كثفت الشركة الموكلة بنقل معدات وخامات الفولاذ المخصص لإنشاء الجدار الفولاذى فى رفح أمس من عمليات النقل من جهة غير معلومة إلى منطقة الشريط الحدودى فى رفح. وشوهدت شاحنات تنقل ألواحا فولاذية بشكل مكثف، عبر قوافل تضم 4 شاحنات فى كل قافلة. فيما شددت الإجراءات الأمنية على الطريق الدولى المؤدى لمدينة رفح حيث تقوم نقاط التفتيش بالتدقيق فى هويات ركاب السيارات ومحتويات الشاحنات الخاصة المتجهة إلى رفح. وفى الشريط الحدودى استأنفت إدارة البنية التحتية فى شركة «المقاولون العرب» العمل وشوهدت المعدات وهى تقوم بالحفر وزرع أنابيب وألواح فولاذية فى الأرض فى منطقة شمال بوابة صلاح الدين. وقال أحد العاملين فى مجال الأنفاق ل«الشروق»: «إن عددا من الأنفاق خاصة شمال بوابة صلاح الدين قد توقفت عن العمل وأن احتمالات انهيارها لازال قائما». وأشار إلى أن سعر نقل طن البضائع عبر الأنفاق انخفض إلى 400 دولار للطن الواحد نتيجة إحجام التجار عن نقل بضائعهم عبر الأنفاق أو تخزينها فى رفح خشية الملاحقات الأمنية أو انهيار الأنفاق. وفى سياق متصل حذر الخبير المائى الفلسطينى نزار الوحيدى من كارثة إنسانية قد يتعرض لها سكان قطاع غزة نتيجة قيام مصر ببناء الجدار الفولاذى على الحدود مع القطاع، موضحا أنه يشكل تهديدا إستراتيجيا للمخزون الجوفى لمياه غزة حيث سيحاصر القطاع اقتصاديا ومائيا. وأوضح أن ذلك سيجبر الفلسطينيين على حفر أنفاقهم على أعماق كبيرة مشيرا إلى أن ذلك غير ممكن من الناحية العملية فى معظم المناطق على الحدود لوجود المياه الجوفية على هذه الأعماق، والتى سيؤثر الجدار عليها وعلى نوعيتها على المدى المتوسط والبعيد. فى نفس السياق قالت مصادر عاملة فى منظمات إغاثية دولية ومنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة إنها بعثت بأسئلة إلى القاهرة لاستيضاح دقة المعلومات التى تداولتها الأنباء حول قيام السلطات المصرية ببناء جدار على الحدود الفاصلة بين رفح المصرية وقطاع غزة. ورفضت المصادر الإفصاح عن أسماء منظماتها للحرص على استمرار حسن التعاون مع السلطات المصرية والسلطات الإسرائيلية فى توفير الإغاثة الإنسانية لسكان قطاع غزة. غير أنها أشارت إلى أن الأسئلة التى وجهتها للسلطات المصرية، سواء مكاتبة أو خلال لقاءات مع المسئولين المصريين فى القاهرة أو فى عدد من العواصم الأوروبية التى تعمل فيها هذه المنظمات، انصبت على طبيعة الجدار وتأثيره المتوقع على أهل غزة. وحسب مصدر فى منظمة إغاثية دولية كبرى مقرها جنيف فإن بناء هذا الجدار «لن يجعل الأمور أسهل على الإطلاق بالنسبة لقطاع غزة الذى يعانى بشدة من الحصار بالفعل وسيزيد من شعور السكان فى القطاع بأنهم يعيشون فى سجن كبير». وأقر مصدر رسمى مصرى بتلقى «بعض طلبات الاستيضاح» من عدد من الجهات الأجنبية، مشيرا إلى أن الأمر لم يتجاوز «حدود الاستفهام» ولم يصل إلى حد الإعراب المباشر عن القلق. وقال مصدر فى مفوضية الأممالمتحدة للاجئين إن المفوضية لديها قلق من فكرة زياردة الاستحكمات الأمنية على الحدود الفاصلة بين قطاع غزة. وحسب المصدر فإن مصر من حقها الحفاظ على أمنها وحدودها ولكنها فى الوقت نفسه «مطالبة حسب مقتضيات القانون الدولى بتوفير ملجأ آمن لأهالى قطاع غزة المحاصر فى حال ما تعرضوا لمخاطر مباشرة وجسيمة وجدوا معها أن أمنهم وبقاءهم يتطلب مغادرة لجوء من القطاع إلى الأراضى المصرية». وأشار المصدر إلى أن المفوضية كانت «لفتت انتباه السلطات المصرية إلى هذا الأمر فى أثناء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة العام الماضى، حيث لم تسمح السلطات المصرية إلا بمرور الحالات الحرجة من الجرحى إلى داخل الحدود لتلقى العلاج. فى الوقت نفسه، قالت كارين أبوزيد المفوضة العامة لمنظمة الأونروا خلال زيارة أخيرة قامت بها للقاهرة إنها «سألت مسئولين مصريين عن هذا الجدار وأنهم أكدوا أنه ليس من مدعاة للقلق وأن الغرض منه ليس حصار قطاع غزة على الإطلاق». وحسب أبوزيد فإن المسئولين المصريين أكدوا لها أن الجدار الذى يتم بناء جزء منه تحت الأرض وجزء فوق الأرض لن يتجاوز عشرة كيلومترات من طول الحدود التى تبلغ أكثر من أربعة عشر كيلو مترا وأنه يتم جزئيا تحت الأرض بما لا يزيد على 18 مترا فى العمق لمحاربة التهريب عبر الأنفاق. وأعربت كارين أبوزيد عن «التفهم لحاجة السلطات المصرية السيطرة على الأوضاع على الحدود» ولكنها أضافت أنه من المأمول ألا يتسبب ذلك فى الحيلولة دون وصول البضائع والأغذية والأدوية التى يمر معظمها إلى داخل القطاع «للأسف من خلال الأنفاق» التى أصبح الفلسطنيون مضطرين لزيادة عمقها إلى 40 مترا لتفادى الوصول إليهم. وقالت مسئولة الأونروا إنه «ليس من العدل أن يتم إلقاء اللوم كله على مصر» فيما يتعلق بالوضع الإنسانى «بالغ السوء» فى غزة لأن الأمر يتعلق بالأساس بالحصار الإسرائيلى المفروض على القطاع بالمخالفة لمتقضيات القانون الدولى ومتطلباته من سلطة الاحتلال، مضيفة أنه لا يمكن لأحد أن يطلب من مصر أن تتولى مسئوليات إسرائيل إزاء قطاع غزة، ولكن المطلوب من مصر هو استمرار التعاون مع المنظمات الدولية لضمان عدم تدهور الوضع أكثر فى القطاع المحاصر. .. وإعادة شابين إسرائيليين بعد التحقيق معهما أعادت السلطات المصرية أمس إسرائيليين إلى السلطات الإسرائيلية عن طريق منفذ العوجة البرى فى وسط سيناء، بعدما كانت أوقفتهما بالقرب من العلامة الحدودية رقم 36 المحاذية لقرية وادى العمر، وسط تضارب حول طريقة دخولهما إلى الأراضى المصرية بالخطأ أو بشكل متعمد أو أنها محاولة اختطاف فاشلة. وأكدت مصادر أمنية مصرية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنه تم إعادة الشابين الإسرائيليين إلى إسرائيل صباح أمس بعد انتهاء التحقيقات. وأجرت أجهزة الأمن تحقيقات مع الشابين استمرت على مدار 12 ساعة متصلة واعترفا خلالها بأنهما كانا فى تدريبات على الحدود مع مصر ودخلاها بطريق الخطأ بعد أن ضلا طريقهما فى الظلام. إلا أن صحيفة «يدعوت أحرونوت» الإسرائيلية ذكرت أمس أن الشابين قالا خلال استجوابهما فى مركز شرطة ديمونا الإسرائيلى إنهما دخلا الأراضى المصرية «بشكل متعمد» فى محاولة لإثبات جرأتهما قبل التجنيد فى الجيش الإسرائيلى. وقالت الصحيفة إن الشابين تعرضا على ما يبدو للضرب خلال تحقيق الأجهزة الأمنية المصرية معهما، مضيفة أن هناك آثار كدمات على جسديهما. لكن نشطاء فلسطينيين أعلنوا على شبكة الإنترنت أن الحادث محاولة فاشلة لاختطاف إسرائيليين، مشيرين إلى أن تحقيقات تتم فى الواقعة التى نسبت لضابط مصرى. وكشفت مصادر أمنية مصرية ل«الشروق» أن الإسرائيليين البالغ عمرهما أقل من 20 عاما عبرا عائدين فى الخامسة من فجر الثلاثاء منفذ كرم أبوسالم جنوب معبر رفح بنحو 6 كيلومترات بعد اتصالات مصرية إسرائيلية على أعلى مستوى، حسب المصادر. وفرضت أجهزة الأمن تعتيما كبيرا حول ملابسات دخولهما الأراضى المصرية وأسمائهم واكتفت بالقول إن المتسللين خضعا لتحقيقات منذ ضبطهما مساء يوم الاثنين. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الكاميرات الأمنية على الحدود رصدت بوضوح الجنود المصريين وهم يشهرون بأسلحتهم نحو الشابين. يذكر أن واقعة مماثلة تمت فى عام 2006 عندما أوقفت السلطات الأمنية المصرية إسرائيليين دخلا إلى الأراضى المصرية بالقرب من مدينة طابا بجنوبسيناء وأحيلا إلى النيابة العسكرية المصرية وأعادتهما السلطات المصرية إلى إسرائيل مرة أخرى عبر منفذ طابا لأنهما ضلا الطريق إلى الأراضى المصرية.