وزير المالية: مستعدون لمراجعة الأولويات مع مجتمع الأعمال سعياً لسياسات أكثر تأثيراً    رئيس حي شرق مدينة نصر يبحث سرعة الانتهاء من ملف التصالح على مخالفات البناء    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    الجيش اللبناني يدعو إلى التبليغ عن أي جسم مشبوه    كتائب القسام تعلن إيقاع رتل من الآليات الإسرائيلية في كمين مركب بمدينة رفح    محافظ القليوبية يشارك في فعالية تضامنية مع أسر فلسطينية متضررة من العدوان على غزة    عاجل.. اتجاه لتأجيل السوبر المصري في الإمارات    شوبير يوجه نصيحة لكولر وإدارة الأهلي بشأن الشباب    محافظ المنيا: 14 مدرسة جديدة تدخل الخدمة هذا العام بتكلفة تتجاوز 151 مليون جنيه    بشرى تلجأ للقضاء بسبب بوستر "الأم العذراء"    محافظ الأقصر يفتتح فرع مكتبة مصر العامة بمدينة طيبة    الرقابة الصحية: استخدام الفحص الاكلينكي والتكنولوجيا يساهمان في تقليل الأخطاء الطبية بنسبة تتراوح بين 20 و30%    بناء إنسان قادر على ملاحقة المتغيرات ومجابهة التحديات    أسعار اللحوم اليوم الخميس 19-9-2024 في أسواق محافظة البحيرة    عصابة الماكس يحتل المركز الخامس بين الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر    رئيس الوزراء يصدر 8 قرارات جديدة اليوم الخميس 19-9-2024    مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد منظومة المياه بالصالحية الجديدة    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    سمية الخشاب بتروح له البيت..التيجاني يكشف بالأسماء علاقته بالفنانين    العثور على طفل حديث الولادة بإحدى قرى الحوامدية    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق فى الهرم    تناولت سم فئران.. النيابة تستعلم عن صحة سيدة حاولت إنهاء حياتها بالبدرشين    فرق «بداية جديدة» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب.. صور    بروتوكول تعاون بين «التعليم والتضامن والتنمية المحلية وتحالف العمل الأهلي» لتنمية قرى «حياة كريمة»    لماذا الآن؟.. واشنطن بوست تكشف سر توقيت تنفيذ إسرائيل لهجوم "البيجر" بلبنان    "رحلة طويلة مع تصوير فيلم الغربان".. عمرو سعد يروج لأحدث أعماله السينمائية    الجمهور يحتفي بمشهد مؤثر لإيمان العاصي في مسلسل «برغم القانون»    التنورة التراثية تحصد جائزة أفضل عرض فى ختام مهرجان البحر المتوسط بقبرص    4 مصابين في قصف إسرائيلي استهدف المخيم الجديد بالنصيرات    للمتقدمين بمسابقة معلم مساعد.. إتاحة الاستعلام عن القبول المبدئي وموعد الامتحان (تفاصيل)    «الصحة»: ملتزمون بتعزيز سلامة المرضى وتحقيق أعلى معايير الرعاية للمرضى    منظمة الصحة العالمية حذرت من انتشاره..4 أسئلة عن المتحور الجديد لكوروناXEC    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية إكياد البحرية بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    وزير الري يتابع جاهزية التعامل مع موسم الأمطار الغزيرة والسيول    الإسكان: كتيب للإجابة عن استفسارات قانون التصالح في مخالفات البناء    بالفيديو.. كاتب صحفي: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة وجعلها مفتوحة    وزير الصحة يلتقي رؤساء «فارما جروب» لبحث تعظيم الاستثمارات في توطين صناعة الدواء    تراجع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس في الأسواق (موقع رسمي)    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2024-2025: قرارات وزير التعليم وتأثيرها    جامعة العريش تُطلق أول مسابقة للقيادات الإدارية    الأهلي يعقد مؤتمرًا صحفيًا اليوم لإعلان تجديد الشراكة مع ال«يونيسيف»    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    لاعب الزمالك يطلب الرحيل عن الفريق قبل مباراة الأهلي.. عاجل    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    إدراج 51 عالما بجامعة الزقازيق ضمن الأكثر تميزًا في قائمة ستانفورد الأمريكية    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في هذا الموعد    8 شهداء في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين بحي الشجاعية شرق مدينة غزة    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد ندم جيفري هينتون وتحذيرات إيلون ماسك.. الذكاء الاصطناعي إلى أين؟
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 05 - 2023

«إننى نادم على العمل الذى كرّست حياتى من أجله فى مجال الذكاء الاصطناعى، فمن الممكن إساءة استخدامه بواسطة جهات فاعلة سيئة، وعلينا أن نقلق بشأن ذلك»، هذا ما أفاد به عالِم الحاسبات البريطانى والباحث جيفرى هينتون لصحيفة نيويورك تايمز فى أول شهر مايو الحالى، متحدثا عن أعماله فى هذا المجال ومعلنا استقالته من شركة جوجل العملاقة.
سبق هينتون محذرا من خطورة الذكاء الاصطناعى رائد التكنولوجيا ونجمها الحالى إيلون ماسك (مؤسس شركة تسلا للسيارات الكهربائية وسبيس إكس لأبحاث الفضاء وأخيرا مالك تويتر) فأدلى فى مارس 2018 بحديث فى مؤتمر «الجنوب فى الجنوب الغربى للتكنولوجيا South by Southwest» فى أوستن تكساس، أكد فيه على أن الذكاء الاصطناعى أخطر من الأسلحة النووية، ثم عاد وحذر العالم من أن البشر يواجهون خطر تجاوز الذكاء الاصطناعى فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز فى يوليو 2020: «إن الاتجاهات الحالية تشير إلى أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يتفوق على البشر بحلول عام 2025، وإن البشر يخاطرون بأن يعامَلوا مثل الحيوانات الأليفة المنزلية عن طريق الذكاء الاصطناعى ما لم يتم تطوير التكنولوجيا التى يمكنها توصيل العقول بأجهزة الكمبيوتر» وأخيرا وليس آخرا عاد ماسك فى فبراير الماضى فى منتدى حكومات العالم الذى يعقد سنويا فى دبى مؤكدا: «أن الذكاء الاصطناعى هو أحد أكبر المخاطر التى تهدد البشرية».
أما الذى سبق الجميع فى التحذير من الذكاء الاصطناعى فهو عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينج عندما أفاد فى ديسمبر 2014 بأنه: «يمكن أن يؤدى تطوير الذكاء الاصطناعى الكامل إلى نهاية الجنس البشرى، فالبشر محدودو القدرات بسبب تطورهم البيولوجى البطىء ولن يستطيعوا المنافسة، وستتجاوزهم الآلات».
• • •
لماذا كل هذه التحذيرات من تطور الذكاء الاصطناعى؟ وهل وصلنا إلى مرحلة اللاعودة؟ أم الأمل ما زال موجودا؟ أسئلة يحاول هذا المقال الرد عليها.
نعرف جميعا أن الآلة أصبحت تحل محل الإنسان فى كثير من الأعمال وخصوصا فى مجال الصناعة، ووفقا لإحصائيات الاتحاد الدولى للروبوتات فى تقريره الصادر فى ديسمبر 2021، تمتلك كوريا الجنوبية أعلى كثافة للروبوتات الصناعية فى العالم (932 روبوتا لكل 10,000 عامل فى الصناعة) مع معدل زيادة 10% سنويا منذ عام 2015. وعلى جانب آخر، يقدّر أن عدد الروبوتات المستخدمة فى اليابان فى مجال الصناعة سيتعدى المليون فى السنوات الخمس عشرة المقبلة. وأصبح الآن هناك ما يطلق عليه «المصانع المظلمة Dark Factories» التى لا توجد فيها إلا الآلات، ولا يعمل بها أى عنصر بشرى. فقبل خمس سنوات كان الإنسان يقوم بأكثر من 70% من الأعمال والآلة تنفذ النسبة الباقية، ولكن تشير التوقعات أنه بعد ثلاث سنوات فقط من الآن سوف تُنفذ الآلة أكثر من 50% من الأعمال.
أما ما تحدث عنه هينتون وماسك وهوكينج وحذروا منه فهو شىء آخر، فإحلال الآلة محل البشر فى الصناعة يعنى قيامها بالأعمال التى تحتاج المجهود والنشاط العضلى للإنسان، والآثار السلبية لذلك تقتصر على فقدان العاملين لوظائفهم، ولكن تبقى إمكانية حصولهم على وظائف أخرى فى مجالات جديدة، لكن فى النهاية لا شىء يهدد حياتهم أو يعبث بمقدراتهم. أما الذكاء الاصطناعى فيتعامل مع «العقل البشرى» وليس القوة العضلية. وهنا نتحدث عما يسمى تقنيات «تعلم الآلة Machine Learning» التى تركز على تدريب الشبكات العصبية الاصطناعية لتحاكى الشبكات العصبية للمخ البشرى وتؤدى وظائفها، وأهمها التفكير «المنطقى» أو «Reasoning»، وتلك كانت العلامة الفاصلة واللحظة التى أيقن عندها هينتون خطورة أبحاثه فى هذا المجال ومن ثم اتخاذ قراره بالاستقالة.
إذن فالخطر هنا يأتى من حقيقة أن تطوير هذه التطبيقات يؤدى إلى تسارع معدل تعلم الآلة وأعنى أن هذه الشبكات العصبية «الاصطناعية». ولئن كانت حاليا فى مرحلة التعلم وبالتالى ما زالت تعتمد على العنصر البشرى لتحسين مستوى «ذكائها الاصطناعى» إلا أن استمرار تعليمها وتصحيح أخطائها وتحسن مخرجاتها سوف يمكّنها فى مرحلة معينة من الاعتماد على نفسها والتعلم بمفردها، بحيث تصبح فى غير حاجة للعنصر البشرى الذى علمها فى الأساس، وفى هذه الحالة سوف تكون قادرة على التفكير المنطقى واتخاذ القرارات بذاتها وهى الخاصية التى تميز الجنس البشرى عن الآلة. وهذا ما أكده هينتون عن تعلم الآلة وقال: «فى الوقت الحالى، هم ليسوا أكثر ذكاء منا، لكننى أعتقد أنهم قد يكونون كذلك قريبا». وأضاف قائلا: «نحن أنظمة بيولوجية وهذه أنظمة رقمية. والفرق الكبير لصالح الأخيرة».
هذا هو لب الموضوع، فعندما يصرح إيلون ماسك أن الذكاء الاصطناعى أخطر من القنبلة الذرية فيقينى أنه كان يعنى الوصول إلى مرحلة «التفرد» فى سياق الذكاء الاصطناعى وهو الوصول لمستوى معين من التطور يطلق عليه التفرد التكنولوجى (Technological Singularity)، وهى النقطة التى يتفوق فيها الذكاء الاصطناعى على الذكاء البشرى وقوته العقلية، ففى هذه الحالة يمكن للآلات أن تبتكر تقنياتها الخاصة وتصبح غير قابلة للسيطرة وقادرة على التطور من تلقاء نفسها بسرعة تفوق القدرات البشرية فى مختلف المجالات، ومبتكرة لتقنيات جديدة بمعدل غير مسبوق، والأهم من هذا وذاك أن الآلة فى هذه الحالة لن تصبح تحت سيطرة الإنسان.
ولو ظلت حدود التنافس فى هذه التقنية تقتصر على أنظمة الذكاء الاصطناعى الأخيرة مثل (ChatGPT، وGoogle Bard، وMicrosoft Bing) فلا بأس، فهى فى النهاية تطبيقات دردشة اجتماعية، ولكن ماذا لو استخدمت تقنيات تعلم الآلة فى المجالات العسكرية؟ فى هذه الحالة لن يصبح الأمر تنافسا بل سيتحول إلى صراع، فمن المؤكد أن هذا المجال الذى يتسم بالسرية سيخضع لمزيد من التطوير لن يعلم عنه أحد شيئا. والأهم، هل سيخضع تطوير هذه النوعية من الأسلحة تحت سيطرة الإنسان؟
إذا ألقينا نظرة أشمل، سنجد أن التنافس على المستوى العالمى فى هذا المجال يدور بين الولايات المتحدة والصين، ففى الوقت الذى تُجزم فيه وسائل الإعلام الأمريكية أن السبق والريادة الحالية هما لأمريكا، أقرت الحكومة الأمريكية ذاتها منذ سنتين بغير ذلك. ففى عهد الرئيس دونالد ترامب وبتعليمات منه فى مارس عام 2018 تم تأسيس «لجنة الأمن القومى للذكاء الاصطناعى» وهى لجنة مستقلة تابعة للحكومة الأمريكية لتقديم توصيات إلى الرئيس والكونجرس من أجل «تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى والتقنيات المرتبطة بها لمعالجة المشكلة بشكل شامل لصالح مقتضيات الأمن القومى واحتياجات الدفاع للولايات المتحدة». وقد أصدرت اللجنة تقريرها النهائى فى مارس 2021، معترفة «إن الولايات المتحدة ليست مستعدة بما يكفى للدفاع عن نفسها ضد الصين أو حتى منافستها فى عصر الذكاء الاصطناعى إلا بعد تبنى توصيات هذا التقرير وبتكلفة تصل إلى 32 بليون دولار أمريكى بحلول عام 2026».
والحقيقة أن الدولتين تتقاسمان الريادة فى عناصر التفوق فى مجال الذكاء الاصطناعى، فالولايات المتحدة لديها شركات التكنولوجيا العملاقة بخبراتها واستثماراتها البليونية فى هذا المجال مثل جوجل ومايكروسوفت وأوبن إيه أى، ولديها أيضا الريادة التاريخية فى مجال إنتاج الشرائح الإلكترونية. أما الصين للغرابة فإن لديها التفوق فى الأبحاث والتمويل والعنصر البشرى والأهم أن لديها المعلومات، علما بأن الصين أعلنت عن خطتها لتخطى الولايات المتحدة فى هذا المجال بحلول عام 2030.
ومن المؤكد أن علينا ألا ننسى أن الذكاء الاصطناعى له فوائد فى مجالات عديدة وآثاره الإيجابية واضحة خصوصا فى قطاعات الصحة والصناعة والاقتصاد. لكن فى الوقت نفسه يجب ألا نتغاضى عما يدور فى الساحة العالمية الآن بخصوص آثاره السلبية ومخاطره المحتملة.
• • •
أختم هذا المقال بسؤالين، الأول هو هل ستسمح الولايات المتحدة الأمريكية للصين بأن تنفذ وعدها باقتناص موقع الريادة فى مجال الذكاء الاصطناعى بحلول عام 2030، وإذا قررت عدم السماح لها ولم تستطع تحقيق ذلك «علميا» فهل ستلجأ إلى «الخيارات الأخرى؟» والسؤال الثانى هو مع اتساع الفجوة بين الدول المتقدمة فى هذا المجال وباقى دول العالم فما هو موقع مصر؟، وهل فقدنا أى فرصة للحاق بهذا الركب حتى باستيعاب ما يحدث فى نطاقه وبذل الجهد فى استقطاع جزء ولو بسيط من «كعكته؟» سؤالان إن يصعب الإجابة عليهما فى الوقت الحالى إلا أن البحث والدراسة والمتابعة المستمرة لما يحدث عالميا والنقاش حولها أصبحوا ضرورة قومية، فماذا نحن فاعلون؟.
وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.