في وقت تحاول فيه المنظمات الحقوقية حث المجتمع الدولي على اعتبار استخدام الانترنت واحدا من الحقوق الأساسية للإنسان، يقول مدونون عرب إنهم يتعرضون للاعتقال والمحاكمة دون أدنى حماية قانونية أو نقابية. وعلى مدار العامين الماضيين، زادت ظاهرة ملاحقة المدونين في عدد من الدول العربية، وشهدت دول مثل مصر والسعودية والمغرب والأردن، محاكمات لمدونين عبروا عن آرائهم على مدوناتهم الإليكترونية، وانتقدوا في الغالب الأنظمة الحكومية. وفي وقت تحمي فيه المواثيق الدولية، التي وقعت معظم الدول العربية عليها، حرية التعبير عن الرأي، إلا أن مدونين وناشطين حقوقيين، يقولون إن الواقع غير ذلك، إذ تشدد السلطات الأمنية قبضتها على حركة التدوين، كما ما زالت تضيق على الصحافة التقليدية بشكل عام. في اليمن، يبدو أن التدوين أدخل المدون نشوان غانم في مأزق أوسع من مجرد الاعتقال، إذ يقول إن حياته في خطر، وإنه تعرض لمحاولات اغتيال أكثر من مرة. ويوضح غانم: تبدأ الفاجعة بكتاباتي عن تداعيات الاعتداء على السفارة الأمريكية بصنعاء، حيث اتهمت فيها السلطة اليمنية وشخصيات عسكرية وأمنية بالضلوع في العملية.. وقد تعرضت لمحاولة الاغتيال ثلاث مرات بعد المقال، بعدها اتصل بي اتحاد المدونين العرب، ونسقوا لي طلب اللجوء السياسي إلى السفارة الفرنسية بصنعاء وعندما اتجهت صوب السفارة، كانت الدوريات العسكرية أمامي وخلفي للإمساك بي إذا واصلت السير إلى السفارة الفرنسية، فاضطررت للعودة والتراجع حفاظا على سلامتي. ويقول غانم إن: الحريات الصحفية والإعلامية وحرية الرأي والتعبير كلها أهداف رسمية للقمع والتنكيل في بلداننا العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص، وإن كانت اليمن قد تفننت في جوانب أخرى، كالاختطاف والتعذيب والضرب واستخدام يافطة الإرهاب كمبرر وذريعة لجلد الصحفيين والمدونين. من جانبه، قال المحامي والناشط الحقوقي الإماراتي عبد الحميد الكميتي: إن معظم قوانين الدول العربية لا تعترف أصلا بحركة التدوين، ولم تأت على ذكرها، بل إنها لا تقدم أي نوع من الحماية للمدونين، ولا تتعامل معهم على أنهم يعملون في الإعلام، مثل الصحفيين. وأضاف الكميتي أن المدون في العالم العربي هو شخص يبحث عن إيصال صوته في دول تحفل بالقمع، وإن كانت درجته تختلف من بلد إلى أخرى، من هنا أصبح تغيير القوانين وتعديلها لتوائم العصر الرقمي ضرورة. وعن المواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير والتي وقعت عليها الدول العربية، قال الكميتي: إن هذه الدول تحرص على أن تظهر بالمظهر اللائق أمام المجتمع الدولي، لكن ليس هناك مسائلة أو متابعة لما يقر من معاهدات. من جهتها، طالبت هبة مرايف، الباحثة بشئون مصر وليبيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بفرض غرامات وليس عقوبات جنائية في قضايا التشهير. وأضافت مرايف أنه لا يوجد حماية للمدونين تحديدا في مصر وليبيا، وما زال المدونون يعتقلون ويحاكمون في محاكم عسكرية أحيانا! وأشارت إلى وجود مدونين معتقلين في مصر بموجب قانون الطوارئ. كانت مصر قد اعتقلت عددا من المدونين جراء أعمال تحميها حرية التعبير، مثل المدون كريم عامر، الذي حكم عليه في فبراير 2007، بالسجن أربع سنوات بتهمة إهانة الرئيس، ونشر أخبار كاذبة تضر بالنظام العام والتحريض على كراهية المسلمين. وفي ظل غياب النقابات أو جمعيات للتدوين، أسس مجموعة من المدونين العرب اتحاد لهم في 2006، من أبرز أهدافه "الرقي بالمستوى الثقافي والمعرفي في الأمة العربية، من خلال دعم جهود التعليم ومحو الأمية الكتابية أو الثقافية، والدعوة للانفتاح المتبصر في ظل الحفاظ على القيم الأخلاقية والعقائدية."