بالأسماء.. 21 مواطنًا يتنازلون عن الجنسية المصرية (جريدة رسمية)    بالصور.. محافظ أسيوط يشيد بموهبة طالبة في الجمباز خلال جولته المدرسية    ارتفاع أسعار 6 عملات عربية أمام الجنيه في بداية التعاملات اليوم    ارتفاع حديد عز.. أسعار مواد البناء اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    محافظ كفر الشيخ يتابع انتظام سير العمل ونقل الطلاب والأهالي بموقف بيلا    بالأرقام.. تغيير حدود الدخل ضمن الطرح الجديد ل "سكن لكل المصريين"    وزيرة التنمية المحلية: الدولة تسترد مليون متر مربع بعد إزالة 1232 مبنى مخالفا    محافظ الدقهلية يجري جولة تفقدية مفاجئة على موقف قولنجيل للتأكد من التزام السائقين بالتعريفة المقررة    حزب الله يستهدف كريات شمونة شمال إسرائيل برشقة صاروخية    المعلقين والاستديو التحليلي لمباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا السوبر المصري    الأهلي يستهل رحلة الدفاع عن لقب السوبر بمواجهة سيراميكا كليوباترا    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 47 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    جثة شاب ملقاة بجرجا وآثار طعنات غامضة تثير الرعب.. البحث جارٍ عن القاتل    رئيس إقليم كردستان يوجه الشكر لرئيس الوزراء العراقي لتأمين العملية الانتخابية    عاجل:- تسريب وثائق سرية من البنتاجون تكشف استعداد إسرائيل للهجوم على إيران    دفاع النواب: حرب أكتوبر إحدى العلامات المضيئة في تاريخنا المعاصر    بعد قليل.. وزير الزراعة يلقي بيانا أمام مجلس النواب    تعرف على برنامج الزمالك اليوم قبل مواجهة بيراميدز    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة مانشستر سيتي ووولفرهامبتون Manchester City vs Wolverhampton اليوم في الدوري الإنجليزي الممتاز 2024    بث مباشر مباراة الزمالك وبيراميدز في السوبر    بحضور الوزير.. "قوى النواب" تناقش قانون العمل الجديد اليوم    جامعة قناة السويس تحقق إنجازا عالميا جديدا    المديريات تستعد لبدء صرف مستحقات معلمي الحصة بالمدارس    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    السكك الحديدية تنقل السائحين من محطة بشتيل لأسوان لمشاهدة تعامد الشمس    قدما 7 أفلام معًا، قصة دويتو محمد فوزي ومديحة يسري في السينما    السيسي يصل إلى مقر افتتاح النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    دورة تدريبية لتنمية مهارات القيادات المحلية في مجال إدارة الأزمات ومواجهة الشائعات    أسعار الدولار اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    قافلة جامعة عين شمس تقدم خدماتها ل10 آلاف من أهالى الشلاتين وحلايب    تصميم عصري وكاميرات تخطف الأنظار.. فيفو تكشف النقاب عن هواتفها الجديدة    عمرو أديب عن "كلب الهرم": قدم دعاية مجانية للأهرامات    لماذا توفى الله سبحانه وتعالى نبيه محمد وهو خاتم الرسل؟.. علي جمعة يوضح    عاجل - تصاعد الدخان في الضاحية الجنوبية لبيروت.. ماذا يحدث؟    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    طارق الدسوقي خلال افتتاح ملتقى المسرح للجامعات: هذه الدورة الأصعب على الإطلاق    اليوم .. محاكمة اللاعب أحمد ياسر المحمدي بتهمة اغتصاب فتاة في قطر    تفسير آية | معني قوله تعالي «أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»    نجم بيراميدز السابق يكشف مفاجأة مدوية بشأن موقف رمضان صبحي من العودة للأهلي    أمريكا تُحقق في تسريب المعلومات بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    أمريكا: سحب المئات من منتجات الوافل المجمدة بسبب احتمال تلوثها ببكتيريا الليستيريا    حزب الله يعلن قصف مستوطنة روش بينا جنوب شرق صفد بالصواريخ    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    نشرة التوك شو| حقيقة فرض ضريبة جديدة على الذهب وأصداء استهداف منزل نتنياهو بالمسيرات    منها الجوع الشديد..تعرف على أعراض مرض السكري عند الأطفال    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    غارات جوية للاحتلال تستهدف منطقة المواصي في قطاع غزة    طريقة حجز شقق ذوي الهمم من موقع «مسكن محور الأراضي»    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    درس قاسٍ في مكان العمل.. برج العقرب اليوم الأحد 20 أكتوبر    إعلام فلسطيني: غارات متتالية تستهدف منطقتي الصبرة وتل الهوى غرب غزة    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    نشرة الفن.. حقيقة صادمة في سبب انفصال نادين نجيم عن خطيبها وشيرين ترد على اعتذار أحلام بمنشور مفاجئ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع القراء حول البرادعى
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 12 - 2009

من بين عشرات الرسائل التى تلقاها بريدى الإلكترونى، وهاتفى المحمول تعليقا على مقال الأسبوع الماضى، اختلف معى ستة قراء فقط على الرغم من أنهم مؤيدون للبرادعى، أو لموسى، وللتغيير والإصلاح عموما، وكانت رسالة واحدة فقط هى التى ترفض الاثنين، أو أى مرشح محتمل آخر للرئاسة باستثناء مرشح الحزب الوطنى الحاكم.
المعارضون لدعوتى للبرادعى وموسى وكل الشخصيات الحائزة على ثقة المواطنين لاتخاذ انتخابات مجلس الشعب المقبلة نقطة بداية للعمل الجاد وسط الجماهير.. هؤلاء المعارضون معظمهم مشفقون على الدكتور البرادعى على وجه الخصوص من التعرض «للبلطجة والتزوير والتشويه» على حد ما ورد بالحرف فى رسائلهم، وهم تحديدا الدكتور عادل قاسم والمهندس أيمن زغلول والزميلان محمد المصرى، ومحمد حسين، أما المهندس سعيد، فهو يائس مقدما من أن دخول أمثال هذه الشخصيات، ونجاحها فى الحصول على مقاعد برلمانية فسوف يحدث أى اختلاف، لأنه يتساءل تهكما.. وماذا فعل مائة عضو مستقل ومعارض فى مجلس الشعب الحالى؟
أما الدكتور محمد عبدالرحمن مصطفى فقد انفرد وحده بالاستنتاج أن مقال الأسبوع الماضى يعارض ترشيح البرادعى للرئاسة ويقطع الطريق عليه أو يقلل من شأنه ، مفسرا ذلك الاستنتاج بأننى طامع فى مكافأة من الحزب الحاكم وله بالطبع أن يفهم ما يشاء، ويستنتج ما يحلو له، ولعله كان يتوقع منى مبايعة على بياض للبرادعى أو لموسى، فلم يجدها، ووجد بدلا من ذلك اقتراحا بخطة عمل محددة تبدأ بها الشخصيات السياسية ذات الاحترام والمصداقية مسيرتها الطويلة فى قيادة أكبر كتلة ممكنة من المواطنين لإحداث التغيير المطلوب، ولا خلاف على أن الانتخابات البرلمانية المقبلة هى مناسبة سياسية من الطراز الأول ينبغى ألا تضيع فى انتظار الانتخابات الرئاسية بعدها بأكثر من عام.
أما الاشفاق على البرادعى وغيره من تلك الشخصيات من التعرض للبلطجة والتشهير والتزوير، فإنى مع كل الاحترام لأصحاب هذا الرأى أرفضه جملة وتفصيلا، لسبب بسيط هو أن الرجل وغيره ممن ألمحوا ضمنا لاستعدادهم للتفكير فى الترشح لرئاسة الجمهورية، تعرضوا فورا لهذا التشويه والتشهير الذى وصل منذ اللحظة الأولى إلى قاع الحضيض فى أساليب الاغتيال المعنوى للشخصيات، أما السبب الثانى والأهم، فهو أن دفع ثمن باهظ للتغيير كان وسيبقى ضرورة لا مفر منها، ولا شك لدى لحظة واحدة فى أن البرادعى نفسه، وجميع من يفكرون مثله هم أول من يعلمون ذلك، وأول من يجب أن يكونوا مستعدين له، ثم من قال إنهم لن يتعرضوا لمثل ذلك وأكثر منه فى الانتخابات الرئاسية؟ والله لو أن أحدا من هؤلاء المشفقين قدم لنا ضمانا بأن البلطجة والتشويه والتزوير لن تحدث فى الانتخابات الرئاسية، لسحبت فورا اقتراحى الذى يعترضون عليه.
وحتى نحصل على مثل ذلك الضمان تعالوا نتذكر معا الأثمان الباهظة التى دفعتها زعامات سياسية قدمت نفسها «روافع للتغيير» فى مصر وفى العالم كله، فى ظرف تاريخى متيبس مثل الذى تمر به الحالة المصرية حاليا، وفي ظل نظام متحكم ومحتكر ولا يملك من مسوغات الشرعية سوى قوة الأمر الواقع كالنظام المصرى الحالى، لكنه يملك إدارة جاهزة لارتكاب جميع الموبقات، واستخدام أحط الأساليب فى الصراع السياسى، مستندة إلى تراث تاريخى طويل بعد الثورة وقبلها.
نبدأ بمصر نفسها فنذكر أو نتذكر أن صاحب المقام الرفيع الرئيس الجليل (بحق) مصطفى النحاس باشا زعيم الأمة ووكيلها الأمين كان ينام على أرصفة محطات السكة الحديد بصحبة محمد محمود باشا (ابن من عرض عليه الملك فأبى»، حين اتفق الحزبان الكبيران «الوفد والأحرار الدستوريان» على قيادة حملة شعبية لإسقاط دستور صدقى باشا وحكومته من عام 1930 حتى عام 1933.. إذ كانت حكومة صدقى فى قمعها للاحتجاجات الشعبية تلغى رحلات القطارات التى كان مقررا أن يستقلها النحاس ومحمد محمود، أو تغير مسار الرحلة بالكامل، حتى إن القطار الذى كان مقررا أن يذهب بهما إلى الصعيد، اتجه إلى الواحات فى إحدى المرات، لكن تلك البراعة فى الانحطاط فى إدارة الصراع السياسى لم تردع لا النحاس ولا زملاءه فى الوفد، ولا محمد محمود وزملاءه فى الأحرار الدستورية عن مواصلة جهادهم لإعادة دستور الأمة، وإسقاط صدقى وحكومته ودستوره، كما أن هذه الأساليب بالغة الوضاعة وغيرها لم تنقذ تلك الحكومة وذلك الدستور من المصير المحتوم.
مثال آخر من تاريخ مصر السياسى يقترب بعض الشىء من جوهر اقتراحنا على البرادعى وموسى وغيرهما بالبدء بخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، ففى عام 1938، وكان الملك قد أطاح بحكومة النحاس المنتخبة، وحل البرلمان، ونصب محمد محمود رئيسا للحكومة أجرت هذه الحكومة انتخابات لبرلمان جديد دخلها الوفد، ولأن حقائق السياسة وقتها كانت تعنى أن فوز الوفد مؤكد، فقد استخدمت الحكومة كل ترسانة أسلحة التزوير، وجاوز الفجور مداه بإسقاط النحاس باشا نفسه فى دائرة سمنود مسقط رأسه، ولكن لأنه كان النحاس باشا، فقد خرج وخرجت مصر كلها من هذه التجربة بدروس ومكاسب هائلة، فقد أصبح مسلما به أن كل انتخابات تجريها حكومات الأقلية سوف تكون مزورة، وبالتالى أصبحت مقاطعة الوفد لمثل هذه الانتخابات مطلبا شعبيا، وحكما مسبقا على انتخابات بالبطلان، وأصبح الحل الذى يرضخ له الملك وأحزاب الأقلية عند استحكام الأزمات هو إقامة حكومة محايدة لإجراء الانتخابات النزيهة، وما كان للحركة الوطنية الديمقراطية المصرية أن تحصل على هذه الدروس والمكاسب لو أن النحاس باشا والوفد لم يخوضا انتخابات يخسرها الوفد ويسقط فيها النحاس شخصيا ليثبت لخصومه قبل أنصاره «ذلك الفجور من جانب حكومات الأقليات».
من المؤكد أن هذه الأمثلة من تاريخ مصر السياسى كافية للإقناع بأن من يطلبون تغيير أوضاع سياسية شديدة التعاسة مثل التى تعيشها مصر عليهم أن يدفعوا ثمنا، سواء كانوا زعامات أو مواطنين، لكن لا مانع على سبيل الاستشهاد بأمثلة التاريخ القريب أن نتذكر ماذا فعلت الشعوب الأخرى وقياداتها من أجل التحول الديمقراطى السلمى، دعنا من نموذج الثورة الإيرانية، فهذا ما لا نتمناه لمصر، ولكننا نخشى منه إذا لم تفلح الأساليب التى ندعو إليها، فماذا حدث فى الفلبين وإندونيسيا وبولندا، وألمانيا الشرقية، وروسيا نفسها وغيرها من المجتمعات التى تحولت إلى الديمقراطية فى أوروبا الشرقية وآسيا وأمريكا اللاتينية؟
ليخ فاليسا البولندى «العامل» مؤسس حركة تضامن، دخل السجن أكثر من مرة، وحركته حظرت كذلك أكثر من مرة، ولكنه لم يتراجع عن كفاحه السلمى حتى غير وجه الحياة فى بلده وفى العالم كله، والسناتور الفلبينى آكينو قتل بتحريض من الديكتاتور ماركوس لدى عودته من المنفى الطويل لقيادة المعارضة فى انتخابات البرلمان، وكانت الرصاصة التى اغتالت آكينو هى نفس الرصاصة التى اغتالت نظام ماركوس بجبروته وفساده، ووضعت أرملة آكينو على كرسى الرئاسة.
أما بوريس يلتسين فى روسيا رغم الاعتراض على ما فعله بعد ذلك فقد طرد من الحزب، وأوشك على دخول السجن، ولكنه واصل التحدى حتى انتخب رئيسا (غير شيوعى) لروسيا وهى لاتزال جزءا من الاتحاد السوفييتى الذى كان يرأسه خصمه ميخائيل جورباتشوف.. إلى آخر هذه النماذج التى تستحق مقالا أو سلسلة مقالات، أو ربما كتابا كاملا.
وبعد: لا أدعى أن اقتراحى هو أفضل نقطة بداية لكسر الحائط المصمت السميك الذى يعيش فيه نظامنا السياسى، والذى يعتقل التطور الطبيعى نحو الديمقراطية على أرض النيل، بل ربما يكون لدى آخرين اقتراحات أفضل لا أعرفها، لكن المهم هنا هو أن السياسة ليست فقط مبادئ وبرامج ومطالب، ولكنها أيضا خطط للعمل والتنظيم لتحقيق كل ذلك، ومادمنا نتحدث عن تحول ديمقراطى فإن هذه الخطط ينبغى أن تجذب أكبر عددا من الجماهير، وتحرك هذه الجماهير للمشاركة والفعل (السلميين)، ولحسن الحظ فإن الدكتور محمد البرادعى نفسه أشار فى أحدث تصريح له «للزميلة المصرى اليوم» أنه سوف يسعى مع الشعب المصرى لتغيير الدستور الحالى الذى يقصى 95٪ من الشعب عن المشاركة السياسية.. على حد قوله.
بقى أن أشكر أصحاب التعليقات المؤيدة للاقتراح الوارد فى مقال الأسبوع الماضى، ولأن المساحة لا تكفى، فليعذرنى من لم ينشر تعليقه فى باب رسائل القراء ب«الشروق»، ومن لم يرد اسمه فى هذه السطور، لكنى أخص بالشكر أستاذنا سيد ياسين، والدكتور على الغتيت، والزميل عبدالمنعم مصطفى، والأستاذ أحمد جنيدى، والمهندس سيف عنان، والدكتور كامل حسن. والشكر أيضا للمعارضين والمشفقين .. وأقول للجميع إذا كانت المساحة نضيق فإن الصدور واسعة والعقول أوسع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.