تفاصيل أول اجتماع لوزير الإسكان.. خطة زمنية للتطوير وتعيينات للشباب    فولكس فاجن تنتج السيارة رقم 28 مليون لها في الصين    "أكسيوس" يكشف بوادر "انفراجة" بشأن غزة بعد رد حماس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق بغزة    مسيرة إسرائيلية تقصف ب3 صواريخ بلدة حولا في جنوب لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة في مدينة العلمين والسواحل الشمالية اليوم    نشر الفسق والفجور.. تفاصيل سقوط بلوجر شهير بقبضة الأمن    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 4-7-2024 بالأسواق    مواعيد مباريات الدوري المصري اليوم الخميس والقنوات الناقلة    تشكيل منتخب الأرجنتين المتوقع أمام الإكوادور في كوبا أمريكا    اليوم، آخر فرصة للتقديم للوظائف الخالية بالمترو    سعر الريال السعودي اليوم الخميس 4-7-2024 في بداية التعاملات    بعد فاركو.. موعد مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 4 يوليو 2024    إصلاحي ومحافظ متشدد وجهًا لوجه في الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية| بزشكيان يسعى نحو التعددية السياسية والانفتاح على الغرب.. وجليلي يتجه نحو الإصلاح الاقتصادي وخلق علاقات دولية جديدة    الثانوية الأزهرية 2024| طلاب الأدبي يؤدون اليوم امتحان مادة التوحيد    التعليم تستعد لتجهيز نتيجة الدبلومات الفنية لاعتمادها وإعلانها للطلاب    أعشاب ومشروبات تعزز الصحة النفسية وقوة الدماغ    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    توفيق عبد الحميد يكشف عن حقيقة تدهور حالته الصحية    أبرزها دواء الضغط.. زيادة أسعار 3 أدوية في الصيدليات    اشتباكات وقصف مدفعي إسرائيلي على مخيمي «الشابورة» و«دوار النجمة» في رفح الفلسطينية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: كريم عبد العزيز ل عمرو أديب أنا أهلاوي مجنون بحضور تركي آل الشيخ .. مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية    استطلاع: معظم الأمريكيين يعتقدون أن ترامب لن يقر بالهزيمة إذا خسر انتخابات نوفمبر    محافظ الدقهلية: العمل الميداني سر نجاح أي مسئول وقيادة.. ونعمل على حل مشاكل المواطنين ومحدوي الدخل    دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    مشيرة خطاب: لا توجد حقوق إنسان بدون سيادة القانون في الدولة    انخفاض يخالف التوقعات ب«حديد عز».. سعر الحديد اليوم في مصر الخميس 4 يوليو 2024    مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية (فيديو)    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    ذكري ثورة 30 يونيو| أسقطت جماعة الإخوان أخطر تنظيم إرهابي في العالم    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    فولكس ڤاجن تقدم أقوى Golf R فى التاريخ    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    تقارير: عموتة يقود الجيش الملكي المغربي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    دافيد جوردو: منتخب إسبانيا قادر على حسم «يورو 2024» وسنستغل غياب صلاح في الأولمبياد    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 4 يوليو.. «يومًا للتأمل الداخلي والاتصال الخارجي»    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    هاني سعيد: نحاول فصل لاعبي بيراميدز عن الأحداث.. وينقصنا عامل الجمهور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل البرلمان التونسى ودروس 25 يوليو
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 04 - 2022

نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا بتاريخ 1 أبريل 2022 للكاتب سالم ضيف الله، تناول فيه دلالات حل الرئيس التونسى قيس سعيد البرلمان التونسى بعد اجتماع عدد من نوابه عبر تقنية الفيديو لإلغاء الإجراءات التى اتخذها سعيد فى 25 يوليو 2021.. نعرض من المقال ما يلى.
بعد زلزال 25 يوليو 2021، عاشت تونس مساء يوم 30 مارس 2022 على وقع هزات ارتدادية جديدة للرجة الأرضية التى ضربت البلاد بعد قرار الرئيس قيس سعيد حل مجلس نواب الشعب (البرلمان)، استنادا للمادة 72 من الدستور التونسى، وذلك حفاظا على الشعب ومؤسسات الدولة. إذ جاء قرار الرئيس سعيد بعد ساعات من عقد أكثر من 120 نائبا فى البرلمان التونسى «المُنحل» اجتماعا افتراضيا عبر الإنترنت، فى اليوم نفسه، فى تحدٍ للتدابير الاستثنائية التى اتخذها الرئيس التونسى منذ 25 يوليو الماضى، بما فيها تجميد أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه.
دلالات الحل
ثمة عدد من الملاحظات يمكن الإشارة إليها بشأن قرار حل البرلمان التونسى فى 30 مارس 2022، وتتمثل فى الآتى:
1 استغلال الفرصة الدستورية: مع تحدى عدد من نواب البرلمان قرار تعليق أعمال المجلس وعقدهم جلسة عبر تقنية الفيديو فى 30 مارس 2022، صوتوا خلالها على إلغاء الإجراءات التى أقرها الرئيس منذ 25 يوليو؛ كان ذلك أشبه ب «القطرة التى أفاضت الكأس» وأعطت للرئيس سعيد المُبرر القانونى والدستورى للتحرك ضد البرلمان ورئيسه راشد الغنوشى الذى دعا إلى تلك الجلسة، ولكنه لم يترأسها استجابة لطلب عدد من البرلمانيين الذين اشترطوا أن يترأسها نائبه من حزب قلب تونس، طارق فتيتى، للمشاركة فيها والمصادقة على قراراتها.
2 دعم مؤسسات الدولة التونسية: كان لافتا أن يُعلن الرئيس سعيد عن قرار حل البرلمان، بعد إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للأمن الوطنى، الذى يتألف من كل المؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية فى تونس، ما يعنى أن الرئيس جس نبض هذه المؤسسات على الأقل قبل إعلان القرار، وتأكد من ولائها للمؤسسات والشرعية الدستورية الكامل.
3 تأييد القوى السياسية والنقابية: يكفى هنا النظر إلى التصريحات والمواقف السياسية التى أعلنتها كبريات الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية ذات الثقل فى تونس، والتى أيدت قرار حل البرلمان، مثل الحزب الدستورى الحر بقيادة عبير موسى؛ المعارضة لتيارات الإسلام السياسى بشقيه الإخوانى والسلفى. وفى هذا السياق أيضا، كان لافتا البيان الذى أصدره الاتحاد العام التونسى للشغل، وهو القوة النقابية الأولى فى البلاد، والقادر على التجنيد والحشد وتحريك الشارع والمجتمع بشكل أكبر وأقوى مما تستطيع كل الأحزاب التونسية مجتمعة تحقيقه أو بلوغه. إذ اعتبر الاتحاد أن حل البرلمان فرصة لاستعادة الثقة وطمأنة الشعب من أجل تصحيح المسار، مشيرا إلى أنه لم تعد هناك ضرورة لاستمرار مجلس النواب لأنه أعطى صورة سيئة تعكس فساد الحياة السياسية، فضلا عن رفض الاتحاد لجوء أطراف نافذة فى البرلمان إلى الاستقواء على تونس بالدول الأجنبية والتخطيط لمغامرة تفتيت الدولة والدفع بها إلى المجهول.
4 تدارك الخطأ وتصحيح المسار: إن التطورات السريعة التى تعيشها تونس منذ قرار حل البرلمان، تؤكد أن الرئيس سعيد تلافى الخطأ الذى وقع فيه بالإبقاء على البرلمان صوريا ومجمدا، ولكنه كان مؤسسة حاضرة فى المشهد السياسى الوطنى؛ فعمد إلى سحب أى شرعية دستورية ولو منقوصة منه، بحله. وبهذا القرار أيضا، يكون الرئيس سعيد فى طريقه للعودة إلى الخطوة الثانية التى لم يقطعها بعد 25 يوليو الماضى؛ وهى وضع خريطة طريق سياسية بجدول زمنى، لتنفيذ استحقاقات التونسيين الذين التفوا حول سعيد فى الساحات والشوارع فى الصيف الماضى، لدعمه، وهو ما أكدته استطلاعات الرأى وقتها والتى منحت الرئيس نسبة تأييد خيالية بلغت 90% من التونسيين والتونسيات.
خسائر النهضة
إن الرئيس قيس سعيد بحله البرلمان، وضع نفسه فى موقف يسمح له باستعادة شعبيته التى انجرفت إلى 65% من المؤيدين فى نهاية مارس الماضى، وفى قلب التوازنات والتحالفات السياسية التى ستظهر فى القريب العاجل تمهيدا للانتخابات، بما فى ذلك من جانب حركة النهضة نفسها، التى خسرت تحدى المواجهة؛ فخرجت من المشهد النيابى وأصبحت مهددة بانهيار ما تبقى فى صفوف بعض تياراتها وأجنحتها من أوهام قوة وقدرة، وذلك فى ظل الانقسامات التى عصفت بها منذ 25 يوليو الماضى ولم تتوقف حتى قبل يومين فقط من قرار حل البرلمان بعد استقالة 9 من كتلة النهضة فى البرلمان، بينهم القيادى البارز فى الحركة سمير ديلو.
ومن الواضح أن سعيد بقراره وضع النهضة فى زاوية صعبة، وهى التى كانت تأمل الالتفاف على قرار تجميد البرلمان مستفيدة من الجمود السياسى أولا، ومن انصراف التونسيين عن الاهتمام بالشأن السياسى بشكل عام فى ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التى فاقمتها بشكل غير مسبوق الحرب الروسية الأوكرانية. ويبدو اعتمادا على تطورات الوضع المشهد فى تونس، أن حركة النهضة أصبحت بعد قرار 30 مارس، تخشى صناديق الاقتراع والناخبين فى ديسمبر المقبل، أى بعد 8 أشهر فقط، أكثر من خوفها من مواجهة سعيد نفسه، فى ظل اهتراء قاعدتها الشعبية من جهة، وانشغال اللاعبين الدوليين والإقليميين الذين يمكن التعويل عليهم لمساندة مطالبها ومشاريعها بالحرب فى أوكرانيا وتداعياتها الهائلة المنتظرة؛ ما لا يترك لملف مثل النهضة أو الوضع فى تونس بشكل، مكانا بين أولويات مكاتب ومؤسسات صناعة القرار فى العواصم الغربية المؤثرة، بالنظر إلى المدة الزمنية الطويلة التى ربما ستستغرقها الحرب وتسوية تداعياتها وانعكاساتها.
ولكن خطأ النهضة الأكبر، وربما القاتل، يتمثل فى أنها أعادت كل الأوراق، بما فيها ورقة التشريع أى الدور النيابى بعد حل البرلمان، إلى يد الرئيس سعيد شخصيا، حيث إنه من أبرز تداعيات قرار الحل واعتمادا على الدستور الذى علق الرئيس العمل بأكثر أبوابه، أن على الرئيس الدعوة لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها، بين 45 يوما و90 يوما، على أقصى تقدير، وهو ما يترافق بالضرورة مع معطيين اثنين على الأقل؛ أولهما تعديل القانون الانتخابى من جهة، وإعادة النظر فى تركيبة الهيئة المستقلة للانتخابات التى تشهد منذ فترة مشاكل تنظيمية انتهت بها إلى العمل ب7 أعضاء وليس 9 كما فى القانون المنظم للهيئة.
وفى الحالتين وبعد حل البرلمان، تترك حركة النهضة للرئيس سعيد وحده حرية التصرف فى الملفين، بما أنه الشريك للبرلمان فى حسم الأمرين. وفى ظل غياب البرلمان، فإن للرئيس وحده بفضل المراسيم الرئاسية، أو عبر المجالس القضائية والدستورية، والخبراء والفقهاء القانونيين والدستوريين؛ صلاحية تعديل القانون الانتخابى، والهيئة المستقلة للانتخابات، لتخليصهما من الشوائب المحتملة، سواءً كانت فصولا أو شخصيات.
أما إذا اعتمد الرئيس التونسى على خطة عمله الأساسية، فإن التداعيات على النهضة ومن ورائها على المشهد السياسى بشكل عام فى البلاد، ستكون أعمق وأخطر، حيث إن سعيد سيتمكن على عكس النهضة من العمل دون ضغوط للإعداد لانتخابات ديسمبر المقبل، وفق خريطة الطريق التى أعلنها الرئيس التونسى سابقا، وقبل ذلك الاستفتاء على تعديل الدستور نفسه، ما سيحرم النهضة من أى شرعية للعمل من داخل مؤسسات الدولة الدستورية، مع العودة إلى نظام رئاسى صريح والقطع مع النظام الهجين الذى جاء به دستور ما بعد 2011، والمتسبب وفق كل المعطيات فى تعطيل مؤسسات الدولة، بسبب نظام المحاصصة السياسية الذى شل البلاد بالكامل.
وفى النهاية، يمكن القول إن الرئيس قيس سعيد ارتكب فى 25 يوليو 2021 «خطأً تكتيكيا» برفض السير فى طريق كان يبدو حينها فى غاية الوضوح. ولكن الثابت بعد 30 مارس 2022 أن الرئيس التونسى انتبه إلى أن العمل السياسى والجمود خطان لا يلتقيان، ما سيدفعه إلى وضع استراتيجية جديدة هدفها تغيير النظام برمته، وليس الاكتفاء بتخليصه من النقائص، التى جعلت تونس دولة برأسين: الرئاسة ضد البرلمان، فى حين اختفى باقى جسمها فى رمال الفساد، والأزمة الاقتصادية، وتراجع مؤشرات التنمية، والبطالة، والإرهاب، دون الحديث عن أزمة كورونا المستجد وما كشفته من عيوب متأصلة، والعواقب الوخيمة التى تهدد بها الأزمة القادمة من شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا، وهما المصدران الأساسيان للحبوب وزيت الطهى وبعض المنتجات الغذائية الحيوية الأخرى، إلى جانب آلاف السياح القادمين إلى تونس.
النص الأصلى:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.