مفتي الجمهورية يزور دار الإفتاء بأسيوط ويوجه ببذل الجهد لخدمة الدين والوطن (ًصور)    الصحفيين: قانون الإجراءات الجنائية طرح للنقاش بطريقة تثير علامات الاستفهام -(تفاصيل)    لمدة 5 ساعات.. انقطاع التيار الكهربائي عن عدة قرى بأبوقرقاص    قطع المياه عن بعض المناطق في سوهاج لمدة 6 ساعات (تفاصيل)    نائب الشيوخ : نجاحات حملة «إيد واحدة» منذ تدشينها    أخبار الاقتصاد اليوم: انخفاض أسعار اللحوم وارتفاع الطماطم في الأسواق.. عودة منصة إكس للعمل بعد تعطلها.. و373.6 مليار جنيه قيمة التداولات بالبورصة خلال الأسبوع    اغتيال عنصرين من حركة أمل في مواجهات مع جيش الاحتلال بلبنان    هل يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل؟.. أستاذ استشعار عن بُعد يحسم الجدل    هل تتخذ إدارة بايدن إجراءً ضد نتنياهو بعد مقتل الناشطة الأمريكية؟.. خبير يُجيب    ألمانيا تكتسح المجر بخماسية في مستهل مشوارها بدوري الأمم الأوروبية.. فيديو    وزير الداخلية يستقبل نظيره السعودي في إطار تدعيم التعاون الأمنى بين البلدين    متخصص في الاقتصاد العسكري: تصريح نتنياهو عن محور فيلادلفيا «هذيان»    مصدر ليلا كورة: نهاية إعارة زعلوك لمودرن سبورت.. واستمرار رشدان وكباكا    فيتور بيريرا يكشف التصنيف الخاص بالحكام والمساعدين المصريين    مودرن سبورت يجدد إعارة رشدان ويعيد زعلوك إلى الأهلي    انطلاق فترة إعداد فريق الاتحاد السكندرى تحت قيادة بابا فاسيليو    تصادم سيارتين بعمود إضاءة وسور خرسانى على محور حسب الله الكفراوى    الأرصاد الجوية تعلن درجات الحرارة المتوقعة غدا الأحد 08-9-2024    مهرجان فينيسيا، القائمة الكاملة للفائزين بجوائز مسابقة HORIZONS EXTRA    إعلام عبرى: أسرة المحتجزة القتيلة كارمل جات ترفض استقبال نتنياهو للعزاء    أثناء تسلمها الجائزة.. أفضل مخرجة بمهرجان فينيسيا ال81 تدعم غزة    بث مباشر.. فينيسيا السينمائي يعلن قائمة الأفلام الفائزة في دورته ال 81    أميرة سليم تستعد لطرح أغنية «بنحب المصرية» في هذا الموعد | صور    تفاصيل خطة وزارة الصحة استعدادا لبداية العام الدراسي الجديد -(فيديو)    وكيل صحة كفر الشيخ يتفقد أعمال القافلة الطبية بقرية برج مغيزل    أسعار الشوفان في الأسواق مساء اليوم السبت 7-9-2024    وكيله ليلا كورة: الأهلي لم يطلب ضم ستراندبيرج.. ولا أعلم صحة تصريحات رئيس هاتاي    منظومة الشكاوى الحكومية: الأوقاف تحقق نسب إنجاز واستجابات مميزة    اجتاح الصين ويصل إلى هذه الدولة خلال ساعات.. 9 معلومات عن إعصار «ياجي»    تفاصيل المسابقة السنوية لحفظ القرآن الكريم فى سوهاج    فوز برعي مرشح الأوقاف بالمركز الثاني في مسابقة حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده بالمغرب    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024.. خطوات الاستعلام عبر موقع التنسيق فور ظهورها والأوراق المطلوبة لتقديم الكليات    تجهيز الساحات ودورة الأهالى.. بدء احتفالات المولد النبوي الشريف بقرى الأقصر    ضبط وإحضار كروان مشاكل لتنفيذ حكم حبسه سنة    الاحتفال بالمولد النبوي الشريف: معاني ودروس    حدث في 8 ساعات| آليات سد العجز في أعداد المعلمين.. ورصد 80 بازارًا يمارسون أنشطتهم بدون ترخيص    نجم ليفربول يتغني ب سلوت    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع الصحي بغزة معقد.. وأغلب المستشفيات خارج الخدمة    «أخشى أن تكون والدته السبب».. داعية يفجر مفاجأة عن وفاة عريس الشرقية (فيديو)    جهود صندوق مكافحة الإدمان في التوعية والعلاج خلال أسبوع (فيديو)    مديرة مدرسة النيل المصرية الدولية فرع الشيخ زايد تكشف استعدادات بدء الدراسة    عمرو سلامة وبرنامجه "كاستنج" يتصدران الأكثر تداولاً على منصة X    «الخدمات الطارئة» بالشرقية يقدم الخدمة لأكثر من 6 آلاف مريض خلال 5 أسابيع    «الصحة» تدعو المواطنين للاستفادة من حملة «100 يوم صحة» قبل انتهائها    القائم بأعمال الإنابة بسفارة الجزائر بالقاهرة: نشكر مصر لإنجاح العملية الانتخابية    حقيقة خطوبة أمح الدولي أشهر مشجع للنادي الأهلي    وزير التعليم: الوزارة حريصة على تحسين الأوضاع المادية والإدارية للمعلمين    القوات المسلحة تنظم اليوم العلمي لتخصص العلاج الطبيعي في إصابة الملاعب    السجن 3 سنوات لصاحبة شركة متهربة من الضرائب بشبرا الخيمة    زراعة الغربية: إزالة تعديات على 14 قيراط أرض زراعية بهدف التبوير    الانتقام الأعمى.. حرق والدته ومنع الجيران من إنقاذها    50 جنيها فقط.. مترو الأنفاق يعلن لائحة الغرامات الخاصة بالركاب    حسام مسعود: حققت البرونزية الثالثة مع منتخب الطائرة جلوس..وهبنى بيت لولادى    نقيب الصحفيين ينعي حلمي التوني: كانت لوحاته تعبيرا عن مصر المبهجة وعن الواقع بتفاصيله    «الزراعة» تطلق قوافل إرشادية في المحافظات بمناسبة عيد الفلاح (صور)    التعليم تنتهي من تصحيح امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى وإعلان النتيجة قريبا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 7-9-2024    توقعات الفلك وحظك اليوم| برج الحوت السبت 7 سبتمبر.. اهتم بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقياس النيل المُعاصر
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 07 - 2024

• ندرة المعلومات حول الأصول التجارية العامة تؤدى إلى عدم كفاءة استغلالها
• لا مبرر لإدارة القطاع العام لثرواته بكفاءة أقل من القطاع الخاص
كان مقياس النيل يستخدم لقياس نقاء النهر ومستوى المياه خلال موسم الفيضان السنوى، وكان ذلك ضروريا للحضارة والحوكمة قديما فى مصر، حيث استخدمت الحكومة هذا المقياس كأداة للتنبؤ بحجم ونوع الفيضان السنوى، ومن ثم تحديد مستويات الضرائب التى يتعين تحصيلها.
أما المالية العامة المعاصرة فتركز فقط على الدين والسيولة المالية، حيث تتجاهل الحكومات قيمة «الأصول العامة Public Assets» وقيمة الأعباء المالية، وبالتالى يترك هذا المنظور الضيق الساسة دون إدراك حقيقى لتلك الأصول أو لمسئوليتهم عنها، مما قد يؤدى إلى إساءة استخدام الموارد وما يسببه ذلك من تعريض للأجيال المقبلة لظلم مُحتمل.
وعندما نقارن هذا الوضع بالقطاع الخاص، تتبين اختلافات مُذهلة، فالقيمة الإجمالية لأسواق الأسهم العالمية تعادل تقريبا إجمالى قيمة الاقتصاد العالمى أو إجمالى الناتج المحلى العالمى، وهذا القطاع من الثروة يخضع لتدقيق مستمر من قبل جيوش من المحللين والسماسرة والمستثمرين والجهات التنظيمية وسلطات الضرائب ووسائل الإعلام، وتستند تحليلات بيانات هذه الأسواق إلى حسابات مُدققة مبنية على معايير محاسبية حديثة تم تطويرها على مدى قرون، وهى معايير لم تُمكنا فقط من تطوير أسواق المال، بل أدت أيضًا إلى الثروة التى ننعم بها جميعا اليوم.
* قيمة الأصول العامة على مستوى العالم
تبلغ قيمة الأصول العامة على مستوى العالم ثلاثة أضعاف قيمة أسواق الأوراق المالية، إلا أن تلك الأصول ليست خاضعة للتدقيق والإشراف والتنظيم، بل تكاد تكون خارج الحسابات تماما، فمعظم الحكومات عند وضع ميزانياتها تغفل إلى حد كبير هذه الأصول والقيمة التى يمكن أن تولدها، فرغم أن تلك الأصول تمثل أكبر حصة من الثروة فى العالم إلا أن فهمها لا يزال صعبا.
وتؤدى ندرة المعلومات عن الأصول التجارية العامة إلى صعوبة استغلالها بكفاءة، حيث تقدر دراسة أجراها صندوق النقد الدولى تكلفة ذلك بنحو 1.5% من إجمالى قيمة الأصول سنويا، أى ما يعادل حوالى 4.5% من إجمالى الناتج المحلى العالمى.
وتشمل أوجه قصور استغلال الأصول التجارية العامة؛ انخفاض أو غياب العائد منها بسبب ضعف المحاسبة، وسوء الإدارة، والهدر والفساد. بالإضافة إلى أنه تؤدى إلى تداعيات خطيرة على مستوى الاقتصاد الكلى إذ تبدو الميزانيات العمومية الحكومية أضعف مما ينبغى.
وتُظهر أبحاث صندوق النقد الدولى أن الحكومات التى تتمتع بصافى ثروات أكبر (صافى قيمة الأصول بعد خصم الالتزامات) تتعافى بشكل أسرع من الركود وتكون تكاليف اقتراضها أقل.
وبينما يعتبر إغفال صافى الثروة تضليلا، يؤدى إلى إساءة قياس القدرة على تحمل الديون، ويتسبب فى هروب الاستثمار، فإن الحكومات التى تركز على صافى الثروة يتوافر لديها حافز للاستثمار فى الأصول الإنتاجية.
وعلى المدى الطويل، يُسهل التركيز على صافى الثروة من عملية مساءلة الحكومات عن القرارات المتعلقة بالإنفاق والاقتراض والضرائب وتأثيرها على العدالة بين الأجيال. وفى الوقت ذاته يساعد الحكومات على تدبير الاستثمارات اللازمة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية والديموغرافية والجيوسياسية.
* الأصول الإنتاجية الحكومية
يقصد بالأصول التجارية المملوكة للحكومة، أى أصول قادرة على توليد إيرادات شريطة إدارتها بطريقة احترافية، وهى نوعان: أصول تشغيلية وأصول عقارية.
وبينما يمكن أن تكون ملكية الأصول التشغيلية مثل المرافق (المياه والكهرباء) وأصول النقل (المطارات والموانئ وأنظمة مترو الأنفاق) على المستوى المحلى أو الوطنى، فإن البنوك والشركات الكبرى، المملوكة غالبا على المستوى الوطنى، موضع نقاش واسع، نظرا لكونها أقل ربحية مقارنة بالأنشطة المماثلة فى القطاع الخاص.
أما بالنسبة للقطاع العقارى المملوك للحكومة، فيبقى بالكامل شبه منسى بالكامل فى الحسابات الحكومية.
إلى ذلك، تعتبر الحكومات، دون استثناء، أكبر مالك للأراضى فى جميع الدول، لكنها لا تولى سوى قدر ضئيل من الاهتمام سواء لقيمة هذه الممتلكات أو لكيفية إدارتها بهدف تقديم أفضل قيمة لدافعى الضرائب.
ويترتب على تلك الإخفاقات السالف ذكرها تكاليف فعلية، فمن الصعب على أى مسئول فى الحكومة أو الناخبين مساءلة أى شخص عن إدارة هذه الأصول «الخفية» أو التساؤل عما إذا كان لا تزال هناك حاجة للاحتفاظ بها. ولهذا تتجنب الهيئات العامة التى تعانى من ضائقة مالية، اتخاذ قرارات قد يواجهها القطاع الخاص، ومنها ما إذا كان باستطاعتها تلبية احتياجاتها عبر تحسين استخدام هذه الأصول أو بيعها.
* الخوارزمى مبتكر «المحاسبة على أساس الاستحقاق»
تعتبر «المحاسبة على أساس الاستحقاق Accrual Accounting» التى ابتكرها الخوارزمى، أبو الجبر، فى القرن التاسع الميلادى، من أهم التطورات فى تاريخ البشرية. فقد أرسى بها الأساس لأسواق رأس المال المعاصرة والشركات متعددة الجنسيات، وبدون هذه المحاسبة فإن الاقتصادات المتشابكة حاليًا كانت ستصبح مستحيلة. ومع ذلك، لم يكن القطاع العام متحمسا لاعتماد هذه الأداة الأساسية، رغم إدارة الحكومات لمحافظ أصول أكبر وأكثر تعقيدا من تلك التى تديرها العديد من الشركات الخاصة.
وفيما تدعى العديد من الحكومات أنها تعمل على تحول أنظمة المحاسبة الحكومية لديها من «المحاسبة النقدية Cash Accounting» إلى «المحاسبة على أساس الاستحقاق»، بما يتماشى مع معايير القطاع الخاص والمعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام، إلا أن قلة من الحكومات تتخذ القرار الحاسم باستخدام «المحاسبة على أساس الاستحقاق» فى إدارة شئونها المالية.
وحتى الآن، كانت نيوزيلندا الدولة الوحيدة التى انتهجت «المحاسبة على أساس الاستحقاق» واتبعت إطارا للإدارة المالية الحكومية مدفوعا بهذه الطريقة المحاسبية، الأمر الذى ساعدها على تجاوز عقدين من العجز الحكومى وتراجع صافى الثروة، لتشهد 30 عاما من تحقيق قيمة اقتصادية مضافة مع تسجيل عجز فى سنوات قليلة للغاية.
ونرى ثمة طريقة لتسريع تلك العملية، تبدأ بإجراء تقييم موجز للقيمة الاسترشادية لجميع الأصول التجارية العامة أى وضع «خارطة للأصول»، حيث تستغرق تلك العملية شهرا وتعد بمثابة دراسة جدوى توفر فهما لكيفية التعامل مع الخطوة التالية المتمثلة فى نقل حيازة الأصول التجارية العامة إلى صناديق الثروة العامة التى تضمن بدورها تطبيق معايير الحوكمة والإدارة والمحاسبة والمساءلة تجاه مجموعة أصول محددة يتم استخدامها فى القطاع الخاص.
وفى ظل صناديق الثروة العامة، يمكن حصد ثمار الإدارة الكفؤة سريعًا فى غضون عام أو عامين، وهو ما يختلف تماما عن الوقت الذى قد يستغرقه تطبيق معايير «المحاسبة على أساس الاستحقاق» فى القطاع العام والاستخدام الفعال للمعلومات الناتجة عنها.
ويبقى التأكيد هنا على أنه ليس هناك مبرر لإدارة القطاع العام لثروته بكفاءة أقل من القطاع الخاص، باستخدامه أدوات أقل تطورًا من تلك التى كانت لدى المصريين فى الماضى.
إن تبنى المعايير المحاسبية التى تحركها القواعد والأهداف المالية القائمة على أساس صافى الثروة هو الصيغة الحديثة لمقياس النيل، التى تخلق فرصا كبيرة لتنويع الاقتصاد وتحسين المالية العامة على المدى الطويل دون أى تقليص فى الخدمات العامة أو زيادة فى الضرائب.
*****
* داج ديتر: خبير ومستشار استثمار دولى من السويد متخصص فى الأصول التجارية العامة ومؤلف مشارك لكتاب «الثروة العامة للأمم»
* إيان بول: أستاذ جامعى نيوزيلندى يعد مهندس عملية إصلاح الإدارة المالية لحكومة نيوزيلندا، كما أطلق وقاد عملية تطوير المعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام (IPSAS).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.