«من المرجح أن يتراوح المبلغ الذى ستضعه الولاياتالمتحدةالأمريكية سنويا فى صندوق الوقف، المرشح أن يكون بديلا للمعونة الاقتصادية الأمريكية ما بين 200 و400 مليون دولار، على أن تضع الحكومة المصرية نفس المقدار كل عام»، تبعا لما ذكره مصدر فى وزارة التعاون الدولى، طلب عدم نشر اسمه ل«الشروق». وهو ما أكده أيضا أشرف سويلم، مدير منتدى مصر الاقتصادى الدولى، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق بشكل نهائى على إجمالى المبلغ الذى سيتم إيداعه سنويا من الجانبين، وما إذا كان هذا المبلغ سيكون ثابتا طوال عمر الصندوق أم سيتناقص تدريجيا، كما لم يتفق الجانبان على الجدول الزمنى للبدء فى الصندوق. كانت «الشروق» قد انفردت، منذ أسبوع، بالكشف عن وجود مفاوضات حالية بين الحكومتين المصرية والأمريكية فيما يتعلق بالاقتراح، الذى تقدمت به مصر بإنشاء «صندوق وقف» أو وديعة مشتركة، يتم تمويلها من الطرفين، كبديل عن المعونة الاقتصادية، حيث تقوم على أساس أن كل دولار تضعه الحكومة الأمريكية، تقابله المصرية بجنيه، على أن تستخدم هذه الأموال فى أغراض تنموية. وقد اقترحت مصر أن تكون مدة هذا الصندوق، المرشح أن يكون اسمه «صندوق التعاون المصرى الأمريكى، عشر سنوات، إلا أن أمريكا لم تبد موافقتها على هذا الأمر بعد، وفقا لما أشار إليه سويلم. وسوف تتولى وزارة التعاون الدولى الإشراف على هذا الصندوق عن الجانب المصرى، أما على صعيد الإشراف الأمريكى، فسوف يتولى هذه المهمة ثلاث جهات، متمثلة فى وزارة الخارجية الأمريكية وهيئة المعونة ووزارة الخزانة، كما قال سويلم، مضيفا إنه من المتوقع أن يتم إيداع أموال الصندوق فى بنك أمريكى. والهدف الأساسى من هذا الصندوق يتمثل فى رغبة الحكومة المصرية فى تأمين توفير بعض من مبالغ المعونة الاقتصادية للسنوات المقبلة، من خلال إنفاقها لريع أو فائدة الوديعة الموضوعة فى الصندوق خلال العشر سنوات، والاحتفاظ بإجمالى المبلغ الأصلى للوديعة للسنوات المقبلة، وفقا لما ذكره سويلم، معتبرا أن مشاركة مصر فى تمويل الوديعة «وسيلة لإثبات جديتها». الجوانب الاجتماعية ليست أولوية أمريكية «التعليم يأتى على رأس أولويات إنفاق مبالغ الصندوق، فالحكومة المصرية تعطى أولوية لهذا القطاع، وهو ما يحظى بتأييد من الإدارة الأمريكية»، تبعا لطاهر حلمى، رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى. وفى هذا السياق أشار سويلم إلى أن «الولاياتالمتحدة تميل إلى الإنفاق على المجالات، التى تخدم المصلحة الأمريكية بشكل مباشر، وأيضا تلك التى تحتاج إلى تمويل قليل نسبيا، وتظهر ثمارها بسرعة، والتعليم من القطاعات التى تتمتع بذلك»، بحسب تعبيره. وذكر سويلم أن الحكومة المصرية طرحت على أمريكا أن يتم إنفاق جزء من أموال الصندوق على شبكات الضمان الاجتماعى فى مصر، إلا أن الإدارة الأمريكية رفضت هذا الأمر، مبررة ذلك بأن «الكونجرس لن يوافق عليه، وسيرى أنه من الأفضل أن يتم إنفاق هذه المبالغ على شبكات الضمان الاجتماعى الأمريكية»، بحسب تعبير سويلم. وهو ما أكده أيضا المصدر فى وزارة التعاون. الحكومة المصرية تحتاج لبذل مجهود إضافى يرى حلمى أن «الظروف السياسية والاقتصادية الحالية غير مواتية للموافقة على إنشاء مثل هذا الصندوق»، فعلى الجانب الاقتصادى، «أمريكا تمر بمرحلة صعبة، ولديها حاليا أولويات أخرى، مثل معالجة مشكلاتها الاقتصادية المتعلقة بالبطالة أوالعجز وغيرهما»، وفقا لحلمى. أضاف أن العوامل السياسية ستلعب الدور الأكبر فى هذا الأمر، خاصة فى هذا التوقيت، الذى سيشهد الانتخابات التشريعية والرئاسية فى مصر، إلى جانب انتخابات الكونجرس الأمريكى، ومع الأخذ فى الاعتبار أن شعبية الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، تتراجع يوما تلو الآخر. وهو ما يؤكده أيضا المصدر فى وزارة التعاون، الذى توقع أن «تستغرق الموافقة على إنشاء الصندوق وقتا طويلا، إذا حدثت مشكلات فى الانتخابات التشريعية المصرية، المزمع عقدها نهاية العام الحالى أو فى الانتخابات الرئاسية، التى من المتوقع أن تشهد بعض الاضطرابات»، مضيفا أن انتخابات الكونجرس، المقرر عقدها العام المقبل، سيكون أيضا لها دور فعال فى تيسير المفاوضات أو تعطيلها، خاصة أنه من المتوقع أن يخسر الديمقراطيون مقاعد، «وكل هذه العلامات لا تبشر بالخير». من ناحية أخرى، يعتقد سويلم أن «الأمر الذى يزيد من صعوبة الموقف هو أنه عادة ما يربط الكونجرس منحه للمعونات بشروط معينة متعلقة بالإصلاحيين السياسى والاقتصادى، وإنشاء مثل هذا الصندوق يسحب من أمريكا قدرتها على التأثير فى القرارات السياسية فى مصر»، على حد تعبير المصدر. فبمجرد انتهاء مدة العشر سنوات، سوف تستفيد مصر من أموال الصندوق، دون أن تتحكم الإدارة الأمريكية فى أوجه إنفاق هذه الأموال، وبالتالى «الكونجرس لن يوافق بسهولة على إعطاء مصر معونة بدون مشروطية»، وهو ما أكده أيضا المصدر فى وزارة التعاون. وكانت مصر قد حصلت على معونة اقتصادية من أمريكا قدرها 815 مليون دولار سنويا، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وحتى عام 1998. ثم بعد ذلك تم تخفيضها بنسبة 5% سنويا، فوصلت إلى 415 مليون دولار عام 2008، إلا أن إدارة بوش قامت بتخفيضها إلى أكثر من 50% فى موازنة عام 2009، لتصبح 200 مليون دولار، دون ذكر أسباب هذا الخفض الاستثنائى غير المتفق عليه.