«البلدى يؤكل» هذه المقولة المصرية الخالصة التى تؤكد أن المصرييين يفضلون اللحوم البلدية.. اختفت خلال الموسم الحالى الذى أوشك على الانتهاء بعد أن شهد شهد أكبر زيادة فى سوق اللحوم البلدية التى تراوحت بين 5 جنيهات فى المجمعات وربما تجاوزت ال6 جنيهات أو أكثر لدى الجزارين وفقا للمناطق والأحياء المختلفة. اللحوم المجمدة دخلت على الخط واستوعبت جانب غير قليل من الطلب على اللحوم خاصة أن أسعارها تقل 50% عن اللحوم البلدية سواء للحوم الكندوز أو الضأن، والمفاجأة أن مستهلكى اللحوم المجمدة ليسوا فقط من الفقراء الذين تحول ظروفهم المادية دون الاقتراب من اللحوم البلدية، ولكن زبائن المجمد من اللحوم شملوا أيضا سكان الزمالك ومصر الجديدة ومدينة نصر الذين يشترونها «بالكراتين» بحسب دكتور أحمد الركايبى رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية التى تتبعها المجمعات الاستهلاكية وهو ما يعد بداية تغير النمط الاستهلاكى للمصريين من وجهة نظره. مبيعات المجمدة 50% «مبيعات اللحوم المجمدة تمثل 50% من مبيعات المجمعات من اللحوم» هذا ما يؤكده أحمد الركايبى مشيرا إلى أنه تشمل نوعيات عديدة تبدا أسعارها من 20 جنيها وتصل حتى 27 جنيها حسب النوعية لافتا إلى أن الأنواع التى تتعامل فيها المجمعات مستوردة من البرازيل المعروفة بجودة لحومها التى لا تقل عن اللحوم البلدية. زيادة الإقبال على اللحوم المجمدة أدت إلى تخصيص فروع بعينها للمجمعات لبيع هذه الأنواع، وفقا لما يقوله الركايبى الذى يؤكد أن الإقبال على هذه اللحوم فى الزمالك ومصر الجديدة أكبر من الإقبال على اللحوم البلدية التى يزيد الطلب عليها فى أحياء مثل شبرا والعباسية.. ويكشف الركايبى عن أن أحد فنادق الخمسة نجوم متعاقد مع الشركة القابضة لتوريد اللحوم المجمدة البرازيلية إليه وتوقع أن يكون المستقبل لهذه النوعية من اللحوم خاصة أن سعر اللحوم البلدية أصبح عاملا منفرا للمستهلك. المستورد لا يقل جودة اللحوم المجمدة المستوردة من البرازيل أو من أستراليا لا تقل جودة عن اللحوم البلدية إن لم تكن تفوقها تبعا لما يقوله د. فتحى النواوى أستاذ الرقابة الصحية بكلية طب بيطرى جامعة القاهرة فهى مذبوحة فى مجازر على مستوى كبير من النظافة كما أنها تعيش فى بيئة ذات مستوى ثقافى مرتفع فيما يتعلق بالصحة العامة وتخضع للفحوص والرقابة المستمرة كما أنها وهذا الأهم من وجهة نظر «النواوى» تباع بما يقل عن نصف ثمن اللحوم البلدية التى تحتوى على نسب من الدهون لا تقل عادة عن 150 جراما فى الكيلو وفيما يؤكد د. النواوى على ضرورة أن يكون المستهلك دور إيجابى فى مواجهة جشع المربين والجزارين من خلال الإقبال على هذه النوعية عالية الجودة من اللحوم ينصح المستهلك بضرورة شراء هذه اللحوم من المجمعات والأماكن المأمونة التى تقوم بنقلها وتداولها بطريقة آمنة ولديها أماكن عرض وتخزين مطابقة للمواصفات ويحذر فى نفس الوقت من الشراء من التجار وأصحاب المحال الذين يعروضون اللحوم بطريقة غير صحية وفى حالة غير مجمدة وهو ما يقلل من قيمتها الغذائية يعلل أستاذ الطب البيطرى رخص أسعار هذه اللحوم مقارنة باللحوم البلدية بأن تكلفة الإنتاج فى الدول المصدرة أقل كثيرا من مصر التى يرتفع فيها أيضا هامش الربح بشكل كبير وهو ما يقتضى تدخل الدولة وجهاز حماية المستهلك. وبينما يرى الدكتور عادل محمد سعودى رئيس قسم الرقابة الصحية على الغذاء بكلية الطب البيطرى أن المستهلك المصرى يفضل عادة اللحوم البلدية لغياب الثقة لديه فى إجراءات الاستيراد وآليات الرقابة عليها فى ضوء ما أثير عن صفقات الغذاء الفاسدة، يؤكد د. النواوى. على دور جمعيات حماية المستهلك فى توعية المستهلكين واستعادة هذه الثقة ومحاولة تغيير الأنماط الاستهلاكية مع القيام بدور فاعل فى مجال الرقابة على الاغذية خاصة اللحوم كما يرى أن الدولة يمكنها توفير الإمكانيات الخاصة باستيراد رءوس ماشية حية ويتم ذبحها فى الموانى وتباع مبردة لمواجهة الطلب على اللحوم الطازجة ويتطلب ذلك تشجيع القطاع الخاص على إنشاء مجازر حديثة تحت إشراف الدولة وإلزامها بتطبيق أنظمة الجودة وبحسب سعودى فإن الشركات المصرية التى تطبق أنظمة الجودة على الغذاء هى التى تصدر إلى الخارج أما المستوردة فلا تهتم كثيرا بتطبيق هذه النظم. الغذاء المفضل للشباب الأجيال الجديدة تقبل على استهلاك اللحوم المصنعة وهى فى الغالب منتجة من اللحوم المجمدة المستوردة وقد يكون ذلك تبعا للدكتورة سوسن الغزالى أستاذ الصحة والطب السلوكى والأستاذ الزائر بجامعة واشنطن مدخلا للتحول إلى هذه النوعية من اللحوم التى تتميز برخص سعرها رغم جودتها مشيرة إلى دراسة أجرتها فى هذا الصدد أشارت نتائجها إلى أن أكثر ما يفضله الشباب من غذاء هى الهامبورجر والكفتة والشاورما ومصنعات اللحوم بصفة عامة مشيرة إلى أن اللحوم المجمدة تجد إقبالا كبيرا بالفعل سواء من جانب الأسر الفقيرة كبيرة العدد التى لا تستطيع شراء اللحوم البلدية بأسعارها الحالية أو من جانب شرائح ذات مستوى مادى مرتفع جربت هذه اللحوم وعرفت مزاياها بينما هناك فئات كثيرة مازالت تتمسك بالبلدى وترى أن نصف كيلو منه «أبرك» من 5 كيلو مستورد ولكن رغم ذلك فالبعد الاقتصادى أحد العوامل المهمة المحددة للأنماط الاستهلاكية. طريقة التحضير مهمة فى ترويج استهلاك هذه اللحوم، بحسب سوسن الغزالى التى تؤكد أن المطاعم الكبرى وفنادق الخمس نجوم تستخدم اللحوم المجمدة المستوردة فى جميع أنواع الغذاء الذى تقدمه ومع ذلك يقبل عليها المستهلك الذى يرتاد هذه الأماكن فطريقة طهى هذه اللحوم مهمة جدا فى اجتذاب المستهلك. نتعامل مع البرازيلى إبراهيم الدسوقى نائب رئيس الشركة القابضة الغذائية يقول إن الشركة تتعامل مع اللحوم المستوردة من البرازيل وأستراليا وتتدرج أسعارها من 20.5 جنيه حتى 27 جنيها مقابل 38 جنيها للحوم البلدية مشيرا إلى أن الإقبال على اللحوم زاد بنحو 300% وقد شهدت اللحوم المجمدة إقبالا كبيرا من جانب المستهلكين خاصة مع توافر كل وسائل التداول والتخزين الآمن المطابق للمواصفات حيث قامت الشركة بتحديث كل وسائل التبريد بالمجمعات. دور حماية المستهلك جمعيات حماية المستهلك من جانبها أيدت ضرورة توعية المستهلك بدوره فى مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الكبير الذى حدث على مراحل خلال الشهور القليلة الماضية وقالت د. سلوى شكرى عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك ورئيس جمعية مصر الجديدة إنها سوف تتبنى حملة تستهدف تغيير الأنماط الاستهلاكية خاصة فى مجال اللحوم بهدف التحول إلى اللحوم المستوردة الأقل سعرا، وتطالب سعاد الديب نائب رئيس الاتحاد العربى للمستهلك ورئيسة الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك بضرورة قيام الدولة بتوفير اللحوم طوال أوقات العام وليس فقط أثناء الموسم بهدف العمل على توازن العرض والطلب منعا لزيادة غير مبررة فى الأسعار وبينما تؤكد سعاد الديب على أن المستهلك المصرى له طبيعة خاصة فى الاستهلاك تدفعه لتفضيل اللحوم البلدية تؤكد سلوى شكرى أن هذه اللحوم تجد إقبالا من جانب شرائح مختلفة فى المجتمع فى مقدمتها الفئات الفقيرة وتتفق سعاد الديب على ضرورة مواجهة جشع التجار أو الموردين من خلال التحول للسلع الأقل سعرا شريطة أن تكون على نفس مستوى جودة السلع الأخرى.. مشيرة إلى قرب انتهاء العيد الاضحى الذى يزيد فيه الإقبال أضعافا مضاعفة على اللحوم بعد أن خلف زيادة كبيرة فى الأسعار لن تتراجع مع تراجع الطلب عليها.