دمج وعودة وزارات جديدة.. أحمد موسى يكشف ملامح تشكيل الحكومة المرتقب (فيديو)    نادي مستشاري النيابة الإدارية بالمنصورة يهنئ الرئيس السيسي بثورة 30 يونيو المجيدة    نقيب الفلاحين يبشر المزارعين: إنفراجة قريبة في أزمة الأسمدة    مياه الجيزة: إصلاح خط مياه قطر 600 ملي بميدان فيني بالدقي.. وعودة المياه تدريجيا    وزير النقل يبحث مع وفد من كبرى الشركات الألمانية الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجاري تنفيذها    إيران: الأجواء المثارة من قبل إسرائيل ضد لبنان "حرب نفسية"    عمرو أديب: دعم الاتحاد الأوروبي لمصر سياسي قبل أن يكون اقتصاديا    يورو 2024.. لا فوينتي: مباراة جورجيا ستكون معقدة ولها حسابات خاصة    "إهدرنا للفرص أعاد الزمالك للقاء".. أول تعليق من أيمن الرمادي بعد الهزيمة من الفارس الأبيض    مانشستر يونايتد يراقب دي ليخت لخطفه من بايرن ميونخ    بالصور.. انهيار منزل مكون من 4 طوابق في الدقهلية وقرار عاجل من المحافظ    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 عبر الموقع الرسمي (الرابط المباشر للاستعلام)    مصطفى كامل يدعم أعضاء نقابة المهن الموسيقية مراعاةً للظروف الاقتصادية    بعد اعتذاره لإدارة موازين.. محمد رمضان يتراجع: "في أوامر بإقامة الحفل وعدم إلغائه"    هيئة البث الإسرائيلية: أكثر من 40 مواجهة بين الجيش وفصائل فلسطينية فى الشجاعية    «قصور الثقافة» تحتفل بذكرى «30 يونيو» غدًا على «مسرح 23 يوليو » بالمحلة    كاظم الساهر يزور مدينة الفنون والثقافة فى العاصمة الإدارية قبل مغادرته مصر    أستاذ تمويل يوضح مكاسب مصر من ترفيع العلاقات مع أوروبا    بالصور.. وكيل الأزهر يتفقد لجان امتحانات الشهادة الثانوية في مادة الأحياء    وفد شؤون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله إلى مسقط    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    مدبولي يُثمن توقيع أول عقد مُلزم لشراء الأمونيا الخضراء من مصر    مبابي يختبر قناعا جديدا قبل مواجهة بلجيكا في أمم أوروبا    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة منطقة شمال إفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية    بعد 8 أعوام.. الجامعة العربية تلغي تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية"    احتفالية كبرى بذكرى ثورة 30 يونية بإدارة شباب دكرنس    حبس 20 متهماً بتهمة استعراض القوة وقتل شخص في الإسكندرية    «نويت أعانده».. لطيفة تطرح مفاجأة من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان كاظم الساهر    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «إيستي» السويدية تعزيز التعاون في القطاع الصحي    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    تطوير عربات القطار الإسباني داخل ورش كوم أبو راضي (فيديو)    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دنيا جورج إسحاق.. ذكريات ومشاهد على هامش السياسة
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 06 - 2023

قد تتعاطف الأقدار معك وتسمح لك بتوديع من تحب قبل أن يرحلوا، وقد تحنو عليك وتمكنك من إضافة لحظة جميلة جديدة وحديث آخر من القلب إلى رصيدك من الذكريات معهم وهم يهمون بالانصراف. هكذا كان وداعى لجورج الذى لم تفارق الابتسامة وجهه فى لقائنا الأخير به، وكعادته، سأل عن أحوالى واستمع إلى حكايات قريتى فى صعيد مصر ثم تكلم عن أحوال البلد وناسها قبل أن يجيب فى سكينة ووقار عن تساؤلاتى بشأن حالته الصحية.
غير أن تعاطف الأقدار معى وحنوها علىّ فيما خص جورج لم يتوقف عند لحظة الوداع الجميلة والصادقة، بل تواصلا بعد رحيله. توفى أبى وأنا لم أكمل عامى العشرين بعد، ورحلت أمى بعد مرض عضال لم يتمكن الأطباء من علاجه، واختطف فيروس كورونا صديقى العزيز الكاتب والمترجم أحمد عز الدين من غرفة للعناية المركزة فى مستشفى برلينى لم يسمح لى بعيادته فيها. ولم تأت استجابتى النفسية والجسمانية لفقدان من أحب سوى بخليط من البكاء والصمت والعزلة وبرفض داخلى لاسترجاع ذكرياتى معهم بحلوها ومرها لكيلا تزيد أحزانى. أما عندما رحل جورج، فاختلف الأمر. فقد تملكتنى بجانب الحزن والأسى رغبة جارفة فى الاحتفاء بحياته المديدة، وفى التذكر الفورى لبعض مما كان بيننا من مواقف وأحداث، وفى استعادة ذاكرة دموع وابتسامات وضحكات كثيرة تشاركنا فيها وكانت فى حقيقتها التعبير الأصدق عن سماحة وأصالة الرجل البورسعيدى الذى دأب على التعامل مع اللحظات الصعبة التى واجهتها البلاد أو واجهها أصدقاؤه أو واجهها هو شخصيا بشجاعة لا تغيب المشاعر وجرأة تمنع الإمساك بالعصا من المنتصف وتفاؤل منبعه الأمل فى الغد.
ولأن الأقدار كانت قد قررت التعاطف معى عندما رحل جورج، فإنها ساقت لى أيضا حنان ابنتى ناديا التى ما إن شاهدت دموع الفراق تجرى على وجهى إلا واحتضنت رأسى بيديها الصغيرتين ومسحت بعفوية الأطفال على قلبى قائلة إنها أيضا حزينة ولكنها تعلم أنه الآن فى مكان أجمل لا آلام به وأن علينا أن نفرح له. بعدها سألت عن حال «شيكس»، عن حال شهير الابن الأصغر لجورج وصديقى العزيز وشيكس هو تصغير اسمه المحبب إلى قلبها وقلبى، وعما إذا كنت أريد الذهاب إليه لمساندته وتخفيف حزنه. فقلت أنه والأسرة كلها يحتاجون إلى شىء من الهدوء فى لحظة الوداع. تفهمت ابنتى، وواصلت على مضض الاستماع معى إلى أغنية «يا دنيا يا غرامى» لمحمد عبدالوهاب والتى كان جورج يحبها كثيرا. ثم طلبت منى أن أروى لها بعضا من ذكرياتى مع «جوكا» (كما كانت تسمعنى أناديه وأخاطبه). وهنا لم يعد الصمت ممكنا، وانزوى خطر العزلة فى حضرة «الست ناديا» التى لم تكن لتقبل من القصص، وهى لم تشاهد جورج الغالى فى زياراتنا المتبادلة سوى مبتسم ومتفائل، إلا ما يحتفى بحياته وغرامه بالدنيا.
• • •
قلت لها إننى تعرفت عليه قبل سنوات طويلة (2004) فى مدينة الإسكندرية (على هامش ورشة عمل حول المواطنة والإصلاح الدستورى والسياسى كانت قد نظمتها الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية وأقيمت فى فندق فلسطين البديع). قلت لها أنه خاطبنى منذ الوهلة الأولى مستخدما الصيغة المعروفة لتصغير اسمى فى العامية المصرية، وأن طريقته الحميمية فى الحديث وبحثه الدائم عن أعين من يخاطبهم ويخاطبونه وإشارته إلى كونى درست «مقدمة فى العلوم السياسية» لشهير الذى كان آنذاك من طلاب كلية الاقتصاد جميعها أمور أسقطت بسرعة الكثير من الحواجز بيننا وقريتنى منه.
رويت لناديا أن سنوات سفرى للعمل فى الولايات المتحدة بين 2005 و2010 لم تمنع تجدد اللقاء بين جورج وبينى إن أثناء زياراتى المتكررة لمصر أو خارجها فى نقاشات أكاديمية حول السياسة فى بلادنا (آنذاك كانت مراكز دراسات الشرق الأوسط تتهافت على مشاركة جورج فى ورش عملها بعد أن أسس حركة كفاية فى 2004 وجمع بها على هدف الديمقراطية ممثلين عن جميع التيارات الفكرية والسياسية). قلت إن خفة دم جورج وضحكاته وابتساماته كانت تجعل من أشد النقاشات مللا مقبولة الحضور وتجعل أوقاتها تمر متسارعة. وتذكرت كيف ضجت قاعة جامعة أوروبية بالضحك (كان ذلك فى جلسة مخصصة لمناقشة تجربة حركة كفاية) لأن جورج تمسك بوضع سماعات الترجمة الفورية على أذنيه على الرغم من تعطل الخدمة وكيف قال بصوته الجهورى حين سئل عن السبب أنه يستقبل إرسالا خاصا من قمر صناعى متطور للغاية يشرح له كل ما يستعصى عليه فهمه من أحاديث الخبراء الأجانب!
صمت قليلا، أعدت تشغيل «يا دنيا يا غرامى»، استرجعت فيض ذكريات المواقف والأحداث العديدة التى جمعت بين الغالى جورج وبينى بعد 2011 وصنعت بمحطاتها المتتالية وتقلباتها الدراماتيكية صداقتنا، من النشاط السياسى والحملات الانتخابية إلى العمل الحقوقى من داخل وعاء المجلس القومى لحقوق الإنسان فى تشكيله الجديد بعد ثورة يناير وبين الأمرين دورات الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية ونقاشات حول سبل مناهضة التمييز وإقرار حقوق المواطنة المتساوية وأعمال لجان تقصى الحقائق التى شكلت فى أعقاب هجمات طائفية مقيتة وحوارات تليفزيونية تشاركنا فيها وزيارات أسرية متبادلة. قلت لناديا، حين التفت أن صمتى لم يجعلها تترك جانبى وأن عودة صوت عبدالوهاب لم تنفرها، إننى سأقص عليها من فيض الذكريات هذا مشهدين طريفين دوما ما حرص جورج على استدعائهما ضاحكا كلما التقينا.
• • •
حكيت أن جورج، أستاذ التاريخ، كان ينظم دورات تثقيفية لطلاب المدارس وتدريبية للمعلمين (من خلال عمله فى الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية التى لم تكن تقدم خدماتها للمصريين المسيحيين فقط) وإننى شاركت كمحاضر فى دورات كانت أماكنها تمتد امتداد رقعة الوطن من بورسعيد إلى أسوان ومن العريش إلى مرسى مطروح. وفى دورة عن حقوق المواطنة والمشاركة السياسية نظمت لطلاب المدارس فى معسكر للشباب بمرسى مطروح وبعد أن انتهت أعمال اليوم الأول وكنت أجلس على الشاطئ معه ومع أستاذ التاريخ الجليل الدكتور محمد عفيفى ومع بعض الطلاب نتحدث عن أحوال البلاد والعباد، سمعنا صخبا قادما من مبنى الطلاب وميزنا صرخات استغاثة تتحدث عن وجود عديد الصراصير داخل الغرف. فما كان من جورج، وهو كان يعرف من مواقف سابقة أننى أرتعب من تلك المخلوقات وكأنها قادرة على افتراسى حيا، إلا أنه نهض من جلسته وقال بصوته الجهورى «بس عندى الحل! يلا يا عموره روح خلص على الصراصير وساعد ولادك الطلبة»! وطبعا لم أفعل، بل ركضت بأقصى سرعة ممكنة إلى بقعة مظلمة على الشاطئ هاربا من «تدبيسات جوكا» المعتادة.
رويت أن مراقبة الانتخابات كانت من بين واجبات عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان بين 2011 و2013، وأن جورج (كان توزيعه داخل المجلس فى لجنة الشكاوى) وأنا (كنت فى لجنة الحريات) تشاركنا أكثر من مرة فى أعمال المراقبة وكتابة تقارير عن سير العملية الانتخابية وحدود الانتظام والتجاوز. قلت لناديا أن مراقبة الانتخابات (البرلمانية) فى 2011 (فى جولتها الثانية) ذهبت بجورج وبى إلى عدد كبير من مدن وقرى محافظات الدلتا. وفى إحدى المدن، وكان ذلك يوم الانتخاب والذى يفترض به صمت ماكينات الدعاية الانتخابية وغياب جميع مظاهرها، وجدنا لافتات ويافطات لبعض المرشحين والأحزاب معلقة على أبواب مدرسة حكومية كانت فى ذات الوقت مقر إدلاء المواطنات والمواطنين بأصواتهم. طالبنا حارس المدرسة بإزالة جميع اللافتات واليافطات، وساعدناه مع آخرين على إزالتها. بعد الإزالة، غادرنا المدينة لنستكمل جولتنا على بقية الأماكن التى كان علينا مراقبة الانتخابات بها. وفى مساء ذلك اليوم الطويل عدنا إلى مدينة ومدرسة «الإزالة»، لنلقى الحارس واضعا يده على رأسه ورأسه مغطاة بشاش طبى. ما إن لمحنا الرجل إلا وركض نحونا صارخا ومنفعلا: «بطحونى يا أستاذ جورج، ضربونى يا دكتور عمرو، سيحوا دمى»! سألناه عما حدث، فقال أن مرشحا من المرشحين الذين أزال لافتاتهم بعد أن طالبناه نحن بذلك لم يرق له الأمر وأرسل من اعتدى عليه وأنه خلال الساعات الماضية انتظر عودتنا «عشان نجيبله حقه» ولكى يتدخل المجلس القومى لحقوق الإنسان لصالحه. ارتفع صوت جورج لاعنا المرشح الذى اعتدى على الحارس المسكين وعارضا عليه الذهاب فورا إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن المعتدين. ثم نظر جورج ومعه الحارس باتجاهى لصمتى وعدم اشتراكى فى الحوار. فما كان منى، وكان إرهاق يوم المراقبة قد بلغ منى مبلغا شديدا، إلا أن قلت للحارس «معلش يا حبيبى، حقك عليا، روح بيتك دلوقتى طالما ما فيش نزيف والصباح رباح ونبقى نشوف هنعمل ايه»! وافق الرجل بعد أن «طيبت خاطره»، وما إن غادرنا المكان إلا وانفجر جورج ضاحكا «الراجل يقولك بطحونى يا دكتور عمرو، تقوم تقولوا وأنت بتنام على روحك معلش يا حبيبى وروح بيتكوا دلوقتى، يا عينى على التعامل الشيك مع انتهاكات الانتخابات، والراجل بدل ما يقول يلا بينا على القسم يوافقك ويمشى، ده حاجة غلب»! لم أتمالك نفسى من الضحك على سخريته منى، ولم أقل غير أننى كنت أنام واقفا أثناء شكوى الحارس مما حدث له وأنه لا يعرف أسماء المعتدين وإننى سأوثق الواقعة فى التقرير الذى سنقدمه إلى المجلس.
«ده هيبقى تقرير معلش يا حبيبى وحقك عليا، نام نام يا عموره»، قالها جورج فى طريق عودتنا إلى القاهرة فى ذلك المساء فى خريف 2011 ولم يتوقف أبدا خلال السنوات الماضية عن استدعاء جملة «معلش يا حبيبى» كلما استرجعنا معا بعضا من ذكريات ما كان.
• • •
ضحكت ناديا طويلا، وطالبتنى بقصص أخرى. قلت إن فى داخلى الكثير من الحكى عن الغالى جورج وعن مواقف وأحداث أخرى فى أماكن أحببناها من بورسعيد إلى أسوان ومع أصدقاء مشتركين اجتمعنا على حب نقاء وشجاعة وجرأة وتفاؤل هذا الرجل الاستثنائى الذى عمل دوما على تغيير واقع بلادنا إلى الأفضل وعلى البحث عن حلول عملية لصون حقوق وحريات الناس دون تمييز. وعدت ابنتى بقصص وحكايات إضافية عنه وعن سيرته حتما ستأتى عما قريب، واستأذنتها فى قليل من الوحدة للصلاة له والترحم عليه.
فسلام عليه، والرحمة لروحه الجميلة. أفتقدك بالفعل ولا أقول إلا ما يقول أهلى فى الصعيد حين يعز الفراق، هتقطع بينا يا جورج.
أستاذ علوم سياسية، بجامعة ستانفورد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.