احتفل مثقفون مصريون يوم الاثنين بذكرى الروائي السوداني الراحل الطيب صالح الذي اقترن اسمه في الذاكرة الأدبية العربية بروايته الشهيرة (موسم الهجرة إلى الشمال). وأبرزت الندوة التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة المكانة التي بلغها صالح في الأدبين العربي والعالمي بعد أن ترجمت روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) إلى 25 لغة على حد قول إبراهيم آدم المستشار الثقافي السوداني بالقاهرة. وأضاف آدم أن صالح (1929-2009) يشبه الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ في الاهتمام بالتفاصيل المحلية والانطلاق منها إلى رحابة الآفاق الإنسانية العالمية. وقال عماد أبو غازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في افتتاح الندوة إن صالح مهد الطريق أمام كثير من الأدباء العرب للوصول إلى القارئ الأجنبي بفضل تعدد ترجمات أعماله كما كان شديد الالتصاق والإيمان بقضايا بلاده والكتابة عنها في أعماله المختلفة ومن خلالها جذب الاهتمام إلى الثقافة الإفريقية. وأضاف أنه أحب مصر التي "كانت في قلبه" وإنها بادلته حبا بحب. وكان الناقد المصري رجاء النقاش (1934-2008) فتح الطريق أمام صالح حين أعاد نشر (موسم الهجرة إلى الشمال) عام 1966 في سلسلة (روايات الهلال) وكتب عنها مقالا عنوانه (الطيب صالح.. عبقري الرواية العربية) وهو لقب صار لصيقا بصالح كما صارت روايته أحد معالم الرواية العربية. و(موسم الهجرة إلى الشمال) من الروايات العربية التي عالجت قضية تفاعل الثقافات وصدامها والعلاقة المركبة بين الشرق والغرب من خلال وجهة نظر بطل الرواية مصطفى سعيد القادم من السودان للدراسة في لندن وكان يتمتع بالذكاء لكنه يرغب في الانتقام بطريقته الخاصة من الغرب الذي احتل بلاده. وعقدت في مصر كثير من الندوات عن صالح في حياته. كما شارك في لجنة التحكيم الخاصة بملتقى القاهرة الأول للرواية العربية عام 1998 ثم ترأس لجنة تحكيم الملتقى الثاني للرواية عام 2003 ونال جائزة ملتقى القاهرة الثالث للرواية عام 2005. ويشارك في الندوة على مدى ثلاث جلسات روائيون ونقاد منهم خيري دومة وسيد البحراوي وأماني فؤاد وأسامة عرابي وعبد الوهاب الأسواني وإبراهيم عبد المجيد وبهاء طاهر. وفي الجلسة الأولى وصف يسري عبد الله أستاذ الأدب العربي بجامعة حلوان إنجازات صالح بأنها "من أهم المشاريع السردية في مسيرة الكتابة العربية... تملك وعيا حادا بالعالم" سواء القصص والروايات. وقال في دراسة عنوانها (مساءلة الآخر والقدرة الفريدة على أنسنة الأشياء) إن مجموعته القصصية (دومة ود حامد) تبرز فيها بقوة ثنائية الأنا-الآخر إضافة إلى ثنائيتي الحداثة-الموروث والتقدم-التخلف في حوار بالعربية الفصحى ولغة تعتمد على الاختزال لكنها قادرة على النفاذ بعمق إلى سيكولوجية القارئ. وفي رأي عبد الله أن لغة صالح مركزة وجزء من البناء القصصي والمؤلف متمكن منها "قابضا على زمامها واعيا بضرورة تواؤمها مع وعي الشخوص الذين ينطقون بها". وأضاف أن قصة (دومة ود حامد) التي جعلها صالح عنوانا للكتاب "تمثل حلما بالخلاص يتجاوز قرية الراوي إلى بلدان أخرى متعددة".