جامعة المنوفية تتقدم على المستوي العالمي في التصنيف الهولندي لايدن 2024    عماد الدين حسين: الحوار الوطني يحظى بدعم كبير جدًا من الرئيس السيسي    محافظ كفر الشيخ ونائبه يصلان الديوان العام لبدء مهام عملهما    تداول 16 ألف طن بضائع و904 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    الشبار ب 80 جنيها والجمبري يصل ل 300، أسعار الأسماك في الإسماعيلية (بث مباشر)    حملات نظافة مكثفة بقرى مركز مطاى بمحافظة المنيا    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    أوربان ينشر فيديو من زيارته إلى موسكو في "مهمة سلام"    وزير دفاع بريطانيا الجديد: مهمة حزب العمال تتركز فى جعل بريطانيا آمنة    القاهرة الإخبارية: ضربات روسية بالمسيرات داخل العمق الأوكرانى    موعد مباراة إسبانيا وفرنسا في نصف نهائي يورو 2024    يورو 2024 - ناجلسمان: تعويض كروس سيكون صعبا.. وأقاوم الدموع    المشدد 15 سنة لعاطل بتهمة الشروع في قتل شخص بالقليوبية    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    عاجل:- تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية: طقس الإسكندرية غدًا واستمرار اضطراب الأمواج    انتشال جثة طفل غرق في ترعة بقنا    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالإسكندرية 2024    تفاصيل واقعة اعتداء حسام حبيب على شيرين عبد الوهاب    السعودية هوليوود الشرق!    إعلام فلسطينى: إصابة 6 أشخاص فى اشتباكات بين فلسطينيين والاحتلال بالضفة الغربية    احتفال بالعام الجديد الهجري 1446: تهنئة وأمنيات بالسعادة والتقدم    إحالة المقصرين بوحدات الرعاية الصحية ببئر العبد إلى التحقيق    حياة كريمة.. الكشف على 706 مواطنين فى قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا    عاجل | ننشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام شنقًا في "حرس الثورة"    بتخفيضات 40%.. الداخلية تواصل المرحلة ال 24 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع الغذائية    القومي للحوكمة وكلية ثندر بيرد للإدارة العالمية يوقعان بروتوكول للتعاون في مبادرة 100 مليون متعلم العالمية    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل 21 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    سعد الصغير ناعيًا أحمد رفعت : «بجد حزين من كل قلبي عليك»    خالد أنور يحتفل بخطوبة شقيقته مروة في أجواء عائلية.. صور    للاستشارات الهندسية.. بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات- صور    تجميل غرف الكهرباء بحرم جامعة حلوان    رئيس هيئة النيابة الإدارية الجديد يستقبل مفتي الجمهورية    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    صور.. محافظ الغربية في الديوان العام لمباشرة مهام عمله    الدبيس: انضمام النني وزيزو إضافة في أولمبياد باريس    الاتحاد الأوروبي يرفض قصف وإجلاء المدنيين صباحا ويدعم الاحتلال بالأموال ليلا    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    إنجلترا ضد سويسرا.. الإنجليز يتفوقون فى تاريخ المواجهات قبل موقعة اليورو    حكم صيام أول محرم.. «الإفتاء» تحسم الجدل    «الداخلية»: حملات مكثفة لمنع التلاعب في الخبز تضبط 12 طنًا من «الدقيق المدعم»    «الداخلية»: ضبط 12 ألف قضية سرقة تيار كهربائي في 24 ساعة    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    وزير الصحة يستقبل المدير الإقليمي للتنمية البشرية بالبنك الدولي لتعزيز سبل التعاون    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    أسعار البقوليات اليوم السبت 6-7-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشكلة ليست فى المآذن
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 12 - 2009

لم تكن مفاجأة عندما خرجت أغلبية الشعب السويسرى للتصويت فى الاستفتاء على حظر بناء المآذن، ووافق 57٪ من السويسريين على إضافة مادة فى الدستور بهذا المعنى..
استجابة لحملة واسعة قادها حزب يمينى ذو ميول فاشية معادية للأجانب هو حزب الشعب السويسرى، يسانده حزب دينى صغير.. لتشوه سويسرا بذلك سمعتها الدولية التى عرفت بها منذ قرون كموطن للتسامح الدينى والسياسى، وحرية العقيدة، والدفاع عن الحريات.
جاء هذا التطور بعد أسابيع قليلة من جريمة هزت العالم الإسلامى وهى جريمة الاعتداء على الشابة المصرية مروة الشربينى التى ارتكبها ألمانى من أصل روسى متعصب، لغير سبب واضح إلا أنها كانت تمثل بحجابها وجودا غير مرغوب فيه للعناصر الأجنبية المهاجرة والإسلامية منها بصفة خاصة.
وقد شهدت معظم الدول الأوروبية خلال السنوات الأخيرة تدفقا مطردا للعمالة الأجنبية القادمة من أفريقيا وآسيا وشرق أوروبا، ومعظمهم من أصول إسلامية، ما لبثت أن أصبحت بمرور الوقت من الملامح الثابتة فى شوارع أوروبا ومجتمعاتها..
بملابسهم التقليدية وغطاء الرأس الذى لا يقتصر عند النساء على تغطية الشعر، وهم يجرجرون أطفالهم وراءهم كما فى المدن العربية.. يتحدثون بصوت عال بلغات ذات أصول ونغمات مختلفة من العربية إلى التركية إلى السواحلية وغيرها.. وجوه جديدة لم تكن مألوفة من قبل!
ومن الطبيعى أن تتقارب وتتآلف هذه العناصر فى تجمعات سكنية متجاورة. منخفضة التكاليف، متواضعة الحال، بحكم ما يمارسونه من حرف وأعمال صغيرة ذات دخول محدودة.
ناقلين معهم ثقافاتهم وعاداتهم واهتماماتهم بل وملبسهم ومأكلهم، وقد سمحت السلطات لهم فى معظم المدن الأوروبية بممارسة شعائرهم فى قاعات وزوايا أو ساحات قديمة مهجورة، لم تلبث مع استمرار واستقرار هذه العناصر التى أصبحت أساسا من أسس الحياة الاقتصادية فى أوروبا قوة اجتماعية. ونجحت فى الحصول على تراخيص لإقامة مساجد ودور للعبادة فى حدود ما تسمح به السلطات المحلية.
فى سويسرا وحدها أكثر من 150 مسجدا وزاوية وقاعة للصلاة، منها أربعة فقط ذات مآذن وقباب.. تستوعب نحو 400 ألف مسلم، يمارسون فيها جميعا شعائر الصلاة، وذلك من بين 7.5 مليون سويسرى.
وكما يبدو من الشعبية التى يتمتع بها حزب الشعب المتطرف، يسانده حزب دينى صغير أن سويسرا فشلت فى إقامة علاقات سلام ووئام مع المهاجرين فيها، على الرغم من أهميتهم الاقتصادية فى شعب تغلب على سكانه نسبة المسنين.. وفى متحف سويسرا الوطنى فى زيوريخ، افتتح فى أغسطس الماضى قسم حديث لتسجيل تاريخ نشأة الشعب السويسرى، اتخذ لنفسه شعارا: «لا أحد يبقى فى مكانه طوال الوقت» تأكيدا لتنوع الأعراق، ولما تمثله الهجرة من مغزى فى تاريخ سويسرا، وما تدعيه من احترامها لحرية العقيدة واختلاف الثقافات.. ولكنه مجرد متحف مثل غيره!

 وعلى الرغم من أن المآذن بحد ذاتها كشكل معمارى يعبر عن جلال المكان وروحانيته، ولا تعد انتهاكا لمشاعر الآخرين و لا تمثل عدوانا على ديانات أخرى.. فإنها فى سياق الأجواء الأوروبية الراهنة، المفعمة بالمخاوف والشكوك إزاء المسلمين، سرعان ما اتخذت رمزا لكل ما يوصمون به جهلا و افتراء من تطرف، وما تحمله أنباء العنف والقتل اليومى فى أنحاء عديدة من العالم، فالمئذنة أشبه بالصاروخ فى ألعاب الإنترنت المنتشرة فى سويسرا.
وقد لا نأبه نحن هنا لما تنقله شاشات التليفزيون ووسائل الإعلام يوميا، عن الأعمال الإرهابية وحوادث التفجير التى يذهب ضحيتها المئات فى باكستان والهند وأفغانستان واليمن، فضلا عن المنازعات الدامية بين السنة والشيعة.. هذه كلها تمثل غذاء يوميا لمشاعر الأوروبيين، تم تضخيمها وانتزاعها من جذورها الحقيقية التى يصنعها الغرب لأسباب سياسية.
ولا يخلو الأمر بعد ذلك من حكايات طريفة وأحداث مأساوية عن سوء معاملة المرأة وإهدار حقوقها فى مجتمعات إسلامية لمجرد مثلا أنها ارتدت البنطلون، أو لإرغامها على الحجاب أو النقاب.
ومع ما سببته الأزمة المالية من ضيق اقتصادى، ازدادت مشاعر العداء للأجانب والمهاجرين المسلمين، بسبب البطالة وتضاؤل فرص العمل.
ونحن نعرف فى مصر كيف تتوالد الحساسيات والمشاحنات من مشكلة بناء دور العبادة وسط كتل سكانية لا تنتمى إلى نفس العقيدة أو المذهب، ولهذا السبب تجتاح المجتمعات الأوروبية موجات العداء للمسلمين لأسباب سياسية أو اقتصادية تتخفى وراء المظاهر الدينية، على الرغم من انتشار العلماية وضعف الوازع الدينى. ومن ثم تبدو حكاية المآذن مثلها مثل مشكلة الحجاب فى فرنسا مجرد علّة أو ذريعة تستغلها الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة فى مداهنة الدهماء وكسب النفوذ السياسى. وبهذه الطريقة نجح حزب الشعب السويسرى فى الاستفتاء لحظر المآذن.
ولهذا السبب، تظل الأقليات المسلمة التى تريد أن تحافظ على وجودها وهويتها الدينية والثقافية فى هذه المجتمعات، مطالبة بأن تتجنب الصدام مع الأغلبية الأصلية التى تتخذ الشعارات والمبادئ لديها أشكالا مختلفة، وأن تسلك سلوك الأقليات الأخرى كالهنود والآسيويين وغيرهما، يمارسون شعائرهم الدينية فى هدوء ودون ادعاء أو محاولة فرض عاداتهم وتقاليدهم بالإكراه.. يرجح هذا الرأى ما يتفق عليه علماء المسلمين من أن المآذن ليست من أركان الإسلام وفروضه التى لا تصح الصلاة فى المسجد بغيرها.
وأميل شخصيا إلى الرأى الذى ذهب إليه الدكتور محمد عمارة. حين وصف رد الفعل حول مشكلة المآذن بالمبالغة. وقال: نحن نتمسح فى قضية معاداة البعض للإسلام، حتى نخلق وحدة صف وهمية.. وفى رأيه أننا مجتمع مهزوم لانفكر إلا فى الشكل ونبتعد عن الجوهر، ولا نجد غير القضايا التى تلفت الانتباه، مثل حكاية المآذن أو مباراة الكرة بين مصر والجزائر.
وفى رأى الدكتور عمارة أن السؤال هو: هل يؤثر قرار منع المآذن على الدعوة الإسلامية فى سويسرا؟.. وهل يمنع المسلمون فيها من التحدث لوسائل الإعلام؟.. أو ر فع قضايا إذا تعرضوا لاضطهاد دينى؟..
هذا هو لب القضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.