انتهى عيد الأضحى وهدأت حمى شراء اللحوم لتظهر تقارير كثيرة تتحدث عن دخول لحوم مستوردة غير مطابقة للمواصفات إلى السوق المصرية مستغلة موسم العيد إلى جانب بلاغات تلقتها هيئة الخدمات البيطرية عن تسرب لحوم مستوردة مذبوحة فى مجزر العين السخنة إلى مجزر البساتين لإزالة خاتم اللحوم المستوردة واستبداله بخاتم اللحوم البلدية لتباع باسعارها بدلا من الاسعار المتفق عليها وهى 28 جنيها للكيلو. التقارير تحدثت، أيضا، عن مخالفات شركات كبرى فى هذا المجال فى مقدمتها شركة السخنة التى تعمل بنظام المناطق الحرة وبينما التزمت الحكومة الصمت تجاه ما ينشر لم تنف هيئة الخدمات البيطرية وهى الجهة المسئولة اساسا عن دخول هذه اللحوم إلى السوق هذه المخالفات فقد أكد رئيس الهيئة د. حامد سماحة، فى تصريحات منشورة، أن الادارة القانونية بالهيئة تبحث هذه المخالفات واذا لم تنته إلى شىء فسوف يحول الأمر إلى النيابة العامة. وبينما أصابت هذه القضية جمعيات حماية المستهلك بالقلق ودعت الجهات الرقابية لسرعة التحرك لحماية المستهلك أكدت بعض هذه الجهات الرقابية أن الوضع مطمئنا وان الضوابط المطبقة لا تسمح بدخول لحوم غير مطابقة للمواصفات بينما وجه أساتذة الطب البيطرى انتقادات لاذعة لبعض الإجراءات التى تتبعها هيئة الخدمات البيطرية فى فحص اللحوم وإيفاد لجان لفحصها بالخارج على حساب المستوردين. «لم نجد شيئا فى مجزر البساتين» التجارة الداخلية بالتعاون مع هيئة الخدمات البيطرية وجهت حملات مشتركة إلى مجزر البساتين فور علمها بهذه البلاغات لكنها لم تجد شيئا من هذا القبيل، هذا ما أكده اللواء محمد أبوشادى رئيس قطاع التجارة الداخلية مشيرا إلى ان الجهة الفنية المعنية بذلك هى هيئة الخدمات البيطرية لكن القطاع مسئول عن متابعة السلع أثناء تداولها وأثناء وجودها بالمجازر. ولذلك تكون هناك لجان مشتركة مع الخدمات البيطرية فى هذا الشأن. وقال إن الاجراءات المتبعة للاستيراد دقيقة وكفيلة بتحقيق حماية المستهلك والسوق، وإن هذه الاجراءات تتضمن الحصول على شهادة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الفاو تؤكد خلو المنطقة التى يتم الاستيراد منها من أى امراض أو أوبئة حيوانية مع إيفاد لجنة من وزارة الزراعة لمسح المزارع فى بلد المنشأ قبل الاستيراد وكذلك المجازر كما أن الرقابة على الصادرات والواردات ووزارتى الصحة والزراعة تقوم بفحص الرسائل للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمى. ويرى اللواء أبوشادى أن وجود الشركات المستوردة فى المنطقة الحرة لا يعفيها من تطبيق القوانين الخاصة بالامن والسلامة والصحة لانها يمكن أن تكون مصدرا لدخول أوبئة تحت زعم أنها منطقة حرة ولفت إلى أن مباحث التموين سبق لها عمل قضايا داخل المناطق الحرة. ويتعارض مع كلام أبوشادى ما نشر مؤخرا حول دخول شحنة مواشى حية لصالح شركة السخنة من أوروجواى سبق وأن رفضتها هيئة الخدمات البيطرية لعدم استيفائها للمواصفات والشروط المطلوبة ولكن المستورد استطاع إقناع وزارة الزراعة بادخال الشحنة لأن الشركة تخضع لنظام المناطق الحرة . خطأ جسيم «إرسال لجان بيطرية على حساب المستورد خطأ جسيم لابد من تصحيحه بحسب ما يقوله الدكتور فتحى النواوى استاذ الرقابة الصحية بطب بيطرى القاهرة ورئيس الجمعية المصرية لمراقبة الاغذية وحماية المستهلك الذى يؤكد أن لجنة بيطرية مكونة من اثنين أو ثلاثة أطباء لا يمكنها القيام بفحص رسالة من 10 آلاف عجل أو أكثر فالمرجح أن الإجراءات التى ستقوم بها ستكون شكلية خاصة أن المستورد هو الذى يتحمل نفقات سفر اللجنة وإقامتها وبدلات السفر الخاصة بها مما يعد خطأ إداريا كبيرا استطاع المستوردون إقناع هيئة الخدمات البيطرية به ووافقت وزارة الزراعة على ذلك ويجب ان تكون التكلفة على حساب وزارة الزراعة وتحصلها هى بطريقتها من المستورد . هناك نظم بديلة لما نقوم به فى مصر وتطبقه الدول الاخرى تبعا للدكتور النواوى الذى يرى أنه يمكن الاعتماد على الجهات الرقابية فى بلد المنشأ لفحص الحيوانات على أن تطبق عليها إجراءات الحجر الصحى فى ميناء الوصول فى مصر لمدة 33 او 35 يوما ويتم التفتيش الجيد من جانب الاطباء المصريين على أن تحجز الرسالة فى مكان مخصص ومؤمن مع أخذ الضمانات الكافية على المستورد بعدم التصرف فيها إلى حين صدور قرار بشأنها ويمكن إنشاء مشروعات مجازر مشتركة فى بعض دول حوض النيل مثل إثيوبيا والاستيراد منها. ولكن شركة السخنة لاستيراد اللحوم وهى أكبر الشركات العاملة فى هذا المجال وتتعامل معها وزارة الزراعة لا تخضع للقوانين المصرية باعتبارها تعمل بنظام السوق الحرة سألت د. النواوى الذى أكد أن هذه الشركة منشأة فى الاساس لاستيراد حيوانات وذبحها وتصديرها إلى الخارج وليس ادخالها إلى السوق المصرية ولكن تم التراجع عن هذا الكلام بتأثير العجز فى اللحوم وفى إطار سياسة تدليل المستوردين لاستيفاء حاجة السوق خاصة فى موسم عيد الأضحى وهو ما أدى إلى تعامل الزراعة مع هذه الشركة رغم ما يثار بشأنها من مخالفات . وينتقد النواوى تغيير الخاتم المخصص لختم اللحوم المستوردة من اللون البنفسجى إلى لون أقرب إلى خاتم اللحوم البلدية وهو ما قد يسهل عملية غش هذه اللحوم وبيعها على أنها لحوم بلدية وينصح النواوى باستيراد اللحوم مشفاة ومجمدة بدلا من اللحوم الحية التى من شأنها نقل الأمراض عن طريق النخاع الشوكى والعظام فعندما نستورد العجول الحية ويتم ذبحها وتشفيتها ستكون هناك مخلفات وعظام تقوم الشركة ببيعها إلى تجار السوق المحلية مما يمكن معه نقل أمراض فيروسية أو بكتيرية. ولمواجهة العجز فى اللحوم يطرح الدكتور النواوى حلين: الأول قصير الأجل وهو استيراد اللحوم المجمدة المشفاة الأكثر أمانا وأقل عرضة للتلاعب، والثانى طويل الأجل وهو العودة إلى مشروع البتلو وعدم السماح بذبح العجول البقرى أو الجاموسى التى يقل وزنها عن 300 كيلو أو عمرها عن عامين وهو مايعرف بمشروع تسمين البتلو او « كندزة البتلو» لضمان توفير كمية أكبر من اللحوم وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتى مشيرا إلى أن مصر كان لديها اكتفاء ذاتى من اللحوم قبل عام 1970 وفى السبعينيات كنا لا نستورد سوى 5 آلاف طن سنويا، الآن وصلنا إلى نحو 450 ألف، إلى ذلك يطالب النواوى بعودة الجمعيات التعاونية فى جميع الأحياء والتى كانت تقوم بدور كبير فى توفير السلع بأسعار مناسبة خاصة اللحوم. حماية مؤكدة د. بهجت إدريس زستاذ التغذية بكلية الطب البيطرى يؤكد أن هيئة الخدمات البيطرية توفر الحماية الكاملة والمؤكدة لسوق اللحوم المحلية من خلال الضوابط والاجراءات المطبقة والتى تحول دون دخول لحوم حية البلاد حفاظا على الثروة الحيوانية فى مصر من أية أمراض وتشمل الضوابط الحجر البيطرى الذى يتراوح بين 18 و21 يوما وتطعيم الحيوانات والتأكد من مناسبتها للذبح وختمها بالأختام المخصصة بعد الذبح لعدم الخلط بينها وبين اللحوم البلدية ويعلل إدريس عمليات الغش واستبدال الأختام التى تحدث فى هذا المجال خاصة ما أثير مؤخرا حول لحوم السخنة بغياب الرقابة فى هذا الشأن مؤكدا أن مسئولية الهيئة تنتهى بوضع أختام المستورد. ويؤكد إدريس ضرورة أن تكون تقارير اللجان البيطرية التى تسافر إلى الخارج للإشراف على شحن الحيوانات محايدة ولا تتأثر بكونها على حساب المستورد مشيرا إلى وجود لجنة أخرى فى ميناء الوصول تتأكد من صحة تقارير اللجنة الأخرى واذا وجدت الشحنة غير مطابقة للمواصفات تتم محاسبتها وهذا ما حدث بالفعل فى بعض التجاوزات من جانب اللجان أو المستوردين كما يحرم المستورد من ممارسة نشاطه لفترة. وينصح إدريس المستهلك بألا يشترى اللحوم الا من مصدر موثوق به وأن يتأكد من لون ورائحة وقوام الحوم قبل شرائها لافتا إلى وجود مشروع جاد لإنشاء هيئة سلامة الغذاء لحماية المستهلك. لا نتعامل مع القطاع الخاص «المجمعات الاستهلاكية لا تتعامل مع شركة السخنة أو مع شركات القطاع الخاص فى مجال اللحوم «هذا ما يؤكده إبراهيم الدسوقى نائب رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، مشيرا إلى أن اللحوم الطازجة التى تتعامل فيها لحوم بلدية منتجة محليا، أما بالنسبة للحوم المستوردة «فنتعامل مع شركات التجارة الخارجية التابعة لقطاع الأعمال العام مثل شركة النصر للاستيراد والتصدير وتخضع اللحوم لجميع الاجراءات الرقابية المطبقة» ويرى الدسوقى أن المجمعات ساهمت فى فرملة أسعار اللحوم فهناك فارق فى السعر لا يقل عن عشرة جنيهات فى الكيلو مشيرا إلى أن لحوم السخنة تباع فى المتاجر الكبرى والهايبر بأسعار تصل إلى 50 جنيها رغم تكلفتها المنخفضة. لم نتلق شكاوى وبينما لم تتلق جمعيات حماية المستهلك شكاوى بخصوص اللحوم المستوردة مؤخرا إلا أنها تؤكد على ضرورة عمل حملات توعية للمستهلكين لكشف أى تلاعب أو غش فى اللحوم المستوردة ويقول جمال زقزوق رئيس جمعية الإسكندرية لحماية المستهلك إن الجمعية سوف تقوم بإعداد نشرات توعية حول اللحوم بالتنسيق مع الجهات الرقابية ونصح المستهلك بضرورة شراء اللحوم من أماكن موثوق بها مثل المجمعات أو الجزار المعروف لديه مؤكدا على أهمية زيادة الدور الرقابى للصحة والخدمات البيطرية ومباحث التموين بهدف حماية المستهلك فى ضوء ما أثير مؤخرا عن سوق اللحوم المستوردة. الجهات الرقابية على كثرة عددها لا تسطيع محاصرة الفساد فى مجال السلع الغذائية بحسب سعاد الديب رئيسة الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك مشيرة إلى أن الجمعيات ليس لها صفة الضبطية القضائية حتى تساهم فى الرقابة ورغم أن جهاز حماية المستهلك يمتلك هذا الحق فإنه لا يقوم بهذا الدور لقلة عدد من يحملون الضبطية ولذلك يقتصر دورنا على التوعية. بينما يبقى الدور الأكبر فى هذا الشأن للأجهزة الرقابية وللجهات الحكومية التى يجب أن تقوم بضبط وتنظيم هذه السوق وعملية الاستيراد من الخارج فلا يعقل أن تسافر لجان بيطرية مسئولة عن ضمان صحة الحيوانات على حساب المستورد. وتنقل سعاد الديب قصة عن أحد أعضاء اللجنة والتى كانت مسافرة إلى الهند على حساب احد المستوردين وأخبرها أن اللجنة لم تنزل من الفندق وقامت بالتوقيع على التقارير المعدة واخذوا بدل السفر وتطالب الديب بوضع استراتيجية لتنمية الثروة الحيوانية تتناسب مع الزيادة السكانية السنوية.