تطرح الأزمة التي اندلعت مؤخرا بين إسرائيل وتركيا تساؤلات حول توجهات أنقرةالجديدة، حيث يرى محللون أنها تميل نحو الشرق والعرب فيما يعتبر آخرون أنها تسعى إلى بناء مكانة لها في المنطقة. ففي معرض تقديم الاعتذارات إلى السفير التركي بعد أن تعمد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي إذلاله على خلفية مسلسل تركي اعتبرته إسرائيل معاديا للسامية، أعرب رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نيتانياهو "عن قلقه حيال الفتور في العلاقات بين إسرائيل وتركيا"، مطالبا المسئولين إلى "إيجاد الوسائل" لحل القضية، على ما أعلن مكتب نيتانياهو يوم الأربعاء. بعبارة أخرى، لا تريد إسرائيل خسارة حليف مسلم يمثل وزنا في المنطقة، لكنها تطرح تساؤلات حيال الدبلوماسية التركية. ففي أقل من عام قام الرئيس التركي عبد الله جول ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان بزيارة سوريا ثلاث مرات، كما استضافا أو زارا قادة الأردن ومصر ولبنان وليبيا. وتم توقيع اتفاقات ثنائية للتعاون أو لإلغاء التأشيرات. واغتنم أردوغان مناسبة استقباله رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الاثنين لتوجيه الانتقادات لإسرائيل على ما درجت عادته منذ عام. وتساءل المسئول التركي "هل تؤيد الحكومة الإسرائيلية السلام حقا أم لا؟" علما أن بلاده عضو في الحلف الأطلنطي وحليفة عسكرية للدولة العبرية بموجب اتفاق أبُرم عام 1996. وأدلى أردوغان بتصريحاته يوم الاثنين فيما ينتظر وفود وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إلى أنقرة يوم الأحد. كما وجه أردوغان اللوم إلى الغربيين لتهجمهم على إيران، معتبرا أن "إسرائيل تملك السلاح النووي" وأن "الذين يحذرون إيران عليهم بالمثل حيال إسرائيل". وفي بداية نوفمبر، دافع أردوغان عن الرئيس السوداني عمر البشير الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية، ما أثار الاستغراب في واشنطن وبروكسل. واعتبر الكاتب مراد يتكين في صحيفة راديكال الليبرالية أن الأزمة الإسرائيلية التركية حول المسلسل التلفزيوني "مؤشر على بدء حقبة جديدة لن تتمكن إسرائيل فيها من الحصول على كل ما ترغب، قد تكون نهاية عصر ذهبي", غير أن القادة الأتراك الذين ينتمون إلى التيار الإسلامي أكدوا مرارا أن لا شيء تغير. وكرر وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو يوم الثلاثاء: "إن اتخذت السياسة الإسرائيلية منحى السلام, فستصبح العلاقات التركية الإسرائيلية ايجابية بين ليلة وضحاها". كما أكد داود أوغلو، مهندس دبلوماسية "التقارب مع الجيران" أن بلاده ليست لديها أي مخططات توسعية، ولا تسعى إلا إلى المساهمة في السلام في المنطقة. كما أنها ما زالت تطمح إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بالرغم من بطء مفاوضات انضمامها.