نشرت منظمة أوكسفام، وهي مؤسسة خيرية مستقلة، تتخذ من بريطانيا مقرا لها، تقريرا ضمنته إحصائيات، أقل ما يقال عنها إنها صادمة، حول التفاوت الخطير لتوزيع الثروة في العالم واستحواذ نسبة 1% من أغنى أثرياء العالم خلال السنتين الماضيتين على ما يقرب من ضعف ما يمتلكه باقي سكان الأرض. "البقاء للأغنى" وجاء في التقرير، الذي يحمل عنوان "البقاء للأغنى"، أن أكثر أغنياء العالم ثراءً استحوذوا على حوالي ثلثي إجمالي الثروة الجديدة منذ عام 2020 وقيمتها نحو 42 تريليون دولار، أي ما يقرب من ضعف ما حصل عليه بقية سكان الأرض. وكشف التقرير أن "ثروات المليارديرات ارتفعت بحوالي 2.7 مليار دولار في اليوم مسجلة بذلك أكبر ارتفاع على الإطلاق منذ بدء تدوين الاحصاءات، لتصل إلى أعلى مستوياتها أي 13.800 مليار دولار. ملياردير واحد كل 30 ساعة وطبقا للدراسة التي تزامن نشرها مع افتتاح منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، فقد تركت جائحة كورونا مخلفات مذهلة تبين حجمها في عام 2022. ففي مقابل ولادة ملياردير جديد واحد كل 30 ساعة يسقط مليون شخص تقريبا في براثن الفقر المدقع. وفي الوقت الذي يضاعف فيه عشرة أغنى رجال الأعمال ثرواتهم تنخفض قيمة الدخل لدى 99% من البشرية. وجاء في الدراسة أيضا أن الارتفاع المهول في تكلفة السلع الأساسية زاد من حجم ثروات أصحاب المليارات المستحوذين على قطاعي الغذاء والطاقة بمقدار مليار دولار أمريكي كل يومين. ونحت المؤسسة الخيرية باللائمة في هذا الوضع على فشل حكومات العالم في العامين الماضيين في زيادة الضرائب على ثروات الأثرياء واستمرت في بيع المرافق العامة، مثل تصنيع اللقاحات لشركات القطاع الخاص. ثروة 8 أشخاص تعادل ما يملكه نصف البشرية ووصفت دراسة أوكسفام الهوة بين الأغنياء والفقراء بأنها "فاحشة" وازدادت تباعدا في السنوات الاخيرة بشكل غير مسبوق. ففي عام 2010 كانت أصول أغنى 43 شخصا مجتمعة تساوي ثروة أفقر 50% من سكان الأرض. وفي عام 2016 أصبح مجموع ما يمتلكه 8 أشخاص فقط يعادل ما يمتلكه 3.6 مليار شخص يشكلون 50% من فقراء العالم. واستندت الدراسة إلى بيانات بينها تقديرات مجلة فوربس وبيانات بنك كريدي سويس بشأن ثروة العالم. وبحسب مجلّة فوربز، فإن هؤلاء الثمانية هم: بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت للبرمجيات (75 مليار دولار) وأمانسيو أورتيغا مالك سلسلة محال "زارا" للملابس (67 مليار دولار) ووارن بافت مستثمر أمريكي الشهير (60.8 مليار دولار) والمكسيكي كارلوس سليم مالك شركات اتصالات (50 مليار دولار) وجيف بيزوس المدير التنفيذي لموقع أمازون (45.2 مليار دولار ) ومارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك (44.6 مليار دولار) ولاري إليسون المدير التنفيذي السابق لشركة أوراكل للبرمجيات (43.6 مليار دولار ) ومايكل بلومبيرغ محافظ نيويورك السابق (40 مليار دولار) حجم ثروة الأغنياء العرب يرتفع منذ الجائحة وبخصوص منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجل تقرير أوكسفام ارتفاعا في حجم ثروة أعتى الأثرياء بحوالي 10 مليار دولار منذ بدء تفشي فيروس كورونا في مارس 2020، وهو مبلغ كاف لترميم الدمار الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت عام 2021. وبلغت نسب اللامساواة مستويات غير مسبوقة في أعقاب جائحة كورونا لعدة أسباب على رأسها السياسات الاقتصادية التي تعتمدها حكومات دول المنطقة وتستفيد منها النخبة الحاكمة والمقربة من دوائر السلطة. وهي سياسات كرست تفاوتا اقتصاديا عميقا بينها وباقي الطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة. واعتبرت منظمة أوكسفام أن كل ملياردير هو عنوان لفشل السياسات العامة. وكسبيل لمحاربة الفقر اقترحت حلولا بينها خفض عدد أغنى أثرياء العالم إلى النصف بحلول عام 2030 بفرض نظام الضريبة التصاعدية على الثروة الدائمة ورأس المال، بما يدر حوالي 1.7 تريليون دولار سنويا، وهو مبلغ كاف لانتشال ملياري شخص من براثن الفقر. وسيطلع على هذه الدراسة في منتدى دافوس السويسرية أكثر من خمسين رئيس دولة وحكومة، والعشرات من رؤساء البنوك المركزية ووزراء المالية وعمالقة عالم المال والأعمال. وترى أوكسفام التي تكيل الانتقادات للمنتدى أن تجمع النخبة العالمية لا يكترث بمشاكل الفقراء في الكثير من الأحيان. أثرياء العالم استفادوا من الجائحة وقالت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية، في بيان لها "في الوقت الذي يقدم الناس العاديون تضحيات يومية من أجل ضروريات الحياة مثل الطعام، تفوق الأثرياء الذي اغتنوا بشكل فاحش حتى على أكثر أحلامهم وحشية... بعد عامين فقط، حقق أصحاب المليارات طفرة هائلة." وتخلص الدراسة إلى أن الجائحة ساعدت أصحاب المليارات على تضخيم حجم ثرواتهم. فعندما ضخت البنوك المركزية تريليونات الدولارات في الأسواق المالية لإنقاذ الاقتصاد لم تذهب تلك المبالغ إلى دعم الطبقات الكادحة، بل إلى حشو جيوب المليارديرات. وترى المنظمة أن فرض ضريبة مرة واحدة بنسبة 99% على عشرة من أغنى الأثرياء يمكن أن يمول إنتاج ما يكفي من اللقاحات لسكان العالم وتوفير الرعاية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية، في أكثر من 80 بلدًا. وحتى لو تحقق حجم هذا الانفاق ستبقى ثروة هؤلاء أعلى بثمانية مليار دولار أميركي عما كانت عليه قبل الجائحة.