اليورو والين يرتفعان وسط توقف مكاسب الدولار    أسعار شرائح الكهرباء 2024 ونصائح لتقليل استهلاك الفاتورة المنزلية    مصرع صبي في انقلاب جرار داخل مصرف بالدقهلية    بوتين: نشعر بالقلق إزاء الأحداث في الشرق الأوسط ولا نريد للصراع أن يتفاقم    بوريل يعرب عن انزعاج الاتحاد الأوروبي الشديد إزاء تقارير عن وجود جنود كوريين شماليين في روسيا    الرئيس السيسي يعود لأرض الوطن بعد مشاركته في قمة بريكس بروسيا    وزير الثقافة يكرم الفائزين بمسابقة الموسيقى والغناء فى ختام مهرجان الموسيقى العربية في دورته ال 32    رويترز : نتنياهو يرحب باستعداد مصر للتوصل إلى صفقة للإفراج عن المحتجزين فى غزة    أمينة خليل تكشف موعد تصويرها لمسلسل "لام شمسية" على هامش افتتاح الجونة السينمائي    توقعات الأبراج للاعبي الأهلي والزمالك قبل القمة: عواد مشتت وعاشور لديه طاقة هائلة    الثقافة تدشن أول مركز للموهوبين بإقليم شرق الدلتا    ماذا قال أمين الفتوى عن الحلف بالميت أو الأبناء؟    مصرع طفل سقط من شرفة الطابق الرابع فى الدقهلية    حصار إسرائيلي خانق لمستشفى كمال عدوان في غزة وسط نداءات استغاثة طبية    كولر ينافس جوميز وديسابر على أفضل مدرب في أفريقيا    محمود عنبر: الفترة المقبلة ستشهد تطورا في التبادل التجاري بين دول «بريكس»    السوبر المصري.. محمد عواد ينقذ شباك الزمالك من هدف أهلاوي    بنزيما يقود هجوم الاتحاد أمام الرياض في الدوري السعودي    ل«ضمان جودة التعليم».. «الإسكندرية الأزهرية» توفد لجان فنية لمتابعة المعاهد (صور)    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    شمال سيناء: الكشف على 377 مواطنًا فى قافلة طبية بقرية النثيلة    بروتوكول تعاون بين جامعة حلوان و"الصحفيين" لتقديم الخدمات الصحية لأعضاء النقابة    شريف فتحي يؤكد عمق العلاقات الثنائية بين مصر وإيطاليا في مجال السياحة    خالد الجندي: أنا أؤمن بحياة النبي في قبره.. فيديو    «مُحق في غضبه».. تعليق مثير من عماد متعب بشأن أزمة كهربا مع كولر    السجن 6 سنوات لمتهم يتاجر في الترامادول    غادة عبدالرحيم تشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر السكان والصحة والتنمية    الجريدة الرسمية تنشر قرار إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية    وزير الأوقاف: مصر تهتم بالمرأة في شتى مناحي الحياة    مدبولي يستقبل الشوربجي: نحرص على تذليل التحديات أمام المؤسسات الصحفية    نهائي السوبر المصري.. محمد عبدالمنعم يوجه رسالة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الزمالك    عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل برغم القانون ل إيمان العاصى الليلة على on    حب فى ظروف غير ملائمة    محمد القس شرير مسلسل برغم القانون.. أهلا بك فى هوليوود الشرق    "حياة كريمة" تحذر من إعلانات ترويجية لمسابقات وجوائز نقدية خاصة بها    رئيس جامعة الأزهر يتفقد الإسكان الطلابي بدمياط    مجهول يقتحم سفارة دولة الاحتلال فى كوريا الجنوبية    تقدم 3670 مشاركا للمنافسات المؤهلة لمسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم    هل قراءة القرآن من الموبايل لها نفس أجر المصحف؟.. داعية إسلامي يجيب    انقلاب سيارة نقل "تريلا" بطريق الإسماعيلية القاهرة الصحراوي    الاحتلال يشن غارة على موقع علمات جبيل جنوب لبنان    البابا تواضروس يستقبل وزيري الثقافة والأوقاف.. تفاصيل التعاون المقبل    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    رئيس هيئة الدواء: مصر تطوي صفحة النواقص ومخزون وطني لتأمين أدوية الضغط    انتهاء التوقيت الصيفي.. موعد وطريقة تغيير الساعة في مصر 2024    بوتافوجو يقسو على بينارول بخماسية ... اتلتيكو مينيرو يضع قدما بنهائي كوبا ليبرتادوريس بفوزه على ريفر بليت بثلاثية نظيفة    "إيتيدا" و"القومى للاتصالات" يختتمان برنامج التدريب الصيفى 2024 لتأهيل الطلاب    الابن العاق بالشرقية.. حرق مخزن والده لطرده من المنزل    جامعة بني سويف تحتل المرتبة 11 محليًّا و1081 عالميًّا بتصنيف ليدن المفتوح    المشدد 5 سنوات لعاطلين شرعا في قتل سائق "توك توك" وسرقته بالمطرية    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    سيميوني: ركلة جزاء غير صحيحة منحت ليل الفوز على أتلتيكو    جيرارد: صلاح مهووس باللعبة.. أتحدث عنه باستمرار.. وأتمنى بقاءه    الطقس اليوم.. استمرار الرياح على البلاد وأمطار تضرب هذه المناطق بعد ساعات    عباس صابر يبحث مع رئيس بتروجت مطالب العاملين بالشركة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة في المعاهد الصحية    برامج تعليمية وتدريبية.. تعرف على أنشطة مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى"    أول إجراء من الزمالك ضد مؤسسات إعلامية بسبب أزمة الإمارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السور الفولاذى أولًا
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 04 - 2010

لا وجه للمقارنة بين الإنجاز الذى تم فى عملية إقامة السور الفولاذى بين سيناء وقطاع غزة، وبين الجهد الذى بذل لإزالة آثار السيول التى ضربت سيناء فى شهر يناير الماضى.
هذه المقارنة اضطررت إليها حين وجدت الصحف المصرية تنشر بين الحين والآخر أخبارا عن زيارات تفقدية يقوم بها العاملون فى المكتب العسكرى الأمريكى بالقاهرة لمتابعة خطوات إقامة السور الذى يحكم الحصار حول القطاع ويلغى تماما دور الأنفاق التى كانت توصل احتياجات المحاصرين.
وأحدث تلك الأخبار نشر فى الأسبوع الماضى، وكان عن قيام الملحق العسكرى الأمريكى بتفقد المرحلة الأخيرة من إقامة السور. وأثار انتباهى فى هذا الصدد أن الصحف المصرية تجاهلت تماما ذكر أى خبر عن الموقف من ضحايا السيول فى سيناء. ولم يكن ذلك التجاهل متعمدا بطبيعة الحال، ولكن صحفنا لم تتحدث عن أى أخبار بخصوص الموضوع، لسبب جوهرى هو أنه لا توجد أخبار أصلا!
لقد شاءت المقادير أن يتسرب خبر البدء فى إقامة السور فى ذات الشهر الذى اجتاحت فيه السيول أماكن مختلفة فى وسط سيناء وشمالها، الأمر الذى أدى إلى تشريد عدة مئات من البشر، وهدم بيوتهم المبنية من الطين، واجتياح خيام الشعر التى يحتمى بها آخرون من البدو فى فصل الشتاء. وفى حدود علمى فإن المحافظة حصرت نحو 600 أسرة فقدت مساكنها وباتت تحتاج إلى بيوت بديلة. كما أن بعض الطرق العمومية تم تخريبها جراء اندفاع السيول. وبعد مضى نحو ثلاثة أشهر على انطلاقة البناء فى السور الفولاذى ووقوع كارثة السيول، يحق لنا أن نسأل عما حققه «الإنجاز» فى كل منهما.
لقد استبقت وأجبت على السؤال، الأمر الذى يسوغ لى أن أقول بأن الإنجاز فيما خص السور يمكن أن يعطى علامة 9 من عشرة لأنه فى مرحلته الأخيرة ولم يكتمل بناؤه أما «الإنجاز» على صعيد إغاثة متضررى السيول فإنه لا يستحق علامة تتجاوز 3 من عشرة، إذا تحدثنا عما قدم إلى الناس من مساعدات وتعويضات (أغلبها من الجيش والأهالى). وصفر من عشرة إذا ما تحدثنا عن إقامة مساكن بديلة تأوى الأسر البدوية الستمائة التى تضررت، أو عن الطرق التى خربت ولم يتم إعادة رصفها خلال الأشهر الثلاثة.
وسوف نلاحظ عند المقارنة أن شركة «المقاولون العرب» ألقت بثقلها وراء مشروع إقامة السور الفولاذى، فى حين لم نجد لها حضورا يذكر لا هى ولا أى شركة مقاولات مصرية أخرى فى عملية توفير المساكن للذين دمرت السيول بيوتهم أو اجتاحت مضاربهم.
لقد تم التعامل مع مشروع السور بمنتهى الجدية والهمة العالية، فى حين عومل المتضررون من السيول بمنتهى الإهمال واللامبالاة لماذا؟ الإجابة تتلخص فى أن موضوع السور يتعلق بأمن إسرائيل، ويقف وراءه بصراحة ووضوح الأمريكيون والإسرائيليون، وهم بممارساتهم على الأرض كذبوا ما رددته أبواق الأفاكين والمنافقين فى مصر من أنه مجرد إنشاءات اقتضتها ضرورة حماية الأمن القومى للبلاد..
من ثم فهو مشروع أخذ على محمل الجد من البداية، ولا علاقة له بالإدارة أو البيروقراطية المحلية، ووجود بعض شركات المقاولات المصرية فيه تم من خلال عقود تشغيل تجارية، أبرمت فى إطار الاستعانة بالإمكانيات المحلية لتوفير النفقات.. أما موضوع إعمار ما تم تدميره أو تخريبه فى سيناء فهو مهمة لم تلق ما تستحقه من حماس من جهاز الإدارة، لأنها فى نهاية المطاف متعلقة بمصالح المواطنين المصريين، التى لا تحتل أولوية فى ترتيب أجندة الأجهزة البيروقراطية أو الحرب المهيمن.
كانت النتيجة أن الحماس والتعبئة الإعلامية فى مصر وجها صوب الدفاع عن السور الذى أرادته الولايات المتحدة وإسرائيل.
أما حين تعلق الأمر بإعمار ما ضربته السيول فى سيناء فإن هذا الحماس تبدد وسكتت الأبواق الإعلامية التى لم تر فى تلك المفارقة المشينة ما يستحق التنويه فضلا عن المساءلة والحساب. المدهش أن الشق الذى تجاهله هؤلاء بسكوتهم عن مساندة أهالى سيناء هو الذى يضر حقا بأمن مصر، الذى تقدم عليه أمن إسرائيل فى المشهد الذى نحن بصدده.
إننا بإزاء حالة صارخة تجسد مدى الضعف أمام الضغوط الخارجية، والاستهتار واللامبالاة بمصالح المواطنين ومصائرهم. بل انها تفضح أيضا موقف شهود الزور الذين تنافسوا على الدفاع عن أمن إسرائيل، وخرست ألسنتهم حين تعلق الأمر بأمن مصر، فى حين ظلوا يعطوننا دروسا فى الوطنية والانتماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.