في تطور جديد ومثير لقضية مر عليها عشرون عاما ، كشفت وسائل الإعلام الجزائرية النقاب عن أن قضية اعتداء النجم الجزائري الأسبق الأخضر بللومي على الطبيب المصري أحمد عبد المنعم تمت تسويتها بتنازل الطبيب عن حقوقه المدنية والجزائية في أعقاب تقديم اللاعب الأسبق اعتذاره عن طريق اللجنة الأوليمبية الجزائرية ، بينما لم ترد أي معلومات من هذا النوع حتى الآن عبر مصادر مصرية أو مستقلة. فقد خرجت الصحف الجزائرية الصادرة أمس ومن بينها الشروق والفجر والشعب بعناوين مبتهجة تزف إلى الجماهير الجزائرية نبأ انتهاء هذه القضية على خير ، أو كما وصفت أنها نهاية سعيدة "على طريقة أفلام هوليود" لأطول مأساة لنجم من نجوم كرة القدم وأساطير الكرة الجزائرية. وتعود أحداث هذه القضية إلى تاريخ مباراة مصر والجزائر التاريخية يوم 17 نوفمبر عام 1989 التي انتهت بفوز مصر بهدف حسام حسن الشهير والتأهل إلى كأس العالم بإيطاليا عام 1990 ، حيث أعقب المباراة مشاحنات عديدة بين اللاعبين والجمهور الجزائري من ناحية والجماهير المصرية من جانب آخر امتدت إلى مقر إقامة الفريق الجزائري في أحد فنادق مصر الجديدة ، والتي شهدت تعرض الطبيب المصري إلى "فقأ" عينه نتيجة كوب زجاجي طائر ألقى به اللاعب الجزائري الذي أنكر تماما التهمة ، ولكنه ظل بسبب هذه القضية غير قادر على مغادرة الجزائر لوجود أمر دولي من "الإنتربول" لاعتقاله أينما حل لتورطه في هذه القضية. ولكن ، وعلى مسئولية الصحف الجزائرية ، فقد أثمرت الاتصالات والمفاوضات التي جرت على مستويات متعددة من الجانبين المصري والجزائري فقد تم الاتفاق على التسوية السابق ذكرها ، والتي يعتذر بموجبها بللومي عما حدث ، في مقابل تنازل الطبيب عن دعواه ، وهو ما اعتبرته الصحف الجزائرية خطوة كبيرة لتلطيف الأجواء بين البلدين قبل المباراة التي ستجمع بينهما في استاد مصطفى شاكر بمدينة البليدةالجزائرية يوم 6 يونيو المقبل في تصفيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ، تضاف إلى خطوة أخرى مهمة وهي تكريم اللاعب المصري محمد أبو تريكة في الجزائر لحصوله على لقب أحسن لاعب عربي في استفتاء صحيفة "الهداف" الجزائرية. وأكدت صحيفة "الشروق" الجزائرية عبر موقعها الإليكتروني أنها "حصلت على معلومات رسمية تؤكد أن الطبيب المصري تنازل عن الدعوى القضائية التي رفعها على النجم الجزائري الأسبق الأخضر بللومي ... وتم في القاهرة حل المشكلة بصفة نهائية بعد أن قدم بللومي اعتذاراته الرسمية عن طريق رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية في بداية هذا الأسبوع مقابل تنازل الضحية - الطبيب المصري - عن حقوقه الصادرة في المحضر القضائي والحكم الصادر ضد بللومي ، ومن بينها إلغاء مذكرة الاعتقال الصادرة في حق أحد صانعي أفراح الكرة الجزائرية" ، في إشارة إلى بللومي ، وأكد النبأ نفسه صحيفة الفجر التي ذكرت أن جلسة عقدت في القاهرة الثلاثاء بين اللواء منير ثابت رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية ونظيره الجزائري مصطفى براف وتم خلالها على تسوية الموضوع وإغلاق الباب في هذه القضية نهائيا. وأضافت الصحف أن المساعي لحل هذه المشكلة بدأت منذ وقوع الفريقين المصري والجزائري في مجموعة واحدة في تصفيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ، وهي المجموعة الثالثة ، حيث أعرب المسئولون في الطرفين عن شعورهم بالخوف من وقوع أحداث جديدة خلال مباراتي الفريقين في المجموعة بسبب هذه الأحداث ، وزاد من رغبة الطرفين في تسوية الموضوع مشكلة إبراهيم حسن مع النادي المصري خلال مباراة فريقه مع بجايةالجزائري في بطولة أندية شمال أفريقيا ، وكذلك تعهد الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة بالتدخل شخصيا ، بعد أن قدم منحة إلى اللاعب الأسبق الذي يدرب حاليا فريق غالي معسكر الجزائري لأداء العمرة ، غير أنه وجد أن بللومي لا يستطيع السفر لوجود أمر اعتقال دولي ضده ، وتجدد وعد الرئيس الجزائري لبللومي بمناسبة الحملات الانتخابية الحالية التي يقوم بها بو تفليقة بوصفه أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية الجزائرية. الطريف أن غالبية المعلقين على هذه التطورات في وسائل الإعلام الجزائرية اندهشت من تقديم بللومي اعتذارا عن الواقعة رغم تأكيده الدائم على أنه لا علاقة له بما حدث للطبيب المصري ، والطريف أن الصحف الجزائرية حملت تصريحات جديدة لبللومي يؤكد فيها أنه ليس من قام بهذا الفعل ، واتهم فيها الجمهور المصري "حينذاك" بالتعصب الشديد وفرض أجواء مشحونة على اللقاء. ولكنه في الوقت نفسه ، لم يخف بللومي في أكثر من تصريح رغبته في زيارة مصر قائلا : "لا يختلف اثنان على أن (أم الدنيا) مغرية بحكم تاريخها العريق وأصالة شعبها وثقافته الراقية" ، معبرا عن تأثره الشديد بصداقاته الكثيرة مع مصريين ، وأكد أنه يتواصل بصورة حميمية مع نجوم مصر القدامى كالخطيب وشوبير ومجدي عبد الغني". أما الطبيب المصري نفسه فنقلت عنه صحيفة "الشروق" الجزائرية قوله فيما اعتبرته أول حديث صحفي بعد الإعلان عن تسوية القضية : "نعم .. الحمد لله .. لقد تم حل القضية نهائيا .. وأنا سعيد للوصول إلى نقطة النهاية بعد عشرين سنة من المماطلة" ، وأكد أن كل ما طالب به كان الاعتذار عما حدث ، والذي وصفه بأنه يعبر عن نبل وشهامة من الجانب الجزائري. وردا على سؤال عما إذا كانت التسوية قد تضمنت تعويضا ماديا كبيرا كما أشارت بعض الصحف الجزائرية ، قال الطبيب : "لا ، هذا غير صحيح تماما ، أؤكد لك أنه منذ البداية لم تكن لي مطالب مادية على الإطلاق ، وأؤكد أن التعويضات المالية لم تكن أبدا في صلب المفاوضات التي جرت بين مسئولي البلدين حول هذه النقطة".