«مدافع آية الله قصة إيران والثورة» للكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، الذى صدرت طبعته الأولى عن الشروق عام 1982، كتاب يروى قصة الثورة الإيرانية كما تابعها هيكل. فى هذا الكتاب المهم يذكر هيكل أن الثورة الإيرانية أخذت معظم الناس على حين غرة. فقد كانت الحكومات والجماهير تكتفى بأن تنظر إلى هذا البلد على أنه «جزيرة من الاستقرار» وسط منطقة يشوبها العنف وتتسم بالتفجر وذلك هو الوصف الذى استعمله الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر. وعلى ذلك فإن الاضطرابات التى أدت إلى إقصاء الشاه عن عرشه، وقيام نظام إسلامى بعده بقيادة عدوه اللدود «آية الله الخمينى» لم تكن ظاهرة منعزلة، وإنما كانت وببساطة، آخر فصل فى عملية تاريخية طويلة تعود جذورها إلى الميراث القومى والدينى للشعب الإيرانى، تفجرت ثم أخمدت، أثناء الأزمة التى نجمت عن قيام الدكتور محمد مصدق بتأميم صناعة البترول عام 1950 1953، وعند ذلك كما يرى هيكل أخذت شكلا سريا إلى أن انفجرت بشكل نهائى عام 1978 1979. وكتاب هيكل «مدافع آية الله» من أكثر الكتب قربا لمعرفة حقيقة إيران، خاصة أنه يهتم بإيران منذ صدور كتابه الأول «إيران فوق بركان» عام 1951، ففى فصله الرابع عشر «سقوط الشاه» يؤكد أنه كان يوجد فى القصر ثلاث شخصيات رئيسية الشاه والإمبراطورة والجنرال أفشار قائلا: «كانت الإمبراطورة فرح فى موقف جيد لتكون رأيها الخاص بها. فقد كانت تلتقى مع أعضاء أسرتها بشكل منتظم، كما كان لديها دائرة أصدقاء خاصة. وكان الكثير من الناس، بمن فى ذلك موظفو البلاط وجنرالات السافاك والجيش، يشعرون أن لديهم فرصة أفضل للتعبير عن وجهة نظرهم للإمبراطورة مما لو تحدثوا للشاه مباشرة». وعن الشاه نفسه ذكر هيكل أن الشاه أصبح غير قادر على الاستجابة للواقع المحيط به كلية. «فقد كانت تنتاب ذلك الرجل المعقد متقلب الأطوار نوبات صمت مختلفة المعانى: صمت الأوتوقراطى الذى لا يسبر له غور، الذى ينصت ولا يتحدث إلا ليصدر الأوامر صمت أب كئيب من أجل شعبه، يتأمل العالم وحماقاته بعين لا تغشاها الأوهام والآن صمت الإحباط، لرجل وقع فى الكمين وتنتابه الحيرة». وعن الإمبراطورة فرح قال هيكل، ما يخالف ما ذكرته ديبا فى مذكراتها وظلت تشدو به: وأصبحت الإمبراطورة، من ناحية أخرى، أكثر انشغالا من الشاه نفسه، بضرورة الإبقاء على العرش لابنها ولى العهد، وهى امرأة ذكية معتدة بنفسها. وأحيانا، كانت خيانات زوجها تثير غضبها إلى حد أنها عزمت على تركه. ويزيد هيكل فى هذه النقطة قائلا: «كما حدث لمرة أخرى ولأسباب أخرى خلال فترة المنفى فى المكسيك كانت تعلم تماما أن زواجها لم يكن قط بدافع من الحب»، وكما أخبرت جعفر شريف إمامى فى لحظة إحساس بالمرارة «كانت قيمتى بالنسبة لهم تكمن فى أننى أصبحت حاملا. لقد كنت بقرة ولادة»، لكن كبرياءها جعلها تحتفظ بولائها.