«الدنيا حر والجو نار ومفيش أمر من الانتظار» جملة قد تعد أصدق تعبير عن معاناة الملايين من ركاب مترو الأنفاق مع دخول الصيف بسبب الحرارة الشديدة. وبينما يسيل عرقهم عادة ما يكون السؤال المطروح من الركاب هل: يمكن تحويل هذه الرحلة اليومية إلى رحلة ممتعة توفر لهم أبسط الحقوق الإنسانية من هواء نقى؟. وأثناء حوار «الشروق» مع ركاب مترو الأنفاق طالب المواطنون الغلابة بأن يتم تشغيل مراوح آدمية، وتساءل البعض الآخر: «ليه مايكونش فيه تكييف فى المترو زى بقية الدول؟». محاولة الإجابة عن تساؤل الركاب جاءت بنتائج متناقضة، فمن جهته أكد أحمد عبد الهادى، مدير العلاقات العامة فى الشركة المصرية لمترو الأنفاق، أن قطارات المترو بخطيه مصممة لتشغيل المراوح فقط، وعند وجود عطل فى إحدى المراوح يتم الإبلاغ عنها ويقوم مهندسو الصيانة بفكها وإدخالها للورشة لتصليحها وإعادة تركيبها مرة أخرى. وأكد عبد الهادى عدم إمكانية تبديل تلك المراوح بمكيفات قائلا: «مينفعش لأن النظام كله مصمم لتشغيل مراوح ولتبديل النظام يجب تغيير القطار كله، وهو ما يصعب تحقيقه لأن الميزانية لن تسمح، حيث إن ثمن القطار الواحد 80 مليون جنيه، ولكن قطارات مترو الخط الثالث الذى يتم إنشاؤه حاليا ويبدأ العمل فى 2011 فستكون مزودة بمكيفات وليست مراوح». نفس الرد جاء على لسان المهندس عبد الله فوزى، رئيس الإدارة المركزية لمترو الأنفاق، قائلا «ماينفعش لأن المراوح حاجات ثانوية وتزود بكميات معينة من الكهرباء ولتبديلها بمكيفات يجب إجراء تعديل كبير لها لأن الأهم هو عدم التأثير على دوائر الأمان، وهو ما سيتم مراعاته فى قطارات الخط الثالث». ولكن برغم ما أكده المسئولون فى المترو من استحالة تركيب أجهزة تكييف شدد المهندس أحمد يسرى، مدير قطاع الشئون الفنية فى إحدى شركات التعمير والاستثمار فى جنوب أفريقيا، على أهمية الهواء النقى فى قطارات المترو، مؤكدا أن نسبة الأوكسجين ضعيفة جدا بداخلها ويجب وجود أجهزة شفط وتنقية للهواء. مضيفا أنه من الممكن توفير أماكن لتركيب محول كهرباء وطلب زيادة دعم من الحكومة لزيادة القدرة الكهربائية، وبذلك يتم استبدال المراوح بمكيفات وتشغيلها بسهولة. إلا أن عبد الله فوزى رفض اقتراح يسرى قائلا «كل واحد بره المجال بيخترع وأى مهندس يقدر يقدم مشروعه لإدارة الصيانة وهى تدرسه». من جهته، أكد المهندس فتح أبوالحسن، مدير عام بإدارة الكهروميكانيكا لمترو الأنفاق، أنه من الصعب استبدال المراوح فى قطارات المترو بمكيفات لسببين، أولهما. أن عملية فتح الأبواب والإغلاق كل دقيقتين ستؤدى إلى احتراق المواتير، وثانيا؛ لضرورة الحفاظ على صحة المواطنين، فلا يجوز أن تكون درجة الحرارة داخل القطار 22 درجة وفى الخارج أعلى من ذلك. وأضاف أبو الحسن أن المشكلة تكمن فى المحطات السطحية، أما المحطات الموجودة تحت الأرض فإن القطارات تحصل على الهواء من النفق والمحطة. وأكد أبو الحسن أنه عند إنشاء المترو عام 1987 لم يكن فى الحسبان هذه الزيادة السكانية فكان من المفروض أن يكون فى المتر المربع حوالى 5 أشخاص. ولكن فى الواقع المتر المربع يحمل 12 شخصا، وتلك الكثافة هى التى تجعل الركاب لا يشعرون بأى هواء، موضحا أن هذه الزيادة ستراعى فى التعاقدات الجديدة. وأضاف أنه من الممكن فعلا أن «نغير قليلا فى السيستم لتقوية المراوح وزيادة ضخ الهواء بدون الحاجة لتكاليف باهظة». واختتم أبو الحسن كلامه قائلا «أقسم بالله مهما عملنا مش هنحس بأى هوا من الزحمة الشديدة». وذكر مسئولون بمكتب ناظر محطة شبرا الخيمة أنه من الصعب تركيب مراوح لأن التصميم الهندسى فى القطارات مصمم للمراوح فقط، ولأن أبواب المترو تفتح وتغلق كل دقيقة ونصف، ما يصعِّب من حفظ الهواء، ولتغيير الوحدة بأكملها فإنها تحتاج لسنوات ولتكاليف كبيرة. ولكن، وبغض النظر عن تعدد الآراء واختلافها، تبقى معاناة ركاب المترو فى الصيف والتى وصفتها سارة حسن، طالبة بكلية الآداب وراكبة دائمة للمترو، قائلة «نفسى أحس بالمراوح دى أو أى هوا بارد فى المترو».