علمت «الشروق» من مصادر دبلوماسية أمريكية أن واشنطن طلبت من القاهرة وبصورة قطعية تأجيل أى جهد فى سبيل إتمام المصالحة الفلسطينية لعدة أسابيع. وقام أحد هذه المصادر بإطلاع «الشروق» على خطابين قام نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن بإرسالهما للقاهرة للمطالبة «بتأجيل تحريك جهود المصالحة الفلسطينية» حتى وقت متأخر من شهر ديسمبر أو شهر يناير. وحسب النصين اللذين اطلعت «الشروق» على نسختيهما الإلكترونيتين فإن واشنطن ترى أن تأجيل لقاءات المصالحة الفلسطينية من شأنه أن «يدعم السلطة الفلسطينية» تحت قيادة فتح وبعيدا عن حركة حماس التى ترى واشنطن أن دخولها على خط السلطة الآن من شأنه تقليل فرص استئناف التفاوض. وحسب مصدر دبلوماسى أمريكى رفض ذكر اسمه فإن الرئيس الفلسطينى محمود عباس قد «طلب من الولاياتالمتحدةالأمريكية إثارة هذا الأمر مع القاهرة». وقال المصدر إنه إضافة إلى رسالتى بايدن فإن الرئيس الأمريكى باراك أوباما نفسه كان قد أجرى مشاورات شملت هذا الأمر ضمن أمور أخرى تتعلق بمصير التسوية والجهود التى تبذلها الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستئناف التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف المصدر أن مبعوث السلام الأمريكى للشرق الأوسط كان قد نقل هذه الرغبة للقاهرة أيضا خلال آخر زيارة قام بها وأن القاهرة «أخذت بعض الوقت قبل أن تقرر التعاون مع المقترح الأمريكى». وأكدت مصادر مصرية رسمية المطالبات الأمريكية، وقالت إن القاهرة رأت التماهى مع مطلب واشنطن مرحليا. وحسب المصادر نفسها فإن مصر تسعى من خلال اتصالات هادئة مع واشنطن للتأكيد على الحاجة لإتمام المصالحة الفلسطينية فى أقرب وقت لأن ذلك من شأنه أن يسهم فى تخفيف الحصار على قطاع غزة المحاصر، الذى وصفه أحد المصادر بأنه «قد يعود للانفجار فى وجه مصر ثانية فى أى لحظة». وحسب المصادر المصرية نفسها فإن القاهرة تخشى أيضا أنه فى حال إصرار الرئيس عباس على التخلى عن رئاسة السلطة الفلسطينية خلال الأشهر القليلة المقبلة فإن ذلك من شأنه أن يتسبب فى انهيار السلطة الموجودة الآن فى رام الله مما سيرسخ فكرة الفصل القائم على الأرض بين الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية التى تديرها السلطة الفلسطينية وقطاع غزة الذى تسيطر عليه وتديره حماس منذ صيف 2007. وقال مصدر دبلوماسى مصرى تحدث ل«الشروق» من واشنطن، إن «الإدارة الأمريكية لا تبدو متنبهة إلى أن هذا التقسيم على الأرض سيطيح نهائيا بإمكانية اقامة دولة فلسطينية ولو هشة، وأن الأمر سينتهى بدولة حماس فى غزة وقيادة من فتح للضفة الغربية وهذا سيكون بمثابة كارثة بالنسبة لمصر التى ستضطر أن تعنى بإدارة الأوضاع فى غزة المفصولة فعليا بالمعابر عن الضفة الغربية». يأتى ذلك بينما تشهد أروقة الدبلوماسية العربية فى مقر الأممالمتحدةبنيويورك مجابهة سياسية أخرى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حول مشروع قرار تريد ليبيا العضو العربى الحالى، وحتى نهاية العام، فى مجلس الأمن طرحه على المجلس الأممى ضد استمرار الاستيطان الإسرائيلى غير الشرعى فى جميع الأراضى الفلسطينية المحتلة. وقالت مصادر دبلوماسية عربية فى نيويورك إن مشروع القرار الذى كان محل مشاورات عربية تعرض لتعديلات لجعله مقبولا من قبل أكبر عدد ممكن من الدول الأعضاء فى المجلس الأممى بإزالة الإشارة إلى إدانة الاستيطان غير الشرعى أو مطالبة إسرائيل بوقفه فوريا والاكتفاء بلغة تعبر عن رفض الاستيطان، دون إشارة إلى القدسالشرقية، والإشارة دون تفصيل إلى ما ذكر فى خارطة الطريق الدولية حول الحاجة لوقف الاستيطان، و«حث» إسرائيل على التحرك لوقف الاستيطان بغية استئناف التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى. وتقول المصادر نفسها إن الولاياتالمتحدةالامريكية لاتزال معارضة لفكرة القرار ولكنها تفكر فى إصدار بيان رئاسى عن مجلس الأمن يحث إسرائيل على وقف الاستيطان لاستئناف سريع للتفاوض. وحسب مصادر دبلوماسية ليبية فى نيويورك فإن ليبيا لا ترحب بفكرة البيان الرئاسى، خصوصا أن المقترح الأمريكى المدعوم أوروبيا يتضمن صياغات «ترحيب بما أعلن عنه» نتنياهو من وقف المشاريع الاستيطانية الجديدة فى الضفة الغربية. وقال مصدر دبلوماسى فى نيويورك مشارك فى التفاوض الجارى إن الولاياتالمتحدةالأمريكية «ترفض قطعا» أن تصدر ولو بيانا رئاسيا لا يخلو من الترحيب بما قام به نتنياهو «لتشجيعه» على المضى قدما.