«كل شىء كان عاديا بدءا من وصول المشجعين المصريين مطار الخرطوم أمس الأول وحتى نهاية المباراة، وبعدها انقلب الأمر لمعركة حربية». هذا ما أكده مصدر دبلوماسى، فضل عدم نشر اسمه، فى روايته ل«الشروق». واتهم المصدر الحكومة الجزائرية بالتواطؤ مع مشجعى المنتخب الجزائرى والتحريض ضد مشجعى المنتخب المصرى. المصدر الدبلوماسى الذى سافر من القاهرة أمس الأول، مع مئات المشجعين المصريين، قال إنه وصل لمطار الخرطوم أمس الأول، فى الساعة الثانية عشرة ظهرا، وتوجه وغيره من المشجعين المصريين لمكان أعدته السفارة المصرية لاستقبالهم، وأضاف «دخلنا مكان به نحو 800 شخص». أما عن شوارع الخرطوم التى مر عليها فى طريقه من المطار إلى مكان استقبال المشجعين، فوصفها المصدر بالعادية، مشيرا إلى وجود مشجعين سودانيين يحملون الأعلام المصرية وآخرين يحملون الإعلام الجزائرية، وقال: «واضح أن الأعلام وُزعت من الجانبين المصرى والجزائرى». وأشار المصدر إلى توافد الجزائريين على الاستاد منذ العاشرة صباحا، إلا أن المشجعين المصريين وصلوا استاد المريخ فى نحو الساعة الرابعة والنصف مساء. وقال «وصلنا الاستاد الساعة 4.30 والأتوبيسات الخاصة بالجمهور المصرى كانت فى ناحية مخصصة للمصريين بعيدا عن الجزائريين». فى الوقت نفسه، أوضح وجود حالة من التخبط فى دخول الاستاد، الأمر الذى منع عدد من المشجعين المصريين الذين وصلوا الاستاد عقب الساعة الخامسة من الدخول لعدم وجود أماكن. وأشار المصدر إلى لجوئهم للسفارة المصرية بالخرطوم التى استقبلتهم لمشاهدة المباراة بمقرها. ورصد المصدر الأسباب التى أدت لوقوع الأزمة مع المشجعين الجزائريين، وأهمها التخبط بعد انتهاء المباراة حول المكان الذى يذهب إليه المشجعون المصريون، موضحا عدم وجود اتفاق حول المكان الذى يتجمع فيه المصريون ما بين المطار أو مكان آخر مُعد لاستقبالهم لحين اقتراب موعد إقلاع الطائرات. وقال: «كان يفترض أن يوفر الجانب المصرى قائدا لكل مجموعة، لكن الأمر فى النهاية كان عشوائيا والتنظيم فى الجانب السودانى ضعيف جدا». انتهى الأمر بالمصدر ورفاقه فى الأتوبيس إلى سيرهم وحيدين فى شوارع الخرطوم بصحبة موتوسكيل سودانى غير مجهز أو مسلح لحمايتهم، حتى إنه لا يعرف الطرق وكان يتوقف كل فترة ويسأل عن الطريق. ويقول المصدر: «انتهى بنا الحال للمرور وسط زحام شديد ومناظر غريبة للمشجعين الجزائريين الذين أحاطوا الأتوبيس وقذفوه بالطوب وكسروا لوحا زجاجيا كاملا مما أدى لإصابة ثلاثة مشجعين مصريين فى رأسهم»، وأشار إلى مشاهدته أتوبيسات أخرى زجاجها مهشم تماما. وأضاف «من حسن الحظ أن الطريق الذى سرنا فيه كان به قوة شرطة سودانية منعت المشاغبين الجزائريين من صعود الأتوبيس وتمكن السائق من السير فى طريق آخر». تمكن الأتوبيس من الوصول لمكان جهزه الحزب الوطنى لاستقبال المشجعين، وقال المصدر «انتهى بنا الأمر فى قاعة أفراح مجهزة من جانب الحزب الوطنى»، مشيرا إلى توفير مراتب على الأرض وسندوتشات. ويقول المصدر: «شعرنا بأمان بعد وصولنا لهذه القاعة بعدما علقنا فى شوارع السودان ساعتين هاربين من المشجعين الجزائريين». فى نحو الساعة الواحدة والنصف فجرا وبعد اتصالات أجراها المشجعون المصريون بالمسئولين فى مصر، وصلت 5 سيارات لقوات مسلحة سودانية اصطحبت المصريين للمطار. ويصف المصدر لحظات دخوله المطار ويقول: «دخلنا المطار من بوابة حديدية كانت مغلقة وفتحها عسكرى سودانى ولم يكسرها المصريون ودخلنا مباشرة على مهبط الطائرات وكنا نمشى بينها». ويؤكد أنه فى هذه الأثناء خلت الشوارع السودانية تقريبا من البشر، قائلا: «أخلوا الشوارع لتأميننا». ودافع عن دور السفارة مؤكدا أنها لم تتخاذل فى تقديم الخدمات للمشجعين المصريين، مشيرا إلى إقامة عدد من المشجعين فى بيوت الدبلوماسيين والعاملين بالسفارة. ووصف المصدر الدبلوماسى الأحداث بالمعركة الحربية، وقال: «اختيار السودان كان خطأ نظرا لمحدودية الإمكانات خاصة أن الجانب المصرى كان يتعامل مع الأمر على أنه مباراة وليس معركة حربية». وأضاف «نحن لم ندرك أننا نخوض معركة حربية وكنا نعتقد أننا متجهون لمشاهدة مباراة كرة قدم لكن الجمهور الجزائرى كان واضحا أنه ذهب لمهمة مختلفة تماما ولا أعلم ماذا كان سيحدث لنا إذا خسرت الجزائر المباراة». واعتبر المصدر أن بيان اعتذار من السفارة الجزائريةبالقاهرة والحكومة الجزائرية أمر مطلوب لتهدئة الأوضاع بين البلدين، خاصة أنه لم يستبعد وجود تواطؤ رسمى جزائرى فى هذه الأحداث. وقال: «رأينا طائرات عسكرية جزائرية لنقل الأفراد.. الحكومة الجزائرية هى التى أتت بهؤلاء الغوغاء». وتابع قائلا: إن المسالة ليست مجرد اعتذار عن تصرفات مواطنين لكن واضحا أن النية كانت مبيتة للإقدام على هذا الفعل وهو ما ظهر فى تصريحات وزير الشباب الجزائرى. وأكد المصدر الدبلوماسى أن الإعلام فى البلدين يجب أن يكون محلا للمساءلة الجنائية، لما أدى إليه من اعتداءات على البشر.