تختتم اليوم الخميس عملية الاقتراع في أول انتخابات تعددية في السودان منذ 24 عاما، وقد شابتها مشكلات لوجستية واتهامات بخروقات يخشى أن تفضي إلى حالة من الاحتقان لدى إعلان النتائج المرتقبة ابتداء من 20 أبريل. وفي حين أكدت المفوضية أن الانتخابات تجري بهدوء، أعلن فيليب بولا مسئول حزب المؤتمر الوطني الحاكم في ولاية غرب بحر الغزال الجنوبية أن الجيش الشعبي لتحرير السودان المهيمن في الجنوب قتل مسئولا محليا للحزب ومدنيين آخرين بالقرب من مدينة راجا يوم الاثنين الماضي، إثر مشادة كلامية مع أحد عناصر الجيش. وكذلك، لم يتسن قبل يومين التأكد من مقتل 2 من الناخبين برصاص الجيش الشعبي لتحرير السودان في ولاية الوحدة الجنوبية، في حادث أعلن عنه لام أكول المرشح لرئاسة حكومة جنوب السودان يوم الثلاثاء الماضي. ونفى عندها كول ديم كول المتحدث باسم الجيش الشعبي تلك المعلومات، فيما قال دبلوماسي في الخرطوم إنه ينبغي التعاطي بحذر مع مثل هذه الأنباء مع اقتراب الإعلان عن نتائج الانتخابات، لأن مجرد الاتهامات قد تؤدي إلى الاحتقان وتدفع الناس للتصرف بطريقة غير عقلانية. ويخشى السودانيون أن يؤدي الإعلان عن النتائج وخصوصا في الجنوب إلى التوتر وربما إلى مواجهات، كما عبر سكان العاصمة عن خشيتهم من حدوث قلاقل من خلال اختيار مغادرة الخرطوم قبل بدء التصويت يوم الأحد الماضي. وأثارت المشكلات اللوجستية والإدارية التي شابت بداية عملية التصويت الأحد الماضي مخاوف من التوتر لكن الأمر مر دون حوادث، حيث عالجته المفوضية القومية للانتخابات بتمديد التصويت ليومين إضافيين حتى اليوم الخميس لكي تتمكن غالبية الناخبين المسجلين وعددهم 16 مليونا من الإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس والمجلس الوطني وحكام ومجالس الولايات. وعدا هذه "الأخطاء الفنية" كما تسميها المفوضية والتي تسببت بتأخر بدء التصويت في بعض الولايات وقد تؤدي إلى تأجيل التصويت في بعض الدوائر، فإن ما يلقي ظلالا على هذه الانتخابات هو عدم مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسية مثل حزب الأمة التاريخي بزعامة الصادق المهدي وحزب الأمة -الإصلاح والتجديد بزعامة مبارك الفاضل. وبالمثل سحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان المهيمنة في الجنوب مرشحها للرئاسة ياسر عرمان لكنها قاطعت الانتخابات فقط في شمال السودان. وبذلك انحصرت المنافسة بين حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير الذي بات ضامنا الفوز، وحزبين معارضين رئيسيين هما الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة عثمان الميرغني وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي. ودفع ذلك الأحزاب المقاطعة إلى التشكيك في مصداقية الانتخابات وإعلان رفضها مسبقا لنتائجها، ولكن المؤتمر الوطني أعلن أنه سيعرض على المعارضة -رغم مقاطعتها- المشاركة في حكومة وحدة وطنية في حال فوزه في الانتخابات. وقال غازي صلاح الدين العتباني مستشار الرئيس السوداني يوم الأربعاء: "إذا فزنا في الانتخابات وإذا فاز الرئيس في الانتخابات، عندها ستكون الخطوة التالية هي تشكيل الحكومة وسنوجه الدعوة إلى كافة الأحزاب حتى تلك التي لم تشارك في الانتخابات لأننا نؤمن بأننا نمر في مرحلة حرجة في تاريخنا". وتابع: "إذا قرروا ألا ينضموا إلى الحكومة وإذا قرروا عدم إعارة الاهتمام للعرض، فإنهم سيعزلون أنفسهم، في رأيي أنه لا يمكن لأي سياسي سديد الفكر أن يرفض مثل هذا العرض". وفي تصريحات نقلتها صحف الخرطوم اليوم، قال حسن الترابي إن حزبه لن يدخل في شراكة مع الحكومة المقبلة، في حين أعلن فضل الله برمه ناصر نائب رئيس حزب الأمة أن الوقت لا يزال مبكرا للتعليق على الانضمام للحكومة، لكنه أشار إلى أن حزبه مهتم بعقد محادثات مع حزب المؤتمر الوطني والأحزاب الأخرى. ومما لا شك فيه أن المؤتمر الوطني سيسعى إلى حشد تأييد واسع لحكومته بعد الانتخابات بهدف ترسيخ مصداقيتها على المستويين الداخلي والدولي. وبات السودان على مفترق طرق بالنسبة لتقرير مصير الجنوب المقرر بداية 2011 في حين يواجه الرئيس السوداني مذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفور.