أسماء مرشحيه لانتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى، مساء أمس الأول، وهى الأسماء التى أفرزتها المجمعات الانتخابية، وظلت «سرا حربيا» حتى اللحظات الأخيرة من عمر المهلة المحددة لتقديم أوراق الترشيح. واستبعدت اللجنة العليا للانتخابات 67 طلبا من جملة 579 طلبا تقدم بها الراغبون فى الترشح لانتخابات الشورى، حسبما أعلن القاضى انتصار نسيم حنا، رئيس اللجنة فى مؤتمر صحفى عقد فى مقر محكمة الاستئناف، أمس. وأوضح نسيم أن فحص الطلبات فى جميع المحافظات انتهى إلى قبول 509 مرشحين، واستبعد 67 لأسباب من بينها: «عدم استيفاء الأوراق والمستندات مثل شهادة تأدية الخدمة العسكرية وجنسية الوالد والمؤهل الدراسى وشهادة القيد فى الجداول الانتخابية وصحيفة الحالة الجنائية، فضلا عن عدم التمكن من إثبات الصفة بالنسبة للعمال والفلاحين. ووجود موانع مباشرة الحقوق السياسية كصدور حكم جنائى فى جرائم ماسة بالشرف»، ولفت إلى أن باب تقديم الطعون مفتوح خلال الفترة من 10 إلى 13 مايو الحالى، وأن آخر ميعاد للتنازل عن الترشح هو 20 مايو ليعلن بعدها الكشوف النهائية للمرشحين. وقال إن اللجنة «مارست دورها كاملا فى تمكين كل من تقدم لها بشكوى، ومكنت 15 متقدما من تسليم طلبات ترشيحهم وجميعهم من المستقلين». وفى رده على عدد من أسئلة الصحفيين فى المؤتمر أكد نسيم أن «المادة 13 من لائحة مجلس الشورى تتيح لعضو مجلس الشعب الترشح لانتخابات الشورى بشرط التنازل عن عضويته فى مجلس الشعب إذا فاز فى انتخابات الشورى». وقبل لحظات من إغلاق لجان تلقى الطلبات لأبوابها، تقدمت أمانات المحافظات بطلبات مرشحيها لتفويت الفرصة على «الراسبين» لدخول الانتخابات كمستقلين «رغم تحريرهم توكيلات تخول أمين المحافظة التنازل بالنيابة عنهم حال انشقاقهم وتقدمهم للجنة». وأثارت نتائج المجمعات الانتخابية ردود فعل متباينة فى المحافظات، ففى الوقت الذى طافت فيه مسيرات ومواكب «النصر» للمترشحين عن «الوطنى»، قابل «المخفقون النتائج بحالة من التذمر، وصلت إلى حد «إعلان العصيان» والوقوف فى وجه مرشح الحزب. ففى محافظة قنا رصد الزميل حمادة عاشور، حالة من الغضب الشديد، تزامنت مع إعلان الحزب قائمة مرشحيه، واحتفاظة ب«الحرس القديم»، وفى رد فعل سريع لقبيلة الأشراف بدائرة مركز قنا. أعلن عدد كبير من أقطاب القبيلة عن نية أكثر من 2000 منهم فى تقديم استقالتهم من الحزب، احتجاجا على عدم اختيار ممثلهم رفاعى عبدالوهاب، والذى قال ل«الشروق»: الحزب الوطنى أخطأ فى اختيار مرشحه لأن القبيلة تمتلك أكثر من 120 ألف صوت داخل دائرة قنا»، وأضاف: «تعرضت قيادات الحزب فى القاهرة للتضليل للإبقاء على العضو الحالى». وقال مصدر مطلع فى الحزب الوطنى بالفيوم للزميل ميشيل عبدالله، إن المهندس احمد عز، أمين التنظيم «لم يلتزم بتعهداته فى الالتزام بما يسفر عنه المجمع الانتخابى من نتائج، لأن مرشح الحزب محمد بهنس والذى اختير للدائرة الثانية، لم يحصل على أى أصوات فى المجمع الانتخابى»، وأضاف المصدر الذى رفض الكشف عن هويته أن «هناك تنبيهات على الذين لم يقع عليهم الاختيار لعدم انتقاد الحزب والانشقاق عليه، وتلقوا وعودا بإمكانية ترشيحهم فى انتخابات الشعب المقبلة». وقال الزميل يونس درويش، مراسل «الشروق» فى أسيوط إن حالة من الاستياء سيطرت على أعضاء «الوطنى» فى المحافظة، وأن 30 عضوا من الوحدات الحزبية من قرى منفلوط والقوصية وديروط ومركز أسيوط (بينهم أعضاء الشورى السابقون وأعضاء بالمحليات) تقدموا باستقالات إلى أحمد عبدالعزيز، أمين الحزب، احتجاجا على سيطرة الحرس القديم على ترشيحات الشورى، وتجاهل شباب المرشحين». شهدت كنائس أسيوط حالة من الفرحة، بعد اختيار الحزب للعمدة مالك مرشح، عقب تجاهل الحزب لترشيح الأقباط فى المحافظة والذى دام أكثر من 30 عاما. ونقل الزميل حمادة الشوادفى عن عدد من شيوخ القبائل فى جنوبسيناء «عزمهم على الوقوف فى وجه الحزب، وعدم مساندة مرشحه فى الانتخابات»، وتسود المحافظة حالة من الغضب بعد إعلان مرشح الحزب، وهو ما ترجمه البعض إلى رسائل ينشرونها بين الأهالى للوقوف فى وجه مرشح «الوطنى». وعلق المهندس سالم سمحان، أمين الحزب بالمحافظة على الرسائل: «ما يفعله البعض من المستبعدين من رسائل يعد أمرا طبيعيا، لأن الحزب لم يخترهم»، ونفى سالم ما يتردد حول تدخل احمد عز فى اختيار المرشح مؤكدا «اختيار الحزب تم وفق أسس ووقواعد تمت بمنتهى الشفافية والجميع يعرف ذلك». ووصف مراسلنا فى السويس سيد نون، الموقف فى المحافظة بأنه «صادم»، وقال إن «الراسبين فى المجمع الانتخابى» طالبوا قيادات الحزب برد مبلغ التأمين (5 آلاف جنيه). وقال أحد قيادات الحزب إن «الصدمة والدهشة التى انتابت أعضاء الحزب سببها التأكيدات التى قطعها قادة الحزب فى الأمانة العامة، من أنه سيتم احترام المجمع الانتخابى واستطلاعات الرأى، وهو ما لم يحدث». ولجأ عدد من المستبعدين من المجمع الانتخابى فى شمال سيناء إلى تقديم أوراق أقاربهم حسبما أفاد الزميل مصطفى سنجر، والذى رصد حالة من الانقسام داخل قبيلة الفواخرية فى العريش. فقبل إعلان اسم مرشح الحزب بساعات قليلة، تسرب اسم المرشح ليسارع اثنان من المتقدمين للمجمع الانتخابى بتقديم أوراق اثنين من أقاربهما إلى لجنة تلقى الطلبات حيث تقدم مدحت جودة، شقيق المرشح سمير جودة، بأوراقه، كما تقدم محمد سهمود القصلى، ابن عم المرشح أحمد القصلى بأوراقه لتنقسم قبيلة الفواخرية التى ينتمى إليها مرشح الحزب عبدالحميد سلمى والمرشحون المستقلون. وقال المرشح المستبعد سمير جودة: لن نلتف حول مرشح الحزب الوطنى فى أى مرة قادمة لأن الحزب رسخ الانقسام داخل القبيلة». وأكد مراسلنا فى المنيا ماهر عبدالصبور، أن ردود أفعال المستبعدين تباينت بين التلويح بالاستقالة، والتهديد بالتحالف ضد الوطنى «ولو مع الإخوان»، ونقل عن يحيى الصواف أحد المستبعدين بدائرة ملوى قوله: «ما حدث كان أمرا عجيبا، وكان من الواجب على الحزب الوطنى أن يحدد موقفه قبل المجمع الانتخابى، فلا يجوز أن يتقدم الجميع للمجمع ثم نفاجأ بمرشح هابط علينا بالباراشوت». وقال مصطفى مهدى عبدالرحيم «مستبعد»: الحزب يخسر أعمدته فى القرى والمراكز، وسيواجه تحالفات معلنة وغير معلنة، وقد بدت بوادرها بدفع احد أعضاء الوطنى لأسماء بعينها للترشح كمستقلين، وتضارب تعليمات الحزب وعدم حسمه للمواقف أدى لظهور مرشح للإخوان بالدائرة والبقية تأتى». وامتدت حالة السخط إلى محافظة دمياط التى نقل منها الزميل حلمى ياسين، ردود فعل متباينة، إذ قال المحاسب طلعت إسماعيل أحد المستبعدين «هناك دعم من القيادة التنفيذية لمرشح بعينه رغم سقوطه جماهيريا، فعندما تقدمت للمجمع الانتخابى كنت مقتنعا بما تم نشره من تصريحات على لسان مسئولين كبار فى الحزب الوطنى ولم ينفذوا ما وعدوا به، وكانت نتيجة الترشيحات بمثابة فضيحة»