درست مريم المهدي الطب في الأردن ومارسته حتى عام 2000، عندما قررت التفرغ لقضايا المرأة والتنمية، ثم أصبحت مسئولة الاتصالات في حزب الأمة، وهي تقر بأن وقوف زوجها إلى جانبها مكنها من تحقيق كل هذا. ومريم هي ابنة الصادق المهدي الذي تطلق عليه اسم "الحبيب"، ومن القيادات الشابة البارزة في حزب الأمة التاريخي الذي فاز في آخر انتخابات تعددية في 1986، حين تولى أبوها رئاسة الوزراء قبل أن يطيح به الرئيس عمر البشير في 1989 بدعم من الإسلاميين. تحمل مريم المهدي التي أنجبت أربع فتيات "كلهن مهتمات بالسياسة"، رتبة رائد طبي في القوات المسلحة، وقد خدمت من 1997 إلى 2000 على الحدود الشرقية مع اريتريا، لكنها تتحدث بحماس عن تنمية المرأة، التي تفرغت لها بعد تلقيها تدريبا في جامعة هارفارد الأميركية. وتقول مريم عن زوجها عادل شريف مساعد مدير بعثة الصليب الأحمر الدولي في السودان، "زوجي هو صديقي، لقد تقبل ولعي بالعمل السياسي، ووقف دوما إلى جانبي"، وتتذكر السياسية البالغة من العمر 45 عاما "حياتي تغيرت بعد انقلاب 1989، ولم تكن بي رغبة في الزواج، إلى أن التقيت بعادل، كنت منغمسة في السياسة، وهو منشغل بالعمل الإنساني، وكان صبورا، وتمكن من إقناعي رغم محاولتي إبعاده عني"، مضيفة "علاقتي بعادل أخذت بعدا جديدا خلال الانتخابات، فكان أول داعم ومؤيد لي.. لقد تفرغ لمساعدتي ومتابعة الأطفال عندما أكون منشغلة في الحملة الانتخابية للحزب". وعن انتخابات 11 إلى 15 أبريل التي قاطعها حزب الأمة، تقول مريم التي ترشحت لعضوية المجلس الوطني (البرلمان) في أم درمان "هذه المسرحية لا تنطلي على أحد، قررنا المقاطعة بعد أن استنفدنا الرجاء في تلبية مطالبنا في حماية الحريات وضمان التحول الديمقراطي، ولأن المفوضية القومية للانتخابات لم تعد مرجعية ولا محايدة"، وتقول "خضنا حملة مع 965 مرشحا، لكننا تعرضنا لمضايقات من المفوضية، سواء من خلال القيود التي فرضت على التجمعات حتى داخل المنازل أو تقليص محطات الاقتراع، فبات المؤتمر الوطني (الحاكم) هو القادر على نقل الناس للاقتراع". وتتذكر مريم تجربتها مع الاعتقال، وتقول "سجنت مرتين، الأولى في سبتمبر 2006 خلال الانتفاضة على الغلاء، وحكم علي بالسجن شهرين، لكن القاضي قرر إخلاء سبيلي بعد ثلاثة أيام، لأن لدي ولدين توأمين عمرهما أقل من ثلاثة أشهر"، وتستطرد "الثانية ليوم واحد في 14 ديسمبر 2009 عندما قمعت الشرطة تظاهرة للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، وبرفع القيود عن الحريات والإعلام في أم درمان". وتتحدث مريم بغضب عن "المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا"، معتبرة أنه "فقد دوره كطرف ثالث، وبات أداة للطرف المهيمن، لأن لديهم مصلحة قصيرة الأجل في أن يحصل انفصال للجنوب، ويولد بلد أفريقي جديد، لقد أرادوا أن تقوم الانتخابات بأي حال وهم يعرفون أنها مزورة". وتخشى مريم على مستقبل السودان، وتقول "بعد الانتخابات ستكون الحكومة في مأزق، عليها الوفاء بالتزاماتها وتنظيم المشورة الشعبية على استقلال الجنوب (مطلع 2011) في حين يعتمد الشمال في 60% من موارده على الجنوب الغني بالنفط، لقد دمروا المشاريع الزراعية، ولن يتمكنوا من مواجهة تبعات الانفصال". لكن مريم المهدي تعتبر تخصيص 25% من مقاعد البرلمان، ومجالس الولايات الخمس والعشرين للنساء إيجابيا، وتقول إن "النساء في السودان متعلمات وحاضرات في الحياة العامة، وهناك إرث من احترام المرأة في السودان، وهي متقدمة على أخواتها العربيات والأفريقيات وإن كانت الأخيرات يتبوأن مناصب أعلى". وتتذكر قائلة "كانت أمي أول سودانية تخرجت من جامعة أميركية في 1962، وحازت على ماجستير في الأنثروبولوجيا من جامعة نيويورك، وهي حفيدة الإمام المهدي، وابنة عم الصادق المهدي".