بدأ العد العكسي في المؤتمر العالمي للمناخ في كوبنهاجن حيث بقي أمام الدول ال193 المشاركة فيه اقل من 48 ساعة للتوصل إلى اتفاق عالمي لا يزال متعثرا عشية إقراره المفترض من قبل 120 رئيس دولة وحكومة. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس في برلين أن "الأخبار التي تردنا (...) من كوبنهاجن ليست سارة"، معربة عن أملها في أن يؤدي وصول الرؤساء إلى حلحلة الأمور. وهذه المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يحد ارتفاع حرارة سطح الأرض بدرجتين مئويتين والتي تراوح مكانها منذ أيام، استؤنفت الخميس قرابة الساعة التاسعة بتوقيت جرينتش. أما وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فستبدأ سلسلة لقاءات ثنائية مع ممثلي كل من الصين والبرازيل والدنمرك. وبعيد وصولها، أعلنت كلينتون أن الولاياتالمتحدة ستساهم في مساعدة إجمالية بقيمة مئة مليار دولار سنويا حتى 2020 لمكافحة الاحتباس الحراري، في إطار اتفاق يشمل الاقتصاديات الكبرى. وقالت أمام الصحافيين في إطار اتفاق تتعهد فيه كل الاقتصاديات الرئيسية بأعمال ملموسة للحد من انبعاث غازات الدفيئة وتقدم كل الشفافية الضرورية حول تطبيقها، فإن الولاياتالمتحدة على استعداد للإسهام مع غيرها من الدول لجمع مئة مليار دولار سنويا من الآن وحتى 2020 لمكافحة الاحتباس الحراري. وهذا المبلغ هو الذي اعتبره الاتحاد الأوروبي أيضا ضروريا لتلبية حاجات تكيف الدول النامية مع تداعيات التغير المناخي وتخفيف انبعثاتها. من ناحيته، حذر رئيس الوزراء الاسترالي كيفن راد من فوز في الشكل وليس في المضمون، مشيرا إلى أن المفاوضات تتقدم بخطوات السلحفاة، ولكنه لفت إلى أن هذه طبيعة هذا النوع من المفاوضات، فإما أن تصطدموا بالحائط وإما أن تحققوا اختراقا في اللحظة الأخيرة. أما مضيفة المؤتمر الدنمرك، فأكدت الخميس على لسان احد مفاوضيها أنها "لم تستسلم وتقاتل بكل قواها للخروج من المأزق. ومن المقرر أن يلقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي رفض "مجرد التفكير بفشل" مؤتمر كوبنهاجن كون هذا الأمر سيشكل في حال حصوله "كارثة"، خطابا بعد ظهر الخميس قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا مشتركا مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. أما رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج فذكر مجددا، قبل 48 ساعة الموعد النهائي لإبرام الاتفاق، بان بلاده لا يمكنها القبول باتفاق لمكافحة الاحترار يمنع ملايين الأشخاص من الخروج من بؤرة الفقر. وقال "التغير المناخي لا يمكن أن يعالج عن طريق إبقاء الدول النامية في الفقر". وأعلنت الهند استعدادها لخفض الوحدة الكربونية لاقتصادها (انبعاثاتها من غازات الدفيئة نسبة الى وحدة إجمالي الناتج المحلي) بما بين 20% إلى 35% في 2020 مقارنة بما كانت عليه في 2005. وقال سينج "نحن مستعدون لفعل المزيد إذا كانت هناك استعدادات صادقة على المستوى المالي والتكنولوجي". من جهته، شدد رئيس الوزراء الصيني وين جياباو الذي وصل الأربعاء إلى كوبنهاجن، على تصميم و"صدق" بلاده في مكافحة الاحتباس الحراري. والصين التي تعتبر أول ملوث في العالم، لم تحدد أهدافا ملزمة لخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة في بروتوكول كيوتو، ولكنها تعهدت بخفض حصتها الكربونية بنسبة 40 إلى 45% بحلول 2020 مقارنة بما كانت عليه في 2005. وقال الخبير البيئي الفرنسي جان جوزيل نائب رئيس مجموعة الخبراء الدولية حول المناخ أن هذه ليست المفاوضات التي نحلم بها من وجهة نظر علمية. وأضاف: "نحن بعيدون عن الأرقام الواجب إقرارها من قبل الدول الغنية في ما خص تعهداتها بخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة بحلول 2020" والتي تقل بقدر كبير عن نسبة ال25% إلى 40% التي أوصى بها العلماء. وأضاف أن اليومين المقبلين سيكونان بالغي الأهمية، ولكن نرى جيدا أن هناك نوعا من التشاؤم، مذكرا بان التحدي الحقيقي هو تحاشي فلتان الماكينة المناخية الذي سيشكل في حال حصوله اصطداما مع حوالي 10 آلاف سنة من الاستقرار المناخي على سطح الأرض. وتبدو معالم اليوم المناخي الحاسم أنها بدأت ترتسم. فصباح الجمعة سيعقد "عدد محدود من رؤساء الدول يمثلون جميع المشاركين وكل مناطق العالم اجتماعا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بحسب البرنامج الرسمي، وبعدها سيتم التقاط الصورة التذكارية منتصف النهار والتي خصصت لها ساعة من الوقت. واعتبارا من الساعة 14.00 بتوقيت جرينتش سيدخل رؤساء الدول والحكومات إلى الجلسة العامة لإقرار توصيات كوبنهاجن. وتفرض الأممالمتحدة شروطا صارمة على الدخول إلى مبنى بيلا سنتر الذي يستضيف المؤتمر، بسبب تدفق رؤساء الدول والحكومات. وفي مكاتب الوفود الرسمية طلب العديد من الدول من خبرائهم مغادرة المكاتب إفساحا في المجال أمام الوفود الرئاسية. وطردت مجموعة تضم حوالي 40 عضوا من منظمتي جرين بيس والصندوق العالمي للطبيعة من بيلا سنتر بعدما قررت قضاء ليلتها هناك.