قد تتجه بريطانيا نحو إجراء انتخابات جديدة خلال عام بعدما لم تفرز تلك التي أجريت يوم الخميس فائزا صريحا للمرة الأولى منذ عام 1974. وفاز المحافظون الذين يمثلون تيار يمين الوسط بأغلب المقاعد البرلمانية في اقتراع يوم الخميس لكنهم يتخلفون بعشرين مقعدا عن الأغلبية في البرلمان المكون من 650 مقعدا. وترك ذلك كلا من المحافظين وحزب العمال الحاكم يحاولان اجتذاب حزب الديمقراطيين الأحرار الأصغر على الدخول في اتفاق لاقتسام السلطة وهو أمر نادر في بريطانيا التي يفرز نظامها الانتخابي عادة فائزا صريحا. ولم تلق حالة عدم اليقين السياسي هذه ترحيبا من الأسواق - القلقة بالفعل من الإضراب المالي في اليونان - التي تريد تحركا حاسما للتعامل مع العجز الهائل في الميزانية المتوقع أن يتجاوز 11 % من الناتج الاقتصادي هذا العام. وفي حين أبدى مصدر من المحافظين تفاؤله بشأن احتمال التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة قال محللون أن هناك عقبات هائلة أمام إبرام الديمقراطيين الأحرار لاتفاق سواء مع المحافظين أو العمال. ويرجحون بدرجة أكبر تشكيل المحافظين حكومة أقلية تحكم دون اتفاق رسمي لاقتسام السلطة. لكن عودة زعيم المحافظين ديفيد كاميرون إلى الناخبين لطلب تفويض اقوي لن تكون بعيدة. وقال اندرو راسل المحاضر السياسي الكبير بجامعة مانشستر: "الاحتمالات هي أن تكون (الانتخابات المقبلة) خلال العام ما لم يستطيعوا عقد اتفاق شراكة مجد." واتفق معه مارك ويكهام جونز أستاذ العلوم السياسية بجامعة بريستول في أن إجراء انتخابات أخرى خلال عام يكاد يكون أمرا مؤكدا. وقال إن اقرب انتخابات أخرى قد تجرى في هذا الخريف. وأضاف "يجب أن يكون هناك وقت معقول يفصلنا عن الانتخابات (المقبلة)." كما يرى نورمان تيبيت الوزير بحكومة المحافظين السابقة أن احتمال إجراء انتخابات جديدة بات قريبا. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي. سي) "الناخبون يوم الخميس قالوا بشكل أساسي لزعماء الحزب 'انظروا نحن لا نعتقد أنكم كنتم صريحين وصادقين معنا...والشيء الافضل سيكون انتخابات جديدة خلال 12 شهرا'" . وكانت آخر مرة لم تعط فيها انتخابات بريطانية الأغلبية لحزب من الأحزاب في فبراير عام 1974 عندما قاد رئيس الوزراء العمالي هارولد ويلسون حكومة أقلية لأشهر قليلة قبل أن يدعو لإجراء انتخابات جديدة في أكتوبر من العام نفسه ليفوز بأغلبية بسيطة. وكان ويلسون قد فاز قبل عشر سنوات بهامش ضئيل في انتخابات عام 1964 لكنه عاد إلى صناديق الاقتراع بعد عامين محققا أغلبية أقوي. وستكون هناك عوامل كثيرة ستحكم رأي زعيم الديمقراطيين الأحرار نيك كليج الذي لم يحقق حزبه التوقعات في انتخابات الخميس. فهو قد يبعد بعض أعضاء ومؤيدي الحزب إذا تحالف مع أي من المحافظين أو العمال. والقضية الحاسمة بالنسبة له هي الإصلاح الانتخابي. فلطالما دعا الديمقراطيون الأحرار إلى إجراء انتخابات بنظام التمثيل النسبي كي تعكس قوتهم في البرلمان عدد الأصوات التي فازوا بها. ويعارض المحافظون الإصلاحات الانتخابية رغم أن كاميرون عرض تشكيل لجنة لبحث الموضوع. غير أن حزب العمال الذي يتولى السلطة منذ عام 1997 يميل إلى إصلاح النظام الانتخابي. لكن إذا تحالف معه نيك كليج فسينظر إليه ساعتها على انه يدعم حزبا خسر الانتخابات وقد يعاقب الناخبون الديمقراطيون الأحرار على ذلك في الانتخابات المقبلة.