يبدأ اليوم بلعب الفيديو جيمز ومشاهدة الأفلام على الكمبيوتر. بعد تناول الغداء، تأتى فقرة الجلوس على المقهى مع الأصدقاء، يتخللها الذهاب إلى محال «بلاى استيشن» أو لعب الكوتشينة و البينج بونج. ينتهى اليوم بالجوع إلى المنزل ولعب المزيد من الفيديو جيمز ومشاهدة الأفلام، ثم النوم الساعة الرابعة صباحا استعدادا ليوم جديد يطابق ما قبله. تخرج طارق جمال فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية هذا العام. كان متفائلا بتحمس شركة خاصة لتبنى وتطبيق مشروع تخرجه، الذى ابتكر فيه مع زملائه تصميما لطواحين هواء قادرة على إصدار طاقة نظيفة بتكاليف رخيصة، تكفى لعمل مولدات كهرباء صغيرة ومتوسطة الطاقة، «لكن الشركة لسبب غير مفهوم تراجعت عن الدخول فى مجال الطاقة النظيفة كله». بين الحين والآخر تأتى فرصة عمل مؤقت لطارق من خلال معارفه، كأن يقوم برسم تصميمات هندسية على الكمبيوتر. الأموال القليلة مع مصروفه الشهرى تكفى بالكاد فى تغطية احتياجات يومه، التى تتراوح بين 15 و20 جنيها يوميا. وجد طارق عددا من فرص العمل، إلا أنه يرى أنها غير مناسبة له. الأولى كانت فى مصنع ببرج العرب بالإسكندرية. عمله يمتد 12 ساعة يوميا براتب 500 جنيه، إضافة إلى أن العمل بعيد عن تخصصه ولن يكسبه خبرة. جرب طارق الوظيفة عدة أيام ثم تركها بعد أن تأكد من عدم جدواها. الفرصة الثانية كانت بمصنع فى السعودية، ورغم الراتب المرتفع نسبيا، فإنه بحسبة بسيطة، وجد أن الراتب سيكفى إيجار منزل وتكاليف الطعام والمعيشة، «يبقى لو رضيت بشغلانة فيها بهدلة، أحسن لى أقعد فى بلدى، مش تبقى بهدلة وكمان غربة». لا يستطيع طارق أن يتذكر بدقة عدد الشركات التى بعث إليها بسيرته الذاتية، «عشرات الطلبات، وأظن إنى عملت نحو 6 أو 7 مقابلات»، لم تسفر عن شىء. يرفض طارق العمل بالشركات «المستغلة» التى توظف شبابا خريجى كليات الهنسة فى العمل بالمبيعات. هذه الشركات تقوم بتوظيف الشاب براتب يصل إلى 2700 جنيه، بشرط أن يستخدم سيارته الشخصية التنقلات، للوصول إلى العملاء وإقناعهم بشراء المنتجات الصناعية فى الشركة. «أولا الشغل ده متعلق أكثر بالعلاقات العامة من الهندسة، ومافيهوش خبرة». الراتب قد يغرى حديثى التخرج، إلا أن أثره قد لا يبدو جيدا على المدى الطويل. لا يوجد مستقبل وظيفى وراء هذه المهنة فلا يوجد بها فرص واضحة للترقى، «دا غير إن الشركات والمصانع حتعامله كمبتدأ وليس مهندسا ذى خبرة». فحين يحاول المهندس الذى عمل سنتين، على سبيل المثال، فى العمل بمصنع، سيتساوى فى خبرته مع حديث التخرج، وبالتالى لن يحصل على راتب جيد، وضاعت سنين عمله هدرا. أما السبب الأقوى فى نظر طارق لرفض هذا النوع من العمل، هو أنه يرى فيه ظلما للموظفين. «احسبها كدا، لو الشركة أجرت عربية حتدفع ألفين جنيه فى الشهر غير البنزين والصيانة، وراتب المهندس ألفين جنيه زيهم، يبقى المفروض تكلفة مندوب المبيعات الواحد 4 آلاف جنيه شهريا». أما أن يتحمل المهندس تكاليف البنزين وصيانة السيارة التى ستهلك من كثرة المشاوير، فإن ذلك معناه أن الراتب الحقيقى قد لا يتجاوز 1500 جنيه، «دا غير إن مافيهوش تأمين صحى ولا عقد ثابت». لذلك يرى طارق ضرورة وجود قوانين تمنع الشركات من استغلال حديثى التخرج، بحيث تضمن هذه القوانين التعيين خلال فترة معينة مما يضمن التدرج الوظيفى والحصول على تدريبات ترفع من مستوى العاملين. ينظر طارق إلى عام 2010 بتفاؤل مشوب بالحذر. لاحظ فى الفترة الأخيرة وجود فرص عمل كثيرة وطلب من شركات كبرى على المهندسين، وذلك بعد أن بدأت بعض الشركات تتعافى من أثر الأزمة الاقتصادية العالمية وتبدأ من جديد فى توسيع أنشطتها، «فحاسس إن شاء الله إن الفترة اللى جاية حيبقى فيها شغل كويس». فى ذات الوقت، فإنه لا يرى فى ذلك ضمانا أن يحصل على وظيفة، فبعض أصدقائه عاطلين منذ تخرجهم لأكثر من عامين.