من إيران الشيعية. تعمل لبنان -البلد الذي يضم عددا كبيرا من الطوائف الدينية التي خاضت في السابق حربا أهلية طويلة ودموية- من أجل تشجيع الحوار بين الأديان لتبعث برسالة تسامح لبلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط التي غالبا ما يمزقها التطرف. وأكد رجل الدين الشيعي السيد هاني فحص، أحد الأعضاء المؤسسين لمجموعة العمل العربية للحوار الإسلامي المسيحي إن لبنان هو نتاج للحوار. وينظر الباحثون والخبراء في بيروت إلي لبنان على أنه البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يحتفظ فيه المسيحيون، رغم كونهم أقلية اليوم، بتمثيل سياسي ويشاركون بفاعلية في عملية صنع القرار في البلاد. في عام 2008 ، توجه الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى نيويورك لحضور مؤتمر حوار الأديان لمدة يومين لتشجيع الحوار ورفض استخدام الدين كأداة للإرهاب والعنف. وتعززت هذه الفكرة الأسبوع الماضي حينما تمكن المسلمون والمسيحيون من الاحتفال للمرة الأولى بعيد وطني مشترك للمسلمين والمسيحيين وهو ما اعتبره كثيرون خطوة أولى لتشجيع الحوار بين الأديان في منطقة الشرق الأوسط. وأدي أفراد عائلات من 18 طائفة مختلفة في لبنان قداسا كنائسيا مشتركا في 25 مارس الجاري من أجل مريم العذراء، التي يجلها المسيحيون والمسلمون على حد سواء. وجاء القداس بعد أن أعلنت الحكومة اللبنانية هذا التاريخ ليكون أول عطلة وطنية للمسيحيين والمسلمين على حد سواء. وجرت المصادقة على هذا القرار خلال اجتماع عقد مؤخرا بين البابا بنديكت السادس عشر ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في القصر الرسولي بالفاتيكان. وأعرب الشيخ محمد النقري، الأمين العام لدار الفتوى أعلى هيئة للمسلمين السنة في لبنان وأحد أهم الداعمين للحوار بين الأديان، عن أمله في أن تظهر رسائل أخرى تحاكي رسالة لبنان يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من العالم. وأشار إلى تصريح بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني، خلال زيارته التاريخية عام 1997 للبنان والتي وصف فيها هذا البلد العربي بأنه بلد يحمل رسالة التعددية للشرق والغرب. لكن لا يزال أمام لبنان، على الرغم من كونه مركزا للتنوع الديني والتسامح في الشرق الأوسط، طريق طويل قبل أن تصبح مركزا حقيقيا للحوار بين الأديان حيث أن البلد لا يزال يعاني من نوبات متفرقة من العنف الطائفي. ويعتقد كثير من الناس بأن جوهر المشكلة لا يزال النظام السياسي الطائفي نفسه في البلاد حيث يحكم لبنان ميثاق وطني ينص على ضرورة توزيع المناصب الرسمية على أسس طائفية. ووفقا لهذا النظام فإن الرئيس مسيحي ماروني ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس البرلمان مسلم شيعي، حتى إن المناصب الرسمية بينها مناصب الحكومة والبرلمان والجيش وأجهزة المخابرات والأمن يجري توزيعها بين الطوائف المختلفة بحسب نسبة كل منها. وخلال الحرب الأهلية التي جرت في الفترة بين 1975 و1990، خاضت الميليشيات التي تشكلت في أغلبها على أسس طائفية معارك داخلية مدمرة في لبنان، واليوم أيضا فإن معظم الأحزاب السياسية مبنية على انتماءات طائفية. ويكرس هذا النظام الانقسامات ويحابي المحسوبية التي غالبا ما تؤدي إلى تصعيد التوتر ويشجع على تدخل القوى الأجنبية في الشئون الداخلية للبلاد. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أدت الأزمات السياسية إلى اندلاع معارك دامية في الشوارع بين أنصار الأغلبية الحاكمة أغلبهم من السنة والتي تحظى بدعم من السعودية القوة السنية الإقليمية وبين نشطاء المعارضة الشيعية بزعامة جماعة حزب الله التي تحظى بدعم كامل