منذ بضع سنوات، كان المهندس محمد عبد المنعم الصاوي في زيارة لمنطقة الزمالك، يقوم ببعض الأعمال الخاصة بشركة الإعلانات التي يمتلكها، حيث راح يؤكد حصوله على حقوق استخدام أماكن لوحات الإعلانات فوق كوبري 15 مايو.. وقتها طلبت منه الجهات الحكومية المعنية، تغطية حوائط نفق أبوالفدا بالرخام نظير حصوله على حقوق الإعلان فى هذه المنطقة، وأثناء المعاينة، وجد فجوة كبيرة داخل أحد الحوائط، أخذه الفضول، ودخل إليها، ففوجئ بكم ضخم من القمامة والمخلفات.. يقول «تخيلت هذه القمامة وكأنها مسرح كبير بإضاءته وستائره، وأضاءت الفكرة فى رأسى، وقررت أن أحولها إلى حقيقة، وأبنى مركزا ثقافيا تحت الكوبرى». أخذ حق انتفاع المنطقة بإيجار شهرى، واستطاع تحقيق حلمه ببناء المركز، على مساحة 5000 متر مربع تحت كوبرى 15 مايو بالزمالك، واستوحى اسمه من رواية تحمل عنوان «خماسية الساقية» ألفها والده الأديب الراحل عبدالمنعم الصاوى، وخلال ست سنوات أصبحت «ساقية الصاوى» صرحا ثقافيا كبيرا، وبات شعارها: ساقية الصاوى «تسقى فكرا وثقافة». تعمل الساقية يوميا من الثامنة صباحا وحتى منتصف الليل، وتقيم من نشاطين إلى أربعة فى اليوم الواحد، يزورها نحو ألف فرد فى الأيام العادية ويصل هذا العدد إلى نحو ألفين فى المناسبات، ليصبح عدد الزوار على مدار العام نحو 600000 زائر، ويبلغ عدد أعضائها إلى الآن 30000 عضو. المقر الرئيسى يشمل خمس قاعات هى: الحكمة، والكلمة، والنهر، والحديقة، وبستان النيل، كلها مجهزة بشاشات عرض سينمائية، وأجهزة سمعية وبصرية، وثلاث قاعات أخرى لعقد الاجتماعات واللقاءات وورش العمل، بالإضافة إلى مكتبة عامة تحوى مجموعة كبيرة من الكتب للصغار والكبار، بالعربية والإنجليزية والفرنسية، ويستطيع رواد الساقية قراءتها فى حين يحق للأعضاء استعارتها، أما باقى فروع المركز فوزعت بين بعض المدارس، والمحافظات مثل: قنا، حلوان، وبعض الأماكن البعيدة نسبيا مثل: القرية الذكية، مدينة الرحاب، والساحل الشمالى. من هموم هذا الكيان إلقاء الضوء على مفاهيم يمكن بلورتها، وتنفيذها بشكل عملى، على سبيل المثال، طلبت إدارة الساقية من زائريها القاطنين بالقرب منها بالزمالك، أن يذهبوا إليها سيرا على الأقدام، لمكافحة الزحام، وتشجيع رياضة المشى، وتجدهم أيضا يمنعون بتاتا إعطاء البقشيش للعاملين بكافيتريات الساقية، كما شن محمد الصاوى وفريقه حربا ضروس ضد التدخين، فأطلقوا حملة «الدائرة البيضاء» كشعار لبيئة خالية من التدخين، واختارت منظمة الصحة العالمية هذا الشعار لتطبيقه فى 22 دولة على مستوى العالم. وبالإضافة إلى الحفلات والمعارض الفنية والمسرحيات واللقاءات تقدم الساقية مجموعة من ورش العمل لتدريس مبادئ الفنون والآداب بجميع أنواعها ومستوياتها، وبجانب تقديمها معارض تشكيلية لكبار الفنانين، تحتضن أعمال شباب الفنانين، وقد شهد العام الماضى العديد من المهرجانات، بلغ عددها 25 مهرجانا ومسابقة، تنوعت بين التصوير الفوتوغرافى، والأفلام الروائية القصيرة، والقصة القصيرة، وفنون الطفل، وشعر العامية، وشعر الفصحى، والأفلام التسجيلية، والمسرح، والرسوم المتحركة، والأغانى والابتهالات الدينية. ولم يتوقف الأمر عند إقامة النشاطات الفنية والثقافية، بل إن عام2007 شهد إصدار مجلة «الساقية الورقية» والتى تصدر كل شهرين، ثم تطور الأمر فى 2009 عندما تم إطلاق محطة «صوت الساقية» الإذاعية على الإنترنت، فى محاولة لانتشار أوسع.