أمام مجموعة من الحقن المتعددة الأشكال والأطوال، يقف الدكتور محمد طارق يفاضل بين أنواع السرنجات، ثم يعلق «للأسف مافيش فى مصر سرنجات تعمل بالكمبيوتر». دكتور محمد هو واحد من عشرات أطباء الأسنان الذين حضروا المعرض الأول لمستلزمات طب الأسنان فى مصر. يشرح د.محمد أن السرنجات المعروضة أمامه مخصصة للتخدير الموضعى، قبل إجراء الحشو أو الخلع فى الضروس والأسنان. يقول إن أثناء حقن المريض بالمخدر، يشعر المريض بنوعين من الألم. «الأول هو دخول سن الإبرة جوه اللثة»، وهذا الألم يمكن التقليل من حدته بوضع جل مخدر على اللثة قبل الحقن. أما النوع الثانى من الألم، فهو أثناء تدفق المخدر من السرنجة إلى داخل اللثة. كلما دخل المخدر للثة بمعدل ثابت بطئ لا يتغير، قلت درجة الألم، «لكن لو الدكتور إيده تقيلة ممكن ينزل البنج ببطء فى الأول، بعد كده أسرع سنه، واختلاف السرعات واهتزاز اليد بيتسبب فى ألم كبير للمريض». يقول د.محمد إنه شاهد فى عيادات الأسنان بأوروبا، أنظمة تخدير تعمل بالكمبيوتر. يقتصر دور الطبيب فيها على غرس سن الإبرة داخل اللثة، ليتولى نظام ميكانيكى دقيق متصل بكمبيوتر دفع المخدر بمعدل منتظم مريح للمريض. «دورت على حاجات زى كدا فى المعرض لكن مالقتش». المعرض الذى أقيم بمول سيتى ستارز على مساحة 12 ألف متر، كان ساحة مفتوحة لمختلف الشركات المستوردة والمصنعة لأدوات طب الأسنان، تتيح الفرصة أمام الأطباء لشراء أدوات بتكنولوجيا حديثة. «لكن أدوات خلع الأسنان، مهما اتطورت التكنولوجيا، حتفضل مزعجة زى ماهى»، والحديث للدكتور محمود عزالدين. يتفرج د.محمود على مجموعة من الكماشات المختلفة الأحجام والأدوات ذات المقابض الغليظة المتصلة بأنابيب معدنية طويلة متعرجة. تصطف الأدوات الشبيهة جدا بأدوات تعذيب جلادى العصور الوسطى على وسادة مخملية فى حقيبة عرض أنيقة. إنه طاقم أدوات خلع الأسنان. الأدوات التى تم ابتكارها بالقرن 14 بفرنسا لم تتطور كثيرا حتى زمننا الآن. تغيرت المواد التى تصنع بها الكماشات من الحديد إلى «الستانلس ستيل»، وصارت أكثر دقة فى تصميمها، لكن أشكالها المخيفة والرهبة التى تملأ بها نفوس المرضى مازالت كما هى. صارت عملية خلع الأسنان، والحديث مازال للدكتور محمود، أكثر أمنا، بعد تطور أنواع المخدر الذى يقلل الألم، والمضادات الحيوية التى تمنع العدوى بعد عملية الخلع، وغيرها. لكن تطور التقنيات لم يغير من المبادئ الرئيسية للعملية البدائية، «فى النهاية حتمسك كماشة، وتمسك بيها السن وتشده فيتخلع». يقول د.محمود إن أدوات الخلع تتفاوت فى دقة تصميمها وجودة المواد المصنوعة منها وأسعارها. الفروق لا تحتاج لطبيب متخصص كى يفهمها، «الصينى أرخص وأقل جودة، والألمانى والأمريكى هم أفضل الأنواع وبيعيشوا أكتر». أحد أحدث التكنولوجيات التى جذبت أنظار زوار المعرض كان طقما من الأدوات الدقيقة الحديثة المستخدمة فى عمليات تنظيف قنوات الأسنان وعلاج أعصاب الأسنان. حين يهمل المريض فى علاج تسوس الأسنان، يدخل التسوس إلى أعماق قناتى السن المصاب ويملأه بالبكتيريا، فتتشوه قناة الأسنان وتنسد ويصاب العصب الذى يربط السن باللثة. عندها، يضطر الطبيب إلى اختراق السن بآلة حادة وتنظيف قناة الأسنان مما ترسب بها، «وطبعا زمان كان الأطباء يستخدمون أساليب يدوية لإجراء هذه العمليات، وممكن تاخد مننا 3 جلسات مع المريض»، والحديث للدكتور أحمد عبدالله، وهو طبيب سعودى تصادف زيارته للقاهرة أثناء إقامة المعرض. أما الأدوات الحديثة فهى تكفل سرعة ودقة لعلاج قنوات الأسنان وقد تمكن الطبيب من إنهاء العلاج فى جلسة واحدة. أحد هذه الأدوات أشبه بالمثقاب «الشانيور» الذى يخترق السن ويدخل إلى أعماق قناة الأسنان لإزالة ما بها من شوائب، لتتولى أداة أخرى عبارة عن أنبوب رفيع بالدخول إلى عمق السن وملؤه بالماء لتنظيفه ثم شفط الماء مرة أخرى، وأداة ثالثة تتولى دفع مواد علاجية داخل السن، وغيرها من الآلات الشبيهة. لكن الدكتور أحمد يؤكد أن هذه الأدوات تحتاج إلى طبيب شديد الدقة والمهارة فى استخدامها، لأنه الطبيب المبتدئ قد يتسرع فى استخدام الأدوات فيخترق السن ويصل إلى اللثة والعظم، مما قد يؤدى بدوره إلى وصول المواد العلاجية للدم وإصابة المريض بمضاعفات خطيرة. لذلك يفضل د.أحمد، الذى يمارس طب الأسنان منذ عامين فقط، أن يعمل بالأسلوب اليدوى التقليدى إلى أن يشعر بالثقة الكافية لاستخدام الأدوات الجديدة. ولكن هل من المفترض أن يعرف المريض إن كان طبيبه يستخدم أدوات خلع صينية أم ألمانية؟ وإن كان ماهرا فى حقن البنج أم أن «إيده ثقيلة»؟ يقول الدكتور عمرو جمال، رئيس جمعية مستوردى مستلزمات طب الأسنان، إن 30% من الأمراض المعدية تنتقل إلى المرضى عن طريق استخدام معدات طب الأسنان غير السليمة أو غير المطابقة للمواصفات. «من الصعب جدا على المريض إنه يعرف بنفسه يحدد جودة الأدوات والحكم عليها»، لذلك فالحل هو التأكد من أن الأدوات المستوردة هى الأجود والأفضل فى السوق. الأهم من كل ذلك هو أن يحافظ الناس على أسنانهم بالحرص على غسلها مرتين على الأقل يوميا، علهم لا يحتاجون للذهاب إلى أطباء الأسنان أبدا.