خلال السنوات الأخيرة، اتجهت مجموعة من شركات التأمين الغربية، مثل أليانز وأفيفا وميونيخ رى وسويس رى، إلى تقديم خدمات تتوافق مع الشريعة الإسلامية فى الشرق الأوسط وآسيا، سعيا منها إلى منافسة شركات التأمين الإسلامية فى تلك المناطق. ويُعتبر التأمين المتوافق مع الشريعة، أو ما يسمى بالتأمين التكافلى، واحدا من مجالات التمويل الإسلامى التى لديها إمكانات نمو هائلة، باعتباره أداة استثمارية يمكن أن تلقى قبولا واسعا من جانب فئات عديدة، ابتداء من المسلمين الأفراد إلى الشركات والمجموعات الإسلامية. ووفقا لمسح أجرته مؤسسة «بى دى أو» للمحاسبة، يحتل التأمين التكافلى المرتبة الثانية فى قائمة أدوات التمويل الإسلامى، بعد قروض التجزئة الإسلامية، فيما يتعلق بحجم الإيرادات المتوقعة. ومن المتوقع أن ينمو قطاع التأمين، بشكل عام، بمعدلات مرتفعة فى الدول الإسلامية خلال السنوات المقبلة، وأن تزيد النسبة التى يستحوذ عليها التأمين التكافلى فى قطاع التأمين ككل. وقد أشار بحث لسويس رى، نُشر أخيرا، إلى أن نسبة مساهمة التأمين المتوافق مع الشريعة وصلت إلى 4% من إجمالى قطاع التأمين فى الدول الإسلامية خلال عام 2007، ما قيمته 1.7 مليار دولار من 45 مليارا. وبالرغم من أنه من الصعب التوصل إلى أرقام دقيقة حول هذا الموضوع، فإن وكالة التقييم «فيتش» قدرت إجمالى خدمات التأمين الإسلامى بنحو 2.6 مليار دولار فى عام 2006. وفى الوقت نفسه، قدر الذراع الإسلامية لإتش إس بى سى فى السعودية، (إتش إس بى سى أمانة)، قيمة التأمين الإسلامى فى السوق السعودية وحدها بنحو 10.9 مليار ريال سعودى (2.6 مليار دولار) فى 2008، فى مقابل 8.6 مليار ريال فى 2007. وتقول المجموعة السويسرية لإعادة التأمين: إن «سوق التأمين التكافلى تنمو بأكثر من ضعف معدل نمو سوق التأمين التقليدى». غير أنه توجد عقبات تعرقل نمو سوق التأمين الإسلامى، أهمها انخفاض تدفق الاستثمارات الموجهة إليها، ويقول فاسيليس كاتسيبيس، من وكالة التقييم «إيه إم بست»، إن هذه المشكلة «تمثل قيدا على نمو هذه السوق ومصدرا للخطر»، مضيفا أنه «مازالت الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة فى هذه السوق غير كافية». وبالنظر إلى أن معاملات التأمين على الحياة تتميز بأنها طويلة الأجل، فإن الكثيرين ينظرون إلى هذا النوع من النشاط على أنه من الطبيعى أن يكون أكثر توافقا مع الشريعة الإسلامية من أى نشاط آخر. ومع ذلك، فإنه فى السعودية التى تمثل، إلى جانب ماليزيا، أكبر سوق للتمويل الإسلامى. حقق نشاط التأمين العام نموا أسرع من التأمين التكافلى، وفقا لما يقوله ديفيد هنت، من إتش إس بى سى أمانة. ويضيف هنت أن التأمين التكافلى العائلى يسهم ب5% فقط من إجمالى سوق التأمين السعودى، ذلك بالرغم من أن إجمالى الوثائق التأمينية المباعة فى إتش إسى بى سى أمانة قد زادت بمقدار 82% خلال 2008، عن معدلاتها قبل ذلك العام. وأوضح هنت أن «التأمين على السيارات والتأمين الطبى، أكثر قطاعين مسيطران على السوق السعودية، وهو ما يرجع إلى أن كليهما أصبحا إلزاميا، فمنذ ذلك الحين أصبحا ينموان بسرعة شديدة»، على حد قوله. ويستحوذ التأمين الصحى الإسلامى على نسبة مرتفعة، تصل إلى 57%، من إجمالى سوق التأمين المتوافق مع الشريعة فى السعودية. وفى أغلب الأحيان، تشترى الشركات الكبرى وثائق التأمين الإسلامية من أجل العمال الأجانب، فالتأمين الصحى إلزاميا فى السعودية. ويقول السيد هنت إن سوق المال السعودية أصبحت أكثر تنظيما بدرجة كبيرة خلال السنوات السابقة، فبعد أن كان هناك أكثر من 100 شركة سعودية غير مسجلة، أصبح عدد هذه الشركات أقل بكثير. إلا أن سوق المال فى ماليزيا أكثر نضجا مقارنة بالسوق السعودية، كما أن عمر صناعة التأمين التكافلى العائلى لديها يزيد على 20 عاما. ويقول السيد كاتسيبيس: إن «السوق الماليزية تتميز بوجود طلب مرتفع على وثائق التأمين الإسلامية، على عكس أسواق منطقة الشرق الأوسط التى يوجد لديها خدمات عديدة فى هذا المجال، لكنها تبحث عن مستهلك». وقد قام العديد من الشركات الغربية بتأسيس أنشطة للتأمين الإسلامى فى ماليزيا، فقد أنشئت سويس رى، فى أكتوبر الماضى، شركة لإعادة التأمين العام والتأمين على الحياة، بعد أن حصلت على رخصة «لإعادة التكافل» من بنك نيجارا ماليزيا، كما أسست شركة التأمين على الحياة البريطانية «برودنشال» شركة للادخار الإسلامى. وإلى جانب السعودية وماليزيا والأسواق الواعدة الأخرى فى هذه المناطق، كالبحرين والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا، توقع العديدون أن تكون المملكة المتحدة واحدة من أهم الأسواق الواعدة للتأمين الإسلامى. غير أن معدلات الطلب على وثائق التأمين الإسلامية بها لم تُظهر ذلك، فمازالت هذه المعدلات ضعيفة، كما أنه من ناحية أخرى، الشركات البريطانية التى تدير عمليات التأمين التكافلى فى مناطق أخرى، مثل إتش إس بى سى، وبرودنشيال وأفيفا، لم تُسوق منتجاتها بعد بداخل المملكة المتحدة، ولعل فى ذلك دلالة على ضعف وضع هذه المنتجات فى بريطانيا. ويذكر أن الشركة البريطانية الوحيدة المتخصصة فى التأمين الإسلامى فقط، وهى سلام هلال إنشورنس، قد توقفت عن النشاط بعد مرور عام من بدء تأسيسها.