أصدر منذ ثلاثة أشهر تقريبا ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر كتابا عنوانه «القيادة ست دراسات فى الاستراتيجية العالمية Leadership: Six Studies in World Strategy» عن دار Penguin press – new york. وأنا هنا أنوه عن الكتاب وأهميته وأستغرب أنه لم يحظ باهتمام واضح فى عالمنا العربى فهو ليس كتابا فى السياسة رغم أنه فيه سياسة ولا كتاب تاريخ رغم وجود كثير من التاريخ ولكنه يصف ستة قادة من قادة العالم كيف قادوا شعوبهم فى أوقات حرجة ومفصلية فى تاريخ تلك الشعوب وكيف تصرفوا فى تلك الظروف كما أن مقدمة الكتاب الذى يتكلم فيه كيسنجر عن القيادة وأصولها ويرسم شخصية من هو رجل الدولة ويتساءل: هل هو نبى؟ هو من أعمق ما كتب عن فن القيادة وكيف يكون للقائد رؤية ثاقبة فى تحقيق السياسة التى يصبو إليها. اختار كيسنجر 6 شخصيات تاريخية كمثال للقيادة وهم: • كونراد اديناور، وهو السياسى الألمانى الذى تحمل وحكم ألمانيا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية وتحمل مرارة الهزيمة وأعاد بناء الدولة وسط مطامع الحلفاء ووصفه كيسنجر ب «استراتيجية التواضع». • شارل ديجول، القائد الفرنسى الشهير الذى أسس حكومة فى المنفى فى إنجلترا فى الحرب العالمية الثانية وحارب الألمان وحكومة فيشى الموالية لهم ثم أسس الجمهورية الفرنسية الخامسة ووصفه كيسنجر ب«استراتيجية الإرادة». • ريشارد نيكسون وهو الرئيس الأمريكى الذى عمل كيسنجر معه والذى انفتح على الصين العدو اللدود لأمريكا فى ذلك الوقت ومهندس سياسة الخطوة بخطوة بعد حرب أكتوبر المجيدة ولكن أيضا بطل فضيحة وترجيت التى أدت إلى خلعه عن الحكم ولم تتشفع نجاحاته الخارجية ووصفه كيسنجر ب«استراتيجية التوازن». • أنور السادات وهو رئيس مصر السابق وبطل الحرب والسلام وصديق كيسنجر الذى اغتيل فى 2 أكتوبر 1981 على يد الإرهابيين المتطرفين ويصفه ب«استراتيجية التعالى». • لى كوان يو وهو رئيس وزراء سينجافورا والذى نجح فى بناء هذه الدولة الصغيرة المستقطعة من ماليزيا يصفه كيسنجر ب«استراتيجية التفوق والامتياز». • مارجريت تانشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة التى خشيها الجميع والتى مرت بأزمات كبرى مع أيرلندا الشمالية ونسجت خيوط من الصداقة مع الاتحاد السوفيتى واستعادت جزر فوكلاند بالحرب وكانت علاقتها بالملكة الراحلة إليزابيث الثانية متوترة ويصفها هنرى كيسنجر ب«استراتيجية القناعة». وينهى هنرى كيسنجر بفصل عميق جدا عن تطور القيادة ومستقبل القيادة فى العالم، فهذا الكتاب جدير بالذكر بالدراسة المتعمقة لكل من هم فى مراكز قيادة ليس فقط مراكز سياسية ولكن أى مركز آخر اقتصادى أو تنموى أو حتى دينى.
