أحمد موسى: إحنا بنبني بلدنا والشعب بينتصر على التحديات    بعد إصابة الطالبات.. رئيس جامعة الأزهر يتناول وجبة العشاء في المدينة الجامعية بالأقصر.. صور    بعثة ايران بالأمم المتحدة: اسرائيل هاجمتنا من العراق بتواطؤ أمريكي    ننشر أسماء مصابي حادث انقلاب أتوبيس الدير المعلق بأسيوط    نادي فنون الأوبرا يناقش واقع الموسيقى المصرية في الإبداع العربي المعاصر    دمياط الجديدة .. تنفيذ 11 قرار غلق وتشميع وإزالة مبان مخالفة بعدد من الأحياء    محافظ الغربية يؤكد على إنهاء ملف التقنين وتسهيل الإجراءات في ملف التصالح    التشكيل الرسمي ل ريال مدريد ضد برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    حزب الله يستهدف قواعد وتجمعات للجنود الإسرائيليين في تل أبيب    نادية فكري: دعم الرئيس السيسي سبب تفوقي ببارالمبياد باريس    رسالة عاجلة من رئيس ال«كاف» إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي| ماذا قال؟    رابطة الأندية لليوم السابع: لا تعديل فى مواعيد المباريات بعد تطبيق التوقيت الشتوى    جولة سياحية للمشاركين بالمسابقة الإقليمية لمدارس الأبطال الموحدة للأولمبياد الخاص    «التضامن» تعمل على وضع تصور للمنظومة الشاملة للإقراض الصغير ومتناهي الصغر    خلط البنزين مع المياه في محطات الوقود.. ما حقيقة الأمر؟    موعد ومكان صلاة جنازة الفنانة شريفة ماهر.. رحلت بعد صراع مع المرض    معلومات عن فريق بلاك تيما بعد مشاركته في احتفالية أكتوبر.. أبهروا الجميع    توقعات سعيدة تنتظر 3 أبراج في النصف الثاني من نوفمبر.. «استعدوا للارتباط»    هجوم إسرائيلي على إيران.. القاهرة الإخبارية تعرض تقرير "نجاح مزعوم"    مركز الخدمات الطارئة ومشروع رعايات مصر بصحة الشرقية يقدم الخدمة ل 15 ألف مريض    سلطات جورجيا تشير إلى محاولة تلاعب في مركز اقتراع    رئيس المصري : عودتنا للعب على استاد النادى سيكون لها بالغ الأثر الإيجابي    أبو العينين يهنئ محمد اليماحي بفوزه برئاسة البرلمان العربي    «الأرصاد»: حان الوقت لارتداء الملابس الشتوية    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصف الثاني الإعدادي 2024 في القاهرة الكبرى    طلب إحاطة بشأن غلق وتشميع العيادات المرخصة لحين التصالح    إنزاجي يرد على موتا قبل ديربي إيطاليا    ألمانيا.. فريق إدارة الأزمات يجتمع وسط مخاوف بشأن الشرق الأوسط    جمعية رجال الأعمال المصريين توقع اتفاقية تعاون مع لجنة مدينة لينيي الصينية لتعزيز التجارة الدولية    تفاصيل مواعيد مترو الأنفاق بعد تطبيق التوقيت الشتوى.. فيديو    20 صورة| مُريحة وأنيقة.. إطلالات رجالية غير تقليدية في مهرجان الجونة السينمائي    السيطرة على حريق داخل معهد الأورام بالقصر العيني    وزير الصحة يثمن دور الإعلام في تغطية مؤتمر السكان بصورة مشرفة لمصر    زامل رونالدو سابقًا.. النصر السعودي يخطط لضم "مشاغب فرنسا"    رئيس «النواب» يهنئ محمد اليماحي لفوزه برئاسة البرلمان العربي    قطار صحافة الدقهلية وصل محطة الإدارة التعليمية بأجا لتقييم مسابقتى البرنامج الإذاعى والحديث الألكترونى    خدمة عملاء بنك مصر الأعلى بحثًا.. اعرف السبب    76.05 دولار لبرنت.. تعرف على أسعار النفط بعد هجوم إسرائيل على إيران    إعلامى يكشف عن موقف هانى أبوريدة من الترشح بانتخابات اتحاد الكرة المصري    مفتي الجمهورية: جمود الفكر الديني أكبر تحدي للدعوة الإسلامية في العصر الحديث    أخبار الفن.. زوج جيهان سلامة يضربها.. صدمة أحمد عز.. حجاب نجمة ذا فويس    تفاصيل إصابة 96 طالبة من المدينة الجامعية بالأزهر بالأقصر باشتباه تسمم.. المحافظ تواجد معهم بالمستشفى.. سيارات إسعاف لنقلهم للمستشفى وإعادتهم للمدينة.. وشيخ الأزهر ورئيس جامعة الأزهر يتابعان الحالة الصحية.. صور    مصرع طالب جامعي أسفل عجلات قطار في الشرقية    وزير التعليم العالي يفتتح عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة الإسكندرية    صحة الدقهلية: تطعيم 7500 سجين باللقاح الكبدي الفيروسي "بي "    طريقة عمل كيكة الرواني، مكوناتها بسيطة وطعمها مميز    فيديو.. رئيس الأركان يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي    مدبولي: نحرص على دفع العمل في القطاعات المُنتجة لخفض فاتورة الاستيراد    «فاو» تكرم مدير مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البني في البطاطس    رئيس الوزراء يتفقد المدرسة اليابانية في السويس    أستاذ بالأزهر: الزوج لازم يقول كلام طيب لزوجته لهذه الأسباب    هل صلاة قيام الليل يمكن أن تعوض الصلوات الفائتة؟.. الإفتاء توضح    وزير الأوقاف: القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله عز وجل بها نبيه    فيديو.. خبير سياسات دولية: إسرائيل تهول من نجاح الهجوم على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    استوليا على 21 عمود إنارة.. قرار عاجل من النيابة الإدارية ضد اثنين من العاملين بالوحدة المحلية بأبو النمرس    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    إغلاق المجال الجوى الإيرانى بعد استهداف مطار الخميني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل الصماء والمتحدية تقامر بمستقبلها
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 04 - 2010

واجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عاصفة من النقد الدولى هذا الأسبوع. غير أنه بدلا من إضاعة الوقت فى الحديث عن العيوب الأخلاقية للنزعة التوسعية الإسرائيلية فى الضفة الغربية، يبدو مفيدا أكثر أن نتناول الأمر الوحيد الذى يهم أنصار السيد نتنياهو، وهو هل بإمكانه أن ينجو بفعلته؟
يشير بعض القوميين الإسرائيليين إلى أن التاريخ يزخر بالدول التى تعدل حدودها وفقَا لمصلحتها الذاتية عقب تحقيق انتصارات فى الحروب. وقد فعل السوفيت ذلك على نطاق واسع فى 1945، حينما هجروا الملايين من البشر غير المرغوب فيهم من شرق أوروبا. فهل هناك اليوم من يتذكر أن كاليننجراد كانت فى الأصل كونيجسبرج فى شرق بروسيا؟ هل هناك من لديه استعداد جدى لاستعادة الأراضى الشرقية التى أخذها ستالين من البولنديين.
تعكس حدود إسرائيل السابقة على 1967 خطوط وقف إطلاق النار فى 1948 فحسب. ويقول مؤيدو الليكود: بما أن العالم العربى يرفض الاعتراف بشرعية الوجود الإسرائيلى برمته، فما هى الميزة التى ستنجم عن حصر الكثافة السكانية الإسرائيلية الكبيرة فى داخل حدود قديمة وتعسفية؟
ودائما ما تستخدم عبارة «عملية السلام فى الشرق الأوسط» بطريقة خاطئة. ذلك أنه إذا كان لشىء من هذا القبيل وجود قبل اغتيال رابين، فإنه لم يعد موجودا منذ ذلك الحين. فقد سعت إسرائيل إلى تنفيذ برنامج متواصل للتوسع الاستيطانى فى القدس الشرقية والضفة الغربية، حيث أصبح يعيش حاليا 177 ألف مستوطن يهودى.
وتعمل الحكومة الإسرائيلية بلا كلل من أجل خلق وقائع على الأرض. إذ حد الجدار الأمنى الذى يعزل إسرائيل عن الفلسطينيين من خطر الإرهاب. ويجرى السيد نتنياهو الذى ظل دائما فى قرارة نفسه يؤمن بإسرائيل العظمى التى تشمل معظم الضفة الغربية حسابات باردة بشأن السلوك الأمريكى. وبالرغم من أنه يرى الرئيس أوباما باعتباره عدوا، فإنه يُقدِر أن الكونجرس والشعب الأمريكى لا يرغبان فى انقطاع العلاقات الودية مع إسرائيل.
لدى الفلسطينيين، بل وفى الحقيقة أغلب العرب، عدد قليل من الأصدقاء الأمريكيين خارج نطاق تعاملات النفط والسلاح. وكانت هجمات الحادى عشر من سبتمبر الإرهابية بمثابة كارثة بالنسبة لهؤلاء، حيث أصبح معظم الأمريكيين يخافون بشدة من العالم الإسلامي، ويقبلون إسرائيل، عدو عدوهم، باعتبارها صديقا. وتتمتع إسرائيل بدعم قوى، بل ومتعصب، من جانب المسيحيين الإنجيليين.
وفى إسرائيل، يتميز المزاج العام بالرضا على نحو لافت للنظر. ذلك أن الاقتصاد الذى كان يحقق معدل نمو قبل 2009 يقدر بنحو 5% قد تراجع قليلا فحسب، فى الوقت الذى كانت معظم الدول الغربية فى حالة ضعف. ويبلغ متوسط الدخل الفردى الحقيقى 37800 دولار، وهو ما يزيد عن نظيره فى سنغافورة وهونج كونج وأيرلندا. بل إن الإسرائيليين يتعلقون بالأمل فى أن تنحسر مشكلاتهم الديموجرافية. بينما يتراجع معدل المواليد لدى العرب فى الداخل، يتزايد معدل المواليد لدى اليهود، وإن كان بنسبة ضئيلة.
وفى العام الماضى، تصدر صحيفة جيروزاليم بوست العنوان التالى: «دعونا نستفيد من الأخبار الديموجرافية الجيدة». وتحت هذا العنوان قالت الافتتاحية ما يلى: «توجب الريح المواتية للديموجرافيا اليهودية على الحكومة تبنى خريطة طريق ديموجرافية تؤدى إلى زيادة الأغلبية اليهودية، فى الوقت الذى تحترم فيه حقوق الأقلية العربية». ودعت الصحيفة السيد نتنياهو إلى جعل زيادة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل أولوية. ولعله من المشكوك فيه أن يؤدى الغضب الذى يشعر به السيد أوباما إلى تغيير هذا المزاج، ما لم تفرض واشنطن إسرائيل ثمنا ملموسا على إسرائيل أو إلى أن يحدث ذلك.
وُيترك للمثقفين وواضعى الإستراتيجية الإسرائيليين التعبير عن المخاوف إزاء المستقبل. ويتمثل الأمر الأكثر وضوحا فى أنه إذا أصرت حكومتهم على الاستمرار فى السياسات التى اتبعتها خلال الأعوام الماضية، فإن ذلك سيحكم على البلاد بالعزلة الدائمة، بل والحرب فى حقيقة الأمر.
ويبدو من قبيل المقامرة الخطرة أن يتأسس حكم دولة صغيرة على الإيمان بالتفوق العسكرى الأبدى فحسب. وأيا ما كانت النقاط المضيئة على الصعيد الديموجرافى، تبقى هناك حقيقة أساسية، وهى أن العرب فى فلسطين، المحرومين من الحقوق التى تُعتبر مسلما بها فى الدول الديمقراطية الغربية كافة، يتزايد عددهم بمعدلات أسرع من اليهود. ويبلغ عدد سكان إسرائيل، بما فى ذلك مستوطنى الضفة الغربية والإسرائيليين العرب، الذى يمثلون 26% من السكان، 7.5 مليون نسمة. لكن الكثير من اليهود الذين يرون أن من حقهم أن يكونوا مواطنين إسرائيليين اختاروا عدم العيش فى بلدهم المزعوم ولم تكشف صحيفة جيروزاليم بوست عن النسبة الدقيقة لهؤلاء، لكن الاستخبارات الأمريكية تقدر أنهم يمثلون 20%.
ويناقش العديد من اليهود من ذوى الرؤية المتعمقة داخل إسرائيل وخارجها القضايا الفلسفية التى تخص الأساس الكلى الذى ترتكز عليه سياسة هذه الدولة، وحكومة السيد نتنياهو على الخصوص. ونشرت المؤرخة الفرنسية إيتير بارباروسا لتوها كتابا مرموقا بعنوان «المعاناة كهوية»، حيث تقول إن على اليهود النظر إلى المستقبل، لا الماضى، والتوقف عن تعريف نظرتهم للعالم مستندين على الهولوكوست الذى جرى تسييسه بقوة منذ الخمسينيات.
وتتساءل المؤرخة، كيف يمكن لإسرائيل أن تبنى هويتها الوطنية برمتها على حادث الإبادة الجماعية، وأن تربط شبابها بتاريخ المعاناة هذا الذى يجعل من السلام مع دول الجوار فكرة شديدة التجريد. هل يحق للإسرائيليين التحدث باسم الذين ماتوا فى الإبادة الجماعية؟ هل وافق الموتى على استخدام البعض لمصيرهم المأساوى، وتطويعه من أجل خدمة المطامح القومية على حساب الفلسطينيين، الذين لا يتحملون أى مسئولية عن الكارثة التى حلت باليهود الأوروبيين؟».
وفى الأجل القصير، يبدو من الممكن، بل ومن المرجح، أن يستطيع السيد نتنياهو تحدى السيد أوباما. غير أن مأساة إسرائيل تكمن فى أنها أصبحت مجتمعا ينظر إلى الداخل أكثر من أى وقت مضى، ويفخر برفاهيته، ويصم أذنيه عن سماع رأى الخارج، ويحتقر العرب. وتتجاهل إسرائيل عمدا احتمال أن يعجز الفلسطينيون على تشكيل دولة قابلة للحياة وقادرة على ممارسة سلوك مسئول فوق الأراضى التى تحوى مستوطنات يهودية وطرقا إستراتيجية.
غير أن مطالبات إسرائيل بشأن القدس الشرقية ترتكز إلى شعور بالاستحقاق الأخلاقى الذى يتزايد رفض العالم له. وسوف يصحو الأمريكيون يوما ما ليدركوا فداحة الثمن الإستراتيجى الذى يدفعه بلدهم جراء الانغماس فى قبول التجاوزات الإسرائيلية. قد تنجح إسرائيل فى تأمين كامل القدس داخل حدودها. لكنها تخاطر بأن تجعل نفسها فى مفارقة مروعة دولة منبوذة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.